تلميحات تركية بضوء أصفر دولي لـ«المنطقة الآمنة» … أنقرة تبلغ واشنطن: «عملية برية» ضد «حماية الشعب» إذا لم تنسحب من منبج
| الوطن- وكالات
مع إغلاق الشريط الحدودي ما بين بلدتي جرابلس والراعي، بدأت تركيا والميليشيات التي تدعمها الضغط عسكرياً على تنظيم داعش من أجل تعميق هذا الشريط عند الراعي، وذلك استعداداً للتمدد من جرابلس باتجاه مدينتي منبج والباب. وأبلغت أنقرة واشنطن عزمها شن عملية عسكرية برية ضد ميليشيا «وحدات حماية الشعب» ذات الأغلبية الكردية إذا لم «تنسحب» من هذه المدنية إلى غرب نهر الفرات.
وتواصلت مساعي الاستخبارات التركية لزعزعة تحالف ميليشيا «قوات سورية الديمقراطية» المدعوم أميركياً، وشق الميليشيات العربية المسلحة عنه لتعريته، وإظهار أنه غطاء لميليشيا «حماية الشعب» الذراع العسكري لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي. وتعتبر أنقرة كلاً من «الاتحاد الديمقراطي» وميليشيا «حماية الشعب» امتداداً سورياً لـ«حزب العمال الكردستاني» المحظور في تركيا، والمصنف على اللوائح التركية للتنظيمات الإرهابية. مع ذلك تحدثت أنباء عن توصل السلطات التركية إلى اتفاق مع «الإدارة الذاتية» في عين العرب بريف حلب الشمالي الشرقي، والتي يقودها «الاتحاد الديمقراطي»، بشأن جدار عازل تبنيه تركيا على الحدود مع سورية.
ونجحت واشنطن قبل نحو عشرة أيام في احتواء معارك جرت في ريف جرابلس الجنوبي بين الجيش التركي والميليشيات المدعومة من قبله، من جهة، ومسلحي ميليشيا «مجلس جرابلس العسكري» المدعوم من ميليشيا «قوات سورية الديمقراطية»، من جهة أخرى. وحرض المسؤولون الأميركيون جميع الأطراف على قتال تنظيم داعش خوفاً من أن يصب القتال بين حلفاء واشنطن لمصلحة التنظيم. واقتضى الترتيب الذي توصل إليه المسؤولون الأميركيون بوقف المعارك وانسحاب مسلحي ميليشيا «مجلس جرابلس العسكري» إلى منبج، والتعهد مجدداً أمام الأتراك بانسحاب ميليشيا «وحدات حماية الشعب» من المدينة. ولا تكتفي تركيا بالمعروض أميركياً بل تطالب بخروج ميليشيا «الديمقراطية» بالكامل من منبج. ويبدو أن فسحة التهدئة التي نجحت الجهود الدبلوماسية الأميركية في تأمينها حول هذه المدينة شارفت على نهايتها بعد وصل الشريط الحدودي ما بين جرابلس والراعي.
وتباحث وزيرا الدفاع الأميركي آشتون كارتر والتركي فكري إيشك هاتفياً أمس حول «آخر التطورات المتعلقة بعملية درع الفرات التي تقودها قوات الجيش الحر بمساندة من تركيا وقوات التحالف الدولي»، حسبما ذكر موقع «ترك برس».
ووفقاً للموقع فقد توعد إيشك خلال المباحثات مع كارتر أن «تشن بلاده عملية عسكرية برية ضدّ عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي الموجودين في مدينة منبج في حال لم ينسحبوا إلى غربي نهر الفرات».
وسيتناول الوزيران على هامش اجتماع الأمم المتحدة لحماية السلام المنعقد في العاصمة البريطانية لندن الأسبوع المقبل، تفاصيل مجريات الأحداث في شمال سورية والخطوات التالية التي سيتم الإقدام عليها ضمن إطار عملية «درع الفرات»، التي أطلقتها تركيا قبل نحو أسبوعين.
ويأتي اجتماع كارتر إيشك بعد لقاء الرئيسين الأميركي باراك أوباما والتركي رجب طيب أردوغان على هامش قمة مجموعة دول العشرين في مدينة هانغتشو الصينية. وحرص أوباما على التقارب مع أردوغان بعد التوتر الذي ساد علاقات البلدين على خلفية الموقف الأميركي الفاتر تجاه محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف شهر تموز الماضي.
وأعلن أردوغان أول من أمس أنه أعاد طرح إنشاء «منطقة آمنة» في شمال سورية لإسكان اللاجئين على زعماء الدول الكبرى خلال قمة هانغتشو، ومن هؤلاء الرئيس الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين. وبطريقة مبطنة أشار أردوغان إلى تحرك في المواقف الدولية من هذا المطلب التركي المزمن، إذ لفت إلى أن الدول الكبرى «لم تعترض» عليه، وإن كانت «لم تتخذ إجراءات من أجل إنشائها».
وأعاد المتحدث باسم الرئاسة التركية التأكيد أمس على ما صرحه أردوغان من الصين. وقال إبراهيم كالين لشبكة «إن. تي. في» التلفزيونية التركية إن القوى العالمية لم تستبعد فكرة تركيا بشأن إقامة «منطقة آمنة» في سورية لكنها لم تبد إرادة واضحة لتنفيذ هذه الخطة. وكانت الدول الغربية وروسيا صريحة في رفضها هذا المطلب سابقاً. وتوحي تصريحات المسؤولين الأتراك أن مواقف القوى الكبرى انتقلت من الضوء الأحمر (المعارضة) بخصوص إنشاء المنطقة الآمنة إلى الأصفر (عدم الممانعة)، وإن لم تكن بعد وصلت إلى الضوء الأخضر (الموافقة) على المنطقة الآمنة.
من جهة أخرى، لفت كالين في تصريحاته التلفزيونية التي نقلتها وكالة «رويترز» للأنباء، إلى أن أردوغان يدفع باتجاه خطة مبدئية لوقف إطلاق النار في حلب لمدة 48 ساعة ثم تمديدها خلال عطلة عيد الأضحى التي تبدأ يوم الأحد المقبل.
وقال قيادي في ميليشيا «السلطان مراد» التي تنطوي تحت لواء عمليات «درع الفرات» المدعوم تركياً: إنهم يرغبون في إقامة «منطقة آمنة» على المناطق الحدودية التي تستعيدها «المعارضة» من داعش، لكنه شدد على أن ذلك يتطلب اتفاقاً بين روسيا وتركيا والولايات المتحدة. ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن أحمد عثمان قوله: إن «المعارضة المدعومة من تركيا ستجبر قريباً على مواجهة مقاتلين أكراد (حماية الشعب) لأنهم لم ينسحبوا من المنطقة بناء على مطالبات من الولايات المتحدة وتركيا».
وسبق لقياديين في «وحدات حماية الشعب» والإدارة الذاتية التابعة لـ«الاتحاد الديمقراطي» أن أعربوا عن رفضهم الانسحاب من مدينة منبج، على الرغم من تأكيدات المسؤولين الأميركيين أن عناصر الوحدات انسحبت من المدينة «إلى حد كبير». كما ضغطت «الوحدات» على الميليشيات العربية في تحالف ميليشيا «الديمقراطية» من أجل عبور نهر الفرات إلى منبج من أجل تدعيم مواقع التحالف هناك، استعداداً لأي هجوم من المليشيات المدعومة من الجيش التركي.
دفعت هذه الضغوط بعض الميليشيات إلى الانشقاق عن ميليشيا «الديمقراطية»، بالترافق مع مساعي الاستخبارات التركية لتشكيل ميليشيات مسلحة في ريفي الرقة والحسكة لقتال ميليشيا «وحدات حماية الشعب» وجعلها موزعة ما بين مراكز نفوذها الأساسية ومنبج.
في المقابل، توصلت «الإدارة الذاتية» في عين العرب إلى اتفاق مع السلطات التركية في الجانب المقابل من الحدود، يقضي بتغيير موضع الجدار الذي تبنيه السلطات التركية داخل المدينة، وإنهاء اعتصام أهالي عين العرب على الحدود التركية بمحاذاة المدينة.