قضايا وآراء

قلب لوزة تسقط الإرهاب «المعتدل»

باسمة حامد : 

 

لم تكن مجزرة قلب لوزة بجبل السماق الدليل الوحيد على أن «جبهة النصرة» وحركة «أحرار الشام» تنظيمات تكفيرية متطرفة لا تقل خطورة عن تنظيم «داعش» الإرهابي، إلا أن إقدامهما على قتل نحو أربعين مدنياً في ساحة البلدة بدم بارد كشف زيف الإرهاب «المعتدل» وفضح كذبة «الضمانات» التي سوّقت لها بعض الزعامات الدرزية في سياق انخراطها بمشروع إسقاط سورية.
فالضمانات الوهمية التي قدمتها تلك التنظيمات التي «تمسكنت حتى تمكنت» حين اجتاحت البلدة ذهبت أدراج الرياح، إذ إن تحييدها للمدنيين عن المواجهة لم يكن سوى حبة مخدر سرعان ما انتهى مفعولها في أول احتكاك مع السكان، وفي الواقع، لم يعد هناك مجال للشك أن الإرهاب واحد مهما تعددت أشكاله وتسمياته.
وما حصل من إحراق للمنازل وعمليات قتل وذبح وتمثيل بجثث الأبرياء يثبت مجدداً أن لا وجود لإرهابيين متطرفين وآخرين «معتدلين»، فالحادث ليس «فردياً» كما صوّره «بيك المختارة» الذي لطالما حاول إضفاء الشرعية على الفصائل المسلحة وتلميعها «كمعارضة معتدلة» وكأن اتقاء شرّها مرهون فقط بـ: «العودة إلى الإسلام وبناء الجوامع والصلوات الخمس»!!
والحقيقة المؤكدة أن التنظيمات الإرهابية المدعومة من التحالف التركي السعودي القطري «الإسرائيلي» تشكل خطراً وجودياً على جميع المكونات الطائفية والمذهبية بلا استثناء لكونها تتبنى إيديولوجية ظلامية وتؤدي دوراً وظيفياً مشبوهاً وتنفذ أجندات خارجية تهدف إلى زرع بذور التفرقة وبثّ الحقد والكراهية بين أبناء المجتمع الواحد لتفتيته وتمزيقه.
لكن في سياق التساؤلات الراهنة حول ما يجري في السويداء حالياً من المهم الوقوف عند المشهد بصورة صحيحة، فالمكون الدرزي الذي ناضل تاريخياً ضد الاحتلال العثماني وبعده الاحتلال الفرنسي يقرأ جيداً الارتباط الإستراتيجي بين المشروعين التكفيري والصهيوني وخصوصاً أن الأول – وهذه ليست مصادفة – يكفّر الجميع ماعدا «إسرائيل» حليفة «النصرة» التي وجدت في مذبحة قلب لوزة فرصة للعب على الوتر «الإنساني» – وهي بعيدة عنه كل البعد طبعاً– مبدية استعدادها لإنشاء حزام أمني ضمن الأراضي السورية هدفه (وفق مراقبين) طي صفحة قضية الجولان السوري المحتل للأبد، وتنفيذ مخطط التقسيم وتحويل الدروز إلى «حرس حدود» لديها!!
وفي ضوء هذه القراءة، وكي لا يكون مصيرهم مشابهاً لمصير الإيزيديين العراقيين الذين تخلت عنهم الحكومات الغربية وتركتهم يواجهون الموت والجوع في جبل سنجار على الرغم من ادعاءاتها أن «حماية الأقليات الدينية» تشكل أحد أهداف تواجدها في المنطقة.. رفض الكثير من مشايخ وعقلاء هذا المكون العرض «الإسرائيلي» ودعوات الانفصال المشبوهة التي ظهرت منذ بدء الأحداث في سورية، داعين إلى التمسك بطوق النجاة الوحيد أي: خيار المقاومة والقتال يداً بيد مع الجيش، معتبرين أن قرار التكاتف مع الدولة الوطنية والانضواء تحت راية الجيش العربي السوري هو حماية للوجود والمصير وليس دفاعاً عن «النظام» كما يروج الإعلام «النفطي» الذي يكرر اليوم بلا كلل ولا ملل كذبة انسحاب الجيش من جبل العرب تحت ضغط الأهالي في وقت يقوم فيه بتعزيز مواقعه بمختلف نواحي محافظة السويداء!!
ونتائج هذا الخيار ظهرت في معركة الدفاع عن مطار ثعلة العسكري، فمؤازرة جبل العرب للقوات المسلحة بعد انسحابها من اللواء 52 منع سقوط المطار، (أفادت وكالة سانا أن قتلى المسلحين بلغ الـ100 إضافة إلى تدمير عشرات العربات المصفحة) وسمح لها بإعادة تجميع صفوفها «والتوقعات جيدة» وفق مصدر رسمي رغم التقدم الذي أحرزه المسلحون في الجنوب مؤخراً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن