«غلطة» مقصودة!..
| رفعت البدوي
الحديث عن الاتفاق الأميركي الروسي بشأن الوضع في سورية ملأ وسائل الإعلام والشاشات وأشبع تحليلاً وتفنيداً اختلفت الآراء بين متشائم ومتفائل بجدية الاتفاق رغم بعض العثرات التي أعاقت البدء بتنفيذه، التطور اللافت في الاتفاق هو اقتران البنود بروزنامة تؤرخ مراحل التنفيذ لكن اللافت أيضاً أن الاتفاق بحد ذاته لا يتضمن آلية واضحة تضمن تنفيذه.
إن ما حصل في منطقة الكاستيلو كان واضحاً لجهة عدم قدرة أميركا على الالتزام بتعهداتها الشفهية منها أو المكتوبة علنية كانت أم سرية، الجيش العربي السوري التزم حرفياً بكل بنود الاتفاق باعثاً برسالة قوية وواضحة للعالم كله أن مدرسة الرئيس حافظ الأسد ملتزمة بتنفيذ واحترام بنود أي اتفاق تتقبله الحكومة السورية بشكل دقيق ومرن، مع دنو تنفيذ الاتفاق الروسي الأميركي برزت أمور عده تفيد أن أطرافاً عدة داخل الإدارة الأميركية نفسها بالاشتراك مع حلفائها الإقليميين ولاسيما السعودية وقطر وإسرائيل لا تريد نجاح الاتفاق واضعة العراقيل المفتعلة لإعاقة عملية البدء بتنفيذ ما اتفق عليه الجانبان الأميركي والروسي والالتزام بمضمونه، بالعودة لمسلسل المواجهات في الجبهة الجنوبية في القنيطرة والجولان المحتل امتداداً إلى محور جوبر في محاولة للتقدم نحو أطراف العاصمة دمشق إضافة إلى جبهة ريف حماة وحمص. أما تركيا التي تمارس لعبة الرقص على الحبال والتناقضات بدت وكأنها تنتظر بروز مؤشرات ترجيح الجهة أو الكفة الرابحة التي تتماشى مع مصالحها للوقوف إلى جانبها والسير معها.
القرار السوري بإطلاق الصواريخ المضادة على الطائرات الحربية الإسرائيلية في الجبهة الجنوبية جاء تعبيراً عن رسالة سورية روسية مشتركة مفادها أن لا مجال لتغيير قواعد اللعبة في تلك الجبهة أو غيرها لمصلحة التنظيمات الإرهابية حتى لو أدى القرار السوري إلى نشوب حرب وخوضها ضد العدو الإسرائيلي.
مكتب الأمن القومي الأميركي المتمثل بوزير الدفاع آشتون كارتر وتشاك هيغل وبعض الصقور في البنتاغون أعلنوا صراحة عن رفضهم لاتفاق التهدئة، فتمسكت بمبدأ إدخال المساعدات الإنسانية القادمة عبر الحدود التركية إلى القوى المحاصرة في شرق حلب لكن من دون تفتيش ما يشي بوجود نية مبيتة لإعادة سيناريو الهدنة السابقة في شباط الماضي عندما التزمت سوريه وروسيا بالهدنة فتعرضت روسيا لخديعة أميركية ما أفسح في المجال لإعادة تجميع التنظيمات المسلحة في تلك المنطقة من حلب وتسليحها من جديد، ولو كانت النيات الأميركية جدية في إمداد المدنيين في حلب بالمساعدات الإنسانية فما المانع من التأكد من محتواها.
الموقف الأميركي المتملص من تعهداته والتزامه ببنود الاتفاق أمر ليس بالجديد لكن الجديد هو دخول أميركا بشكل مباشر على خط التعطيل ونسف ما اتفق عليه ما يقودنا للتأكد من أن أجنحة الإدارة الأميركية تعيش حال من التخبط وتجاوزاً للصلاحيات خدمة لمصالح العدو الإسرائيلي والحلفاء من عرب الخليج الذين لا يريدون لأي حل سياسي في سوريه أن يكتب له النجاح بالعمل على إطالة أمد الأزمة السورية بهدف إنهاك الدولة والجيش في سورية.
الغارة الأميركية على مراكز الجيش العربي السوري في دير الزور التي أدت إلى سقوط أكثر من 62 شهيداً وحوالى مئتي جريح من الجيش السوري لم تكن مصادفة أو خطأ عسكرياً كما ادعت وزارة الدفاع الأميركية بل إن قرار تنفيذ الغارة الأميركية جاء من أعلى مراكز القرار السياسي والعسكري الأميركي وهي صفعة أميركية موجهة إلى روسيا تحديداً مفادها أن لا حسم ولا تعريب ولا تعريف للتنظيمات الإرهابية العاملة في سورية وأن المشروع الأميركي بتفتيت المنطقة لم يزل قائماً.
روسيا تريد التحرك بغطاء شرعي دولي تمهيداً لانتزاع قرار أممي بتثبيت الهدنة في سورية تمهيداً لإجراء محادثات سورية سورية تفضي إلى سلام دائم على حين أميركا لا تأبه لأي قرارات دولية إلا ما يسخر منها لخدمة مصالحها ومصالح إسرائيل.
بيان الخارجية الروسية القاضي بتوجيه الاتهام المباشر للولايات المتحدة بدعم داعش والإرهاب يشي بأننا أمام مرحلة جديدة من التأزم وكشف المزيد من المستور، يقال إن غلطة الشاطر بألف وأميركا غلطت عن قصد أما الرد الروسي على الصفعة الأميركية سيكون بألف وأفضل السبل والساحات للرد هو التقدم في الميدان الذي يبقى صاحب الكلمة الفصل.