سورية

قبل يوم واحد من اجتماع لافروف كيري.. تحذير روسي من «لعبة أميركية مزدوجة» … موسكو: الاتفاق مع واشنطن يؤسس «آلية مشتركة» لمحاربة الإرهاب وتسوية الأزمة وفقاً للقانون الدولي

| الوطن – وكالات

في وقت كانت موسكو تبدد أجواء التشاؤم التي زرعتها أوساط في وزارة الخارجية الأميركية حول المفاوضات على اتفاق جديد بين الدولتين بشأن سورية، يؤسس لـ«آلية مشتركة» كفيلة بمحاربة الإرهاب في هذه الدولة وتحقيق تسوية متكاملة لأزمتها تتوافق مع أحكام القانون الدولي، كان وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر يتحدث عن أنباء «غير مشجعة» قادمة من الميدان السوري، محملاً روسيا «المسؤولية» عن عواقب إخفاق المحادثات.
وتوصل الخبراء الروس والأميركيون إلى صياغة أولية للاتفاق كان من المفترض أن يتم الإعلان عنها الأحد الماضي من وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري. لكن الأميركيين اتهموا الروس بالتراجع عن بعض النقاط الواردة في الاتفاق.
ولم تنجح عدة لقاءات مكثفة وعشرات الاتصالات الهاتفية بين لافروف وكيري في الإعلان عن النص النهائي للاتفاق، الذي حمل مسودته الأولية وزير الخارجية الأميركي إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منتصف شهر تموز الماضي. ولم تسفر محادثات بوتين مع نظيره الأميركي باراك أوباما «المطولة» على هامش قمة دول العشرين في الصين، سوى عن إحراز تقدم بسيط باتجاه حصر الخلافات في الجانب التقني. واتفق الزعيمان على مواصلة العمل وأوعزا لوزيري خارجيتهما بالاجتماع هذا الأسبوع من أجل تجاوز «الصعوبات التقنية».
وأعلنت الخارجية الروسية، بحسب موقع «روسيا اليوم»، أمس أنه تجرى حالياً دراسة إمكانية عقد اجتماع لافروف كيري «خلال الأيام المقبلة» (سيعقد اليوم الخميس وغداً الجمعة). وتوقع نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف أن يعقد اجتماع لافروف وكيري «في وقت قريب جداً»، مشيراً إلى وجود اتصالات دبلوماسية بين روسيا والولايات المتحدة من أجل تحديد موعد الاجتماع. ولم يستبعد مشاركة المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا في اجتماع لافروف كيري، مبيناً أن ذلك «سيعتمد على المكان الذي سيكون فيه دي ميستورا»، وأضاف: «إذا كان (دي ميستورا) أثناء اللقاء في جنيف، فقد يكون قادراً على الانضمام إلى الاجتماع في مرحلة ما منه».
وشكك غاتيلوف في إمكانية استئناف الحوار السوري السوري في جنيف، قبل إجراء المناقشات حول الأزمة السورية المقررة في مجلس الأمن أواخر الشهر الجاري، مبيناً أن برنامج عمل المجلس «مكتظ بسلسلة كاملة من الفعاليات» حول هذه الأزمة. وقال: «منذ البداية، دعينا إلى ضرورة استئناف مبكر للجولة القادمة من المحادثات السورية السورية، وما يحدث الآن بين روسيا والولايات المتحدة سيسهم بطبيعة الحال في تسريع اتخاذ القرار من دي ميستورا».
وفي هذا السياق، أكدت الخارجية الروسية أن الخبراء الروس يواصلون العمل مع شركائهم الأميركيين على نص الاتفاق، الذي سربت الأجهزة الأميركية المتنافسة أجزاء واسعة منه. وينص الاتفاق، بحسب التسريبات الأميركية، على إعلان هدنة في مدينة حلب تتيح إنشاء منطقة منزوعة السلاح حول طريق الكاستيلو وإدخال مساعدات أممية من تركيا عبر الكاستيلو إلى المدينة. وتمهد هذه الهدنة في حال نجاحها لوقف إطلاق نار شامل على مستوى البلاد. تتعهد روسيا بمنع طائرات سلاح الجو السوري من قصف مواقع المعارضة، وتلزم طائراتها بعدم إتباع تكتيك القصف العشوائي، على أن يلي ذلك إنشاء مركز أميركي روسي لتبادل المعلومات لضرب مسلحي تنظيم داعش وجبهة النصرة.
وأوضحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا أن عمل الخبراء الروس والأميركيين يركز على «صياغة آلية ستسمح بالشروع في محاربة الخطر الإرهابي»، مشيرةً إلى أن الهدف النهائي من هذه الآلية هو «تحقيق تسوية متكاملة للأزمة في سورية على أساس أحكام القانون الدولي». وأضافت زاخاروفا في مقابلة مع وكالة «روسيا 24» الروسية للأنباء: «يعمل خبراؤنا بمثابرة. عندما يتوصل الخبراء إلى نتائج أولية تتراكم بموازاة ذلك مسائل عالقة من المستحيل حلها على مستوى الخبراء. لذلك، تجري اتصالات على مستوى أرفع، مثل وزيري الخارجية». وأوضحت أن اللقاءات بين لافروف وكيري ركزت على التنسيق بشأن المسائل الأكثر حدة وتعقيداً.
واعتبرت أن التسريبات الصحفية حول نيات واشنطن الانسحاب من المفاوضات في أي لحظة ليست إلا صنيعة صحفيين «غير نزيهين» أو محاولات من بعض ممثلي النخبة السياسية الأميركية لاستخدام وسائل الإعلام لتحقيق أهداف سياسية ما.
واستبعد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريكابوف إخفاق المفاوضات الدائرة مع واشنطن حول صياغة اتفاق جديد بشأن الهدنة بسورية. ولفت إلى أن «الطرفين باتا قريبين جداً، لكن أهمية المسألة وحساسية الموضوع لا تسمح بالتنبؤ بالدقة حول الجهود المستقبلية التي سيتطلبها التوصل إلى هذا الاتفاق». وأكد أن «الفرق بين مواقفنا (الروس والأميركيين) بات بسيطاً. ويمكننا تجاوزه في حال توفر الإرادة السياسية».
وفي تصريحات لوكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء، أشار ريكابوف إلى أن روسيا أبدت «الإرادة السياسية المطلوبة»، وأوضحت موقفها تماماً على لسان رئيسها على هامش قمة العشرين في الصين.
وإذ أكد أن وزارة الخارجية الروسية على اتصال دائم بالشركاء الأميركيين، حذر ريباكوف واشنطن من ممارسة «لعبة مزدوجة»، مستدلاً عليها مما وصفه بـ«تصريحات مثيرة للقلق» تصدر عن «مسؤولين مجهولين» في الإدارة الأميركية حول كون المفاوضات «معلقة بقشة»، وأيضاً من تسريب نص الرسالة التي بعث بها المبعوث الأميركي إلى سورية مايكل راتني إلى قادة الفصائل المسلحة.
واستطرد ريابكوف قائلاً: «يثير ذلك لدينا أسئلة مشروعة. ويجب علينا أن نتأكد مما يقف، فعلاً، وراء تأكيدات الإدارة الأميركية حول استعدادها لعقد الاتفاق». وحذر من «صعوبة التوصل إلى اتفاق في مثل هذه الظروف».
وعلى الرغم من إعلان الخارجية الأميركية أمس الأول عن «تحقيق تقدم في المحادثات مع روسيا»، وإن لم يتوصل البلدان إلى اتفاق «بعد»، أبدى وزير الدفاع الأميركي تشاؤماً بإمكانية التوصل إلى اتفاق. ولفت أمام طلاب بجامعة أوكسفورد في إنكلترا، حسبما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء، إلى أن دبلوماسيين أميركيين يحاولون إقناع روسيا باتخاذ خطوات نحو الاتفاق على وقف حقيقي لإطلاق النار في سورية، ودفع النظام السوري باتجاه التحول السياسي، لكنه اعتبر أن الأنباء الواردة من سورية «غير مشجعة»، وأضاف: «الخيار لروسيا.. والعواقب هي التي ستتحمل مسؤوليتها».
وسبق للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر أن أكد أن بلاده «لن تقبل بأقل من اتفاق مثالي»، موضحاً أن واشنطن «تحتاج إلى نهج واضح نحو تحقيق وقف الاقتتال في أرجاء البلاد، من أجل الوصول إلى اتفاق بشأن سورية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن