سورية

موسكو تحذر أنقرة: عملياتكم تعقد الوضع وتؤثر سلباً في جهود صياغة أساس للتسوية السورية … واشنطن تجدد رفضها لـ«الآمنة».. وأوباما يقترح عملاً مشتركاً أميركياً تركياً بخصوص الرقة.. وأردوغان يوافق

| الوطن – وكالات

لم تكد أنقرة تعلن استعدادها لتلبية مقترح أميركي بعمل مشترك لاستعادة مدينة الرقة من يد تنظيم داعش، حتى دعت روسيا تركيا إلى «الامتناع» عن أي خطوات من شأنها أن تؤدي إلى المزيد من زعزعة الاستقرار في سورية، وحذرتها من أن عملياتها العسكرية داخل سورية قد «تعقد» الوضع العسكري السياسي «الصعب» في هذه الدولة، وتؤثر «سلباً» في الجهود الدولية الهادفة إلى الاتفاق على أساس للتسوية السورية.
ويصل إلى العاصمة التركية الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» ينس ستولتنبرغ، وذلك على وقع الرفض الأميركي المتجدد لمطلب أنقرة المزمن إقامة منطقة آمنة شمال سورية.
وكشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن نظيره الأميركي باراك أوباما طرح فكرة عمل مشترك مع تركيا للسيطرة على مدينة الرقة، الواقعة تحت نفوذ من داعش. وقال للصحفيين على طائرته أثناء عودته من قمة مجموعة العشرين في الصين: «أوباما يريد أن نقوم بشيء معاً فيما يتعلق باستعادة الرقة».
وأوضح أردوغان بحسب تصريحات نشرتها صحيفة «حرييت» التركية، ونقلتها وكالة رويترز» للأنباء، أنه أبلغ نظيره الأميركي موافقته على مقترحه. وقال: «أعلنا من ناحيتنا، أننا ليس لدينا مشكلة في ذلك وقلنا فليجتمع جنودنا معاً وسيتم عمل كل ما يتطلبه الأمر». مع ذلك، أبدى أردوغان حذره تجاه المقترح الأميركي. وقال: إن أي دور تركي بموجب مقترح أوباما يجب أن يحدد في محادثات أخرى، إلى جانب المحادثات العسكرية. وأضاف: «لكن، في هذه المرحلة، يجب أن نثبت وجودنا في المنطقة (ريف حلب الشمالي بين بلدتي جرابلس وإعزاز). ليس بإمكاننا أخذ خطوة إلى الوراء. إذا أخذنا خطوة إلى الوراء فستستقر هناك جماعات إرهابية مثل داعش وحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وحدات حماية الشعب الكردية».
تصريحات أردوغان جاءت عشية إعلان «الناتو» أن أمينه العام سيبدأ اليوم أول زيارة لتركيا منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز الماضي. وأشار الحلف إلى أن ستولتنبرغ سيلتقي خلال زيارته، يومي الخميس والجمعة، الرئيس التركي ورئيس الوزراء بن علي يلدرم ووزيرَي الخارجية مولود جاويش أوغلو والدفاع فكري إشيك.
من جهة أخرى، أكد الرئيس التركي أن بلاده لا تواجه أي صعوبات لدى التعاون مع واشنطن في سياق إجرائها عملية «درع الفرات» في شمال سورية. ووصف التعاون مع الأميركيين خلال العمليات في منطقة الراعي بأنه «مريح»، مؤكداً استمرار التعاون التركي الأميركي في سياق العمليات بجرابلس.
إلا أن البيت الأبيض نفى أن يكون قد غير موقفه الرافض لمقترح تركيا إقامة منطقة آمنة في شمالي سورية، وواصل تمسكه بـ«المنطقة المطهرة» من داعش. وقال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بن رودس إن الإدارة الأميركية لا تعتقد أن إنشاء منطقة حظر طيران في سورية، سيحل المشكلات الرئيسية هناك. وشدد رودس على أن الولايات المتحدة، ترغب في استخدام مواردها لمحاربة داعش وجبهة النصرة. وبدا حذراً اتجاه عملية «درع الفرات» إذ قال: «في حال نجاح القوات التركية، وقوات المعارضة السورية، مع الدعم اللوجستي والجوي الأميركي، في إغلاق هذه المنطقة (جرابلس الراعي) من الحدود، سنكون حققنا فوزاً كبيراً في مواجهة داعش».
في الغضون، وصف المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» جيف ديفيس «عملية (ميليشيا) الجيش الحر» لتطهير المناطق السورية الحدودية المحاذية لتركيا، بـ«التطور المهم جداً والإستراتيجي» في الحملة على تنظيم داعش.
وسيطرت ميليشيا «قوات سورية الديمقراطية»، المدعومة أميركياً، على مدينة منبج في شهر تموز. وما أن بدأت عملية «درع الفرات» التركية بين جرابلس والراعي في ريف حلب الشمالي، حتى اصطدمت الميليشيات المدعوم تركياً بميليشيا «الديمقراطية» حول جرابلس. لكن المعارك توقفت بناء على وساطة أميركية تكللت بانسحاب «الديمقراطية» من محيط جرابلس، ومطالبة واشنطن عناصر «حماية الشعب» بالانسحاب من منبج وذلك بناء على تعهد قديم قدمته الإدارة الأميركية لأنقرة. وتصر تركيا على أن تكون منبج ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات المدعومة منها.
وفي هذا الصدد، كشفت صحيفة «يني شفق» التركية، أن أوباما أبلغ أردوغان أن «الوحدات» «انسحبت من مدنية منبج إلى شرق نهر الفرات بشكل كامل، وبقيت هناك فقط قوات عربية تابعة لـ«الديمقراطية»، فرد عليه الرئيس التركي بالقول: «إذاً سيدخل الجيش السوري الحر إلى منبج من دون اشتباك».
ولا تزال التصريحات الأميركية متضاربة بشأن انسحاب «حماية الشعب» التي تشكل عماد «الديمقراطية»، من منبج باتجاه مناطق شرق نهر الفرات.
وبينما أكد المتحدث باسم «البنتاغون» أن جميع عناصر «الديمقراطية» غادرت مناطق غربي الفرات، شدد المتحدث باسم الخارجية الأميركية على أن العناصر الكردية داخل «الديمقراطية» ستنسحب إلى شرق الفرات، كما أكد ضرورة أن يتولى السكان المحليون إدارة منبج التي تم تحريرها من يد داعش.
وذكر مارك تونر أن مبعوث أوباما إلى التحالف الدولي لمكافحة داعش بريت ماكغورك، التقى قادة الميليشيات المختلفة في «الديمقراطية»، كما عقد لقاءات في ألمانيا وتركيا، أكد خلالها الدعم الأميركي لهذه القوات في مواجهة داعش، وأهمية وفاء القوات بالتعهدات التي قطعتها.
وبعد يوم من إعلان المتحدث باسم الرئاسة التركية من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ نظيره التركي أن عملية «درع الفرات» التي بدأتها أنقرة في سورية منذ أسبوعين تحظى «بدعمه الكامل»، أعربت وزارة الخارجية الروسية عن «قلقها البالغ» من توغل القوات التركية والميليشيات السورية المدعومة من أنقرة في عمق الأراضي السورية، في رد غير مباشر على ما يبدو على إعلان أردوغان. وذكّرت الوزارة في بيان لها أمس أن هذه العمليات العسكرية تجري بلا تنسيق مع السلطات السورية الشرعية ومن دون تفويض من مجلس الأمن الدولي، وبذلك «تُوضع سيادة سورية ووحدة أراضيها في خانة الشك».
وكان بوتين أوضح في ختام قمة العشرين أن بلاده مطلعة على تفاصيل مجريات العملية العسكرية التركية في شمالي سورية، لكنه أضاف: «لا يمكننا أن نكون واثقين مئة بالمئة من أهداف أحد».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن