مصادر أميركية تبرّر قصف دير الزور.. وروسيا تعلق مركز التنسيق حتى تتلقى تفاصيل أكثر … الجدل الأميركي الروسي حول قافلة أورم الكبرى يتصاعد وموسكو لا تستبعد احتمال قصفها من قبل «التحالف»
| وكالات
تصاعد الجدل الروسي الأميركي حول ما حدث لقافلة المساعدات الإنسانية التي دخلت بلدة أورم الكبرى بريف حلب الشمالي قبل أيام، ولم تستبعد موسكو إمكانية أن تكون واشنطن قد قصفت القافلة بعد يوم من نفيها الاتهامات الأميركية بأن طائرات روسية أو سورية هي من نفذت عملية قصف للقافلة. واعتبرت الدبلوماسية الروسية هذه الاتهامات بمثابة محاولة لحرف أنظار العالم عن قصف التحالف لمواقع الجيش العربي السوري في دير الزور، والذي كان يتصدى لتنظيم داعش الإرهابي. وعرقلت هجمات دير الزور تنفيذ الاتفاق الروسي الأميركي ولاسيما إنشاء المركز المشترك. وبات الروس يشترطون للمضي قدماً في افتتاح المركز توضيح ما جرى يوم السبت الماضي في دير الزور. وبررت مصادر وزارة الدفاع الأميركية القصف هذه المرة بأن الجنود السوريين كانوا يرتدون أزياء مدنية ويستخدمون وسائل قتالية شبيهة بوسائل تنظيم داعش وأنه لم يسبق لهم الوجود في المنطقة التي قصفتها طائرات التحالف، وأخيراً أيدت أحد مزاعم معارضين بأنهم من السجناء السابقين.
وقبل يومين وصفت الأمم المتحدة والصليب الأحمر والولايات المتحدة الواقعة في أورم الكبرى بأنها غارة جوية الأمر الذي يلقي باللوم ضمنياً على الطائرات الروسية أو السورية. لكن الأمم المتحدة قامت بتعديل بيان لحذف عبارة «ضربات جوية» وإضافة «هجمات» غير محددة بدلاً من ذلك.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن طائرة من دون طيار تعود للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، كانت تحلق فوق قافلة أورم الكبرى «قادرة على تنفيذ ضربات جوية»، من دون أن تصل إلى الحديث عن تنفيذها لضربة جوية على القافلة. ويوحي هذا التصريح الروسي الجديد بأن أطراف أميركية تعمل على تخريب الاتفاق الروسي الأميركي. ولم تخف وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» امتعاضها ورفضها للاتفاق والذي قبلت به في نهاية المطاف على مضض. ومن نيويورك، علق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على الاتهامات الأميركية بشأن قصف الطيران الحربي السوري للقافلة مؤكداً أن هذا الطيران لم يكن قادرا على قصف قافلة المساعدات الإنسانية في حلب، لأن القصف جرى ليلاً عندما لا يقوم الطيران السوري بطلعات. وأضاف لافروف في حديث لقناة «روسيا 1»، على هامش مشاركته في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة: «عسكريونا أصدروا بياناً بهذا الشأن وقالوا إن الطيران لم يعمل هناك».
وفي وقت سابق، أكد البيت الأبيض أنه يعتبر روسيا «مسؤولة» عن الغارة الجوية التي استهدفت قافلة مساعدات أورم الكبرى، حسبما ذهب إليه مساعد مستشارة الأمن القومي الأميركي بن رودس، الذي أشار إلى أن «كل المعلومات المتوفرة لدينا تشير بوضوح إلى أن هذه كانت ضربة جوية» وبالتالي فإن المسؤول عنها «لا يمكن أن يكون إلا أحد كيانين: إما النظام السوري وإما الحكومة الروسية».
ورداً على سؤال عن تداعيات هذه الغارة على الجهود الدبلوماسية التي تبذلها واشنطن مع موسكو لإنقاذ الهدنة في سورية والتوصل إلى حل سياسي للنزاع المستمر منذ أكثر من خمس سنوات، قال المسؤول الأميركي إن الغارة تطرح «أسئلة جدية» رافضاً في الوقت نفسه «إغلاق الباب» أمام استكمال المحادثات بين الدولتين العظميين.
وكان مسؤول أميركي قال لوكالة الأنباء الفرنسية في وقت سابق الثلاثاء إن الولايات المتحدة تعتقد أن روسيا هي التي شنت الغارة الجوية التي استهدفت قافلة أورم الكبرى. وقال المسؤول طالباً عدم نشر اسمه إنه وقت حصول الغارة كانت هناك طائرتا سوخوي-24 روسيتان تحلقان في أجواء المنطقة المستهدفة، مضيفاً إن «أفضل تقييم لدينا هو أن الروس هم الذين نفذوا الغارة».
واعتبرت الخارجية الروسية أن اتهام موسكو بقصف قافلة المساعدات الإنسانية في محيط حلب غايته صرف الانتباه عن خطأ التحالف الدولي بقصف مواقع الجيش السوري بدير الزور قبل أيام.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة «إيزفيستيا» أن التعاون بين موسكو وواشنطن لتسوية الأزمة السورية أصبح موضع شك بعد قصف التحالف في دير الزور.
ونقلت الصحيفة عن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي قسطنطين كوساتشوف أن روسيا لن تقيم مركزا لتنسيق التعاون مع الولايات المتحدة في سورية، إذا لم توضح واشنطن بالتفصيل ما حدث في دير الزور، ونبه إلى أن الأميركيين يغيرون باستمرار تفسير مضمون الاتفاقات التي تم التوصل إليها.
وأضاف كوساتشوف: «أنا من أنصار إنشاء مركز التنسيق لدرء حوادث مشابهة كثيرة يمكن أن تحصل. لذلك سيكون علينا عاجلاً أم آجلاً الاتفاق معهم بشأن تنسيق عملياتنا» واستطرد محذراً «ولكن هذه الاتفاقات حالياً على حافة الانهيار، بسبب استحالة التنبؤ بالتصرفات الأميركية. لذلك قبل أن نخطو خطوة جديدة يجب أن نسمع ليس اتهاماً لنا، بل توضيح سبب استخدامهم الطائرات» في خرق لاتفاق الهدنة، وأضاف: «عندها فقط سنتمكن من دراسة الوضع بالتفصيل، ويمكن أن نخطو خطوة جديدة».
وأشار مصدر في الدوائر الدبلوماسية العسكرية إلى أن مسألة مركز التنسيق لا تزال معلقة. وقال إن الحديث في الوقت الحاضر لا يدور عن التعاون بين وزارتي الدفاع الروسية والأميركية في مجال محدد في سورية. وعلى الرغم من أن الاتفاق على إنشاء المركز قائم، فإن «البنتاغون» يتجاهله. كما أنه لم يتم الاتفاق على عدد من الوثائق، ولم يصدَّق على نظام العمل، حيث يرد البنتاغون شكلياً وبصورة غير محددة. من جهتهم، برر مسؤولون عسكريون أميركيون قصف مواقع الجيش السوري في دير الزور بأن الجنود السوريين الذين تعرضوا للقصف لم يكونوا يرتدون زياً موحداً ولم تكن أسلحتهم معتادة.
ونقلت شبكة «سي.إن.إن» الأميركية للأخبار أن عدداً من هؤلاء المسؤولين أشاروا تبعاً لذلك إلى احتمال أن يكون العسكريون السوريون في الموقع من السجناء، في تطابق مع ما ذهبت إليه مصادر معارضة متنوعة.
وذكرت «سي.إن.إن» أن المعلومات الأولية تشير إلى أن الأفراد في الموقع كانوا يرتدون ملابس مدنية، و«ربما» لا يحملون الأسلحة التقليدية للوحدات السورية، وكانت الأسلحة مثبتة على شاحنات، وشككت في إمكانية أن يكون «الأفراد» وضعوا في ذلك الموقع خصيصاً بقصد خداع قوات التحالف.
وقالت أيضاً إن الغارة وقعت على بعد نحو كيلومترين من مطار دير الزور، حيث لم تتوقع الولايات المتحدة وجود قوات سورية، مضيفة إن واشنطن قصفت معاقل «داعش» في دير الزور عشرات المرات في الأشهر الأخيرة ولم تصادفها قوات سورية في المنطقة بتاتاً!