استراتيجية وطنية للتصدير «قريباً».. والحكومة تنوي ربطه بالاستيراد
تسنى لـ«الوطن» حضور جلسة نوعية للحكومة لمناقشة بعض المواضيع الاقتصادية، أهمها ملف التصدير، الذي شغل الحيز الأكبر من وقت الاجتماع.
وكان الواضح في الاجتماع أن الهدف الرئيسي من بحث ملف التصدير وإعطائه أولوية واهتماماً كبيرين من رئيس الحكومة شخصياً، هو تصميم إستراتيجية وطنية للتصدير في سورية، بغية الوصول إلى التصدير المثالي -على حدّ تعبير رئيس مجلس الوزراء عماد خميس- الذي شدّد على ضرورة معرفة نقاط الخلل في قطاع التصدير التي تعيق تنفيذ الخطط التصديرية رغم وجود مؤسسات تهتم بالموضوع كهيئة دعم الإنتاج وتنمية الصادرات التابعة لوزارة الاقتصاد، واتحاد المصدرين ووجود فائض في بعض المنتجات كالحمضيات.. وغيرها، طالباً من الفريق الاقتصادي الحكومي توصيف الواقع وتقييم الخلل وتقديم الأفكار والمقترحات للوصول إلى هدف التصدير المثالي، والاستعانة بكل الخبرات في الوزارات لإتمام العمل.
وكان انطلاق البحث في ملف التصدير من مذكرة أعدتها وزارة التنمية الإدارية حول التصدير، تركزت على الجانب التسوقي في العملية التصديرية إذ بيّن وزير التنمية الإدارية حسان النوري أن المطلوب أولاً تحديد ورسم خريطة للتصدير، وتحديد المواد المعدة للتصدير، وتحديد ودراسة الأسواق المستهدفة في العملية التصديرية، وطرق توزيع المنتجات وتحديد السعر المنافس لها، والترويج لها.
عرض الوزير النوري يلخص الأفكار الأساسية الواردة في مذكرة الوزارة، التي استهدفت دراسة المزيج التسويقي (المنتج، التسعير، التوزيع، الترويج) في العملية التصديرية، مشدداً على ضرورة الاهتمام جدياً بأبحاث السوق، وصنع الماركات التجارية بما يضمن تنافسية مجدية للمنتج السوري في الأسواق الخارجية، «لأن التصدير ليس عملية ارتجالية، بل تحتاج لدراسة وأبحاث معمقة للمزيج التسويقي للمنتجات المعدة للتصدير».
وانطلاقاً من عرض الوزير النوري، والمذكرة الموجودة بين أيدي الفريق الاقتصادي الحاضر للجلسة، بدأ تداول الأفكار المطلوبة وصولاً إلى إستراتيجية سورية للتصدير، وذلك بدمجها مع «مسودة» الإستراتيجية، أي مذكرة التنمية الإدارية.
وتركزت الأفكار المطروحة من الوزراء والمسؤولين الحاضرين على ضرورة وجود كادر مؤسساتي للاستمرار في العمل على إستراتيجية التصدير وتنفيذها، وضرورة الترويج لثقافة التصدير في المجمع كضرورة اقتصادية ملحّة، بالإضافة إلى تحديد الأولويات التصديرية من حيث المنتجات والقطاعات، وضرورة توصيف الواقع الاقتصادي اليوم لارتباط التصدير بالوضع الاقتصادي بشكل مباشر، والبحث في اتفاقيات التجارة الخارجية للاستفادة منها بغية الوصول إلى الأسواق الخارجية.
وركزت الطروحات أيضاً على ضرورة معالجة الخلل في العملية التصديرية، وخاصة المرجعية في العملية التصديرية، ومشكلة الشحينة، إذ إن الشحين هو المصدر الحقيقي في أغلب الحالات، بدلاً من المصنع أو التاجر. إضافة إلى ضرورة تقييم عمل اتحاد المصدرين خلال الفترة الماضية، وماذا عمل وقدم في مجال التصدير، والتدقيق في عمل سلسلة التصدير بدءاً بالمنتج ومروراً بالمؤسسات والهيئات وخاصة الجمارك، ووصولاً إلى الشحن وولوج السوق الخارجية.
كما تناولت الأفكار المطروحة أهمية التخطيط للتصدير ووضع خطة تصديرية، ومعاينة واقع التصدير كقطاع اقتصادي، وضرورة معرفة أكنا سننتج لنصدر، أم نصدر ما ننتجه؟ بالإضافة لضرورة تفعيل دور هيئة دعم الإنتاج وتنمية الصادرات، ودراسة التعرفة الجمركية والأسعار الاسترشادية، وإعادة النظر بموضوع دعم المصدرين، الذي يجب ألا يضيع من دون فائدة اقتصادية، في الوقت الذي يكون مردود كل دولار دعم لتصدير بين 300 و400 دولار في الاقتصاد، لدى بعض الدول. بالإضافة إلى ضرورة ربط الاستيراد بالتصدير، وهو الموضوع الذي شدد عليه رئيس مجلس الوزراء، بالتوازي مع دراسة ملف فتح سقف الاستيراد للمواد الأولية ومستلزمات الإنتاج.
وفي نهاية الجلسة كلّف رئيس مجلس الوزراء الحضور تقديم رؤى وأفكار واقتراحات تخدم الموضوع مع آلية تنفيذية، للبدء بالتنفيذ فور إقرار المشروع الخاص بالتصدير، على أن ترسل تلك المقترحات إلى رئيس هيئة تخطيط الدولة عماد صابوني، ليشرف على المذكرة النهائية وزير التنمية الإدارية حسان النوري، بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والمجلس الاستشاري في الحكومة ومصرف سورية المركزي.