سورية

كيري ولافروف يختبران اتفاقهما بعد انتهائها.. واجتماع غير حاسم لمجموعة دعم سورية .. تلويح أميركي بإعادة النظر في آفاق التعاون مع روسيا.. والكرملين ربط إحياء الهدنة بوقف هجمات المسلحين وطيران التحالف على الجيش السوري

| الوطن – وكالات

اختبر وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري تفاهمهما حول سورية بعد إعلان الجيش العربي السوري انتهاء الهدنة، وهو ما رفضت واشنطن القبول به، معتبرةً أن موسكو فقدت السيطرة على دمشق، وملوحةً بإعادة النظر في آفاق التعاون مع روسيا، في حين اعتبر الكرملين أن الأمل في إنعاش الهدنة «ضعيف»، وإن أكد أن إحياءها لا يتطلب سوى «توقف الإرهابيين عن مهاجمة الجيش العربي السوري».
ولا يزال الاتفاق الروسي الأميركي غارقاً في حلقة مفرغة، فالروس يتهمون الأميركيين بعدم الإيفاء بالتزاماتهم فيما يتعلق بفصل «المعتدلين» عن جبهة النصرة، والأميركيون يتهمون الروس بعدم الضغط على الحكومة السورية بشكل كاف من أجل إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق «المحاصرة» وعلى رأسها الأحياء الشرقية لمدينة حلب، الواقعة تحت سيطرة المسلحين. وجاءت الغارة الأميركية على مواقع الجيش العربي السوري في دير الزور، واحتراق شاحنات المساعدات الإنسانية التي وصلت إلى بلدة أورم الكبرى بريف حلب الشمالي لتزيد من التوتر بين واشنطن وموسكو.
وعقد لافروف وكيري اجتماعاً ثنائياً وراء الأبواب المغلقة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وذلك قبل انعقاد الاجتماع الوزاري لمجموعة الدعم الدولية لسورية، والذي أجرى تقييماً للوضع في سورية وللاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الولايات المتحدة وروسيا قبل نحو عشرة أيام.
وبعد اجتماع المجموعة الدولية، الذي لم يخرج بقرار حاسم وقرر خلاله الوزراء عقد اجتماع ثان بعد غد الجمعة، وقال كيري إن «اتفاق وقف إطلاق النار في سورية لم يمت»، في حين بدا نظيره الفرنسي جان ماري أيرولت متشائماً إذ صرح للصحفيين أن الاجتماع كان درامياً. وأضاف «لا أستطيع القول إننا سننقذ اتفاق وقف إطلاق النار». في المقابل، أكد وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند أن الاتفاق الروسي الأميركي هو الخيار الوحيد لإنهاء العنف في البلاد.
ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن مصدر دبلوماسي روسي أن بلاده مستعدة لمواصلة العمل على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في سورية.
وسبق لوزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أن قال وهو متوجه إلى الاجتماع الذي ترأسه لافروف وكيري: إن على القوى العالمية أن تدرس إن كان هناك سبيل للعودة إلى المفاوضات بشأن هدنة في سورية «أم إن الأمر أصبح ميئوساً منه».
في موسكو قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إنه لا يوجد أمل يذكر في تجديد الهدنة في سورية، مؤكداً أن الوضع في هذه الدولة مصدر قلق كبير لروسيا. وأشار إلى أن استئناف الهدنة متوقف على تحقيق «شرط بسيط جداً» يتمثل في «ضرورة أن يوقف الإرهابيون إطلاق النار على القوات المسلحة السورية»، وأضاف في تصريحات نقلتها قناة «روسيا اليوم» «يتعين على الجانب الأميركي ألا يقصف السوريين بالصدفة»، في إشارة إلى ما جرى في دير الزور.
وذكّر بيسكوف بأن «جبهة النصرة» بدأت هجوماً مضاداً الاثنين في عدد من مناطق سورية واضطرت القوات السورية للرد على هذه الخطوات، مشيراً إلى أن الجيش العربي السوري كان الجهة الوحيدة التي التزمت بشروط الهدنة. وأشار إلى أن «النصرة» استغلت فترة الهدنة، «من أجل التزود بالأسلحة وإعادة نشر صفوفها». وأكد أن «مثل هذه الخطوات تهدد بطبيعة الحال عملية (التسوية في سورية) بأكملها».
وألمح إلى أن واشنطن «فشلت» في الفصل بين «المعارضة المعتدلة» والإرهابيين خلال المهلة التي تعهدت بها بموجب الاتفاق الروسي الأميركي. وقال: «للأسف يمكننا أن نعلن.. أن رفاقنا الأميركيين أخفقوا في فصل الإرهابيين عما يسمى بالمعارضة المعتدلة»، وأشار إلى وجود «فترة معينة» تعين على الأميركيين خلالها الفصل بين المعارضة والإرهابيين، دون أن يوضح ما إذا انتهت هذه الفترة.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة لا تزال ترفض الكشف عن تفاصيل الاتفاق الروسي الأميركي حول سورية، ولذلك لا تقوم موسكو بالكشف عنها من جانب واحد.
وكانت واشنطن قد أبدت غضبها حيال ما قالت إنه قصف للمساعدات الإنسانية في اورم الكبرى. هذا الموقف الأميركي جاء بعد أن رفضت الدبلوماسية الأميركية إعلان الجيش انتهاء الهدنة معتبرةً أن إعلانها جاء نتيجة اتفاق روسي أميركي وأبدت استعداداً لتمديدها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي في بيان إن بلاده «غاضبة» وإنها ستثير مسألة «قصف قافلة مساعدات أورم الكبرى» بشكل مباشر مع روسيا. ولوح كيربي بإعادة النظر أميركيا في آفاق التعاون مع روسيا، الذي كان يفترض أن يحصل بين واشنطن وموسكو بموجب اتفاق جنيف الذي أرسى الهدنة في سورية. وقال «على ضوء الانتهاك الفاضح لوقف العمليات العدائية سنعيد النظر في آفاق التعاون مع روسيا».
وأفاد كيربي في وقت سابق أن بلاده تعمل على تمديد العمل باتفاق وقف الاقتتال في سورية، لكنه دعا روسيا إلى أن تفسر أولاً بياناً للجيش العربي السوري يفيد بانتهاء الهدنة. وقال: «ترتيباتنا مع روسيا المسؤولة عن التزام النظام السوري.. لذا.. ننتظر من روسيا تفسير موقفه». وأضاف إنه كانت هناك درجة من تراجع العنف منذ الاتفاق على الهدنة، لكن لم تصل إلى سبعة أيام متعاقبة من الهدوء مثلما نص الاتفاق.
واعتبر كيربي أن الحكومة السورية هي «المسؤول الأول عن إخفاق اتفاق الهدنة في سورية».
وأتى تصريح المتحدث الأميركي بعيد إعلان دبلوماسي أميركي في نيويورك أمام بضعة صحفيين أول من أمس أنه «كان يوماً صعبا في سورية وأعتقد أنه يطرح أسئلة خطرة للغاية بشأن قدرة الروس على الوفاء بالتزاماتهم». وأضاف «نشعر أن ما جرى اليوم يوجه ضربة قوية إلى جهودنا الرامية لإرساء السلام في سورية»، رافضاً في الوقت نفسه الإقرار بأن الهدنة انتهت في سورية.
وتتوافق تصريحات هذا المسؤول مع رفض كيري اعتبار الهدنة منتهية في سورية، مؤكداً أن موسكو هي المسؤولة أمام واشنطن عن احترام الهدنة وإلزام النظام السوري باحترامها.
وخلال لقائه ولي العهد السعودي وزير الداخلية محمد بن نايف في نيويورك، قال كيري «إن روسيا فقدت سيطرتها على (الرئيس) الأسد الذي يقصف شعبه منذ سنوات، ويقصف قوافل المساعدات باستمرار، وهذا الأسبوع سنجمع الحقائق حتى نعرف ما نحن عليه قبل أن نتخذ القرار».
ودخل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على خط الهدنة معلناً أنه سيطلق من منبر الأمم المتحدة نداء جديداً للالتزام بها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن