قضايا وآراء

هل تسقط الخطوط الحمراء في الشوط الأخير…!؟

عبد السلام حجاب : 

 

– إذا كان الأدب الروسي خرج من رواية «المعطف» للكاتب غوغول. فهل يبدأ درب الصعود إلى الهاوية انطلاقاً من معطف واشنطن الإرهابي!؟
يبدو أنه لم يعد تساؤلاً حول أحجية بل إنه أمر مرجح كما يقول مراقبون، يستند إلى معطيات واقعية في المقدمة منها:
1 – فقدان العثماني أردوغان وحزبه سلطة الحكم والتحكم المطلق بالقرار، ما أحدث خللاً بدوره الوظيفي والميداني، لابد أن ينعكس سلباً على آليات احتضانه ودعمه للإرهابيين من «داعش والنصرة وغيرهما»، ولعله زاد في تعقيداتها السلبية لدى المواطن التركي، ما نشرته «حرييت» التركية بالصوت والصورة من حقائق تتعلق بأشكال الإمداد التسليحي للإرهابيين، ما يدفع إلى ملاقاة هذا الخلل وتعويضه بدور ووظيفة النظام الأردني وما يؤديه مقر «موك» الاستخباري في خدمة أهداف تحالف واشنطن الإرهابي!
2 – تصريحات للجنرال الأميركي ديمبسي مع مسؤولين صهاينة في تل أبيب، تجاوزت الطمأنات إلى تظهير التوافق القائم بينهما داخل الصندوق، باتجاه ما يجري التخطيط له ضد سورية وأماكن أخرى ليست بعيدة قد تستبق بإجراءاتها الميدانية على ظهر الإرهاب في الجنوب والشمال السوري الموعد المفترض في الثلاثين من حزيران الجاري لتوقيع إيران الاتفاق النهائي مع دول 5+1 بشأن برنامجها النووي السلمي، وإذا كانت تلك الحركة الميدانية الاستباقية تتم لإحراج إيران بهدف إخراجها عن الاتفاق، فإن خطوطاً حمراء كثيرة سوف تسقط بما يعني أن درب الصعود باتجاه الهاوية سيصبح سالكاً، وسيكون التفكير مقلقاً بما ستسفر عنه من أخطار، ومن سيدفع تكاليفها الباهظة مالاً ودماء..!؟
3 – الصمت المطبق لبعض أعضاء مجلس الأمن إزاء الجرائم الإرهابية الموصوفة التي ترتكب في سورية، وقد لا يكون آخرها المجزرة الإرهابية بحق أهالي قرية قلب لوزة بريف إدلب التي ارتكبتها التنظيمات الإرهابية المرتبطة بنظام آل سعود والسفاح أردوغان، وهو ما أشارت إليه رسالة الخارجية السورية إلى المنظمة الدولية ومجلس الأمن، لافتة إلى أن ما يبعث على القلق هو إصرار واشنطن والدول المنخرطة في حلف أوباما لإضفاء صفة الشرعية على عصابات امتهنت القتل ونشر الدمار ووصف هذه التنظيمات الإرهابية بأنها.. «جماعات معارضة مسلحة معتدلة»، الأمر الذي يضع الدول والمنظمات أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الوقوف مع سورية وشعبها وقيادتها في كفاحهم ضد آفة الإرهاب واجتثاثه، وإما مواصلة الرهان على الإرهاب والإرهابيين، وعليه لن يكون استنتاجاً من فراغ، طي قرارات مجلس الأمن 2170 و2178 و2199 المتعلقة بمحاربة الإرهاب في سورية خاصة والمنطقة عامة وما يعنيه من انقضاض علني على جهود المبعوث الدولي دي ميستورا السياسية لمصلحة حلول إرهابية عسكرية تسعى إليها واشنطن وتحالفها الإرهابي على الأرض ممثلة بأنظمة الحكم في السعودية وقطر والأردن والكيان الإسرائيلي وتركيا التي فقد فيها العثماني أردوغان جزءاً لا يستهان به من فاعليته في دعم منظومة الإرهاب!؟
لعله من المؤكد أن الرئيس بوتين لا يغيب عن رؤيته للمشهد السياسي الدولي استثمار أميركا لإرهاب النازية الجديدة على حدود بلاده في أوكرانيا، ولا حقيقة الإرهاب وتمدده في سورية والمنطقة وخارجها بإدارة واشنطن، وقد أكد من روما ضرورة وقوف جميع الدول صفاً واحداً في مواجهة خطر الإرهاب الدولي وما يفرضه من أحداث معقدة في العالم.
وأوضح السفير الروسي في بيروت زاسبيكن، أن لدى روسيا معياراً واحداً يقوم على الثوابت في السياسة الخارجية وتعتبرها أهم بكثير من المصالح، واصفاً الحملات الإعلامية التي تستهدف الموقف الروسي بالنسبة للوضع في سورية بأنها محاولة لتشويه الموقف الروسي تكذبها الوقائع، وليس عسيراً لأي مراقب قراءة الإيقاع المتسق مع سورية في السياسة والاقتصاد وغير ذلك من ميادين التعاون المختلفة.
كما أن إيران لم تخف يوماً، إستراتيجية التعاون المتعدد الأشكال دعماً لسورية وقيادتها في مواجهة الإرهاب وضرورة دحره دفاعاً عن الأمن والاستقرار والسلام في العالم.
ما يعني أيضاً في جملة ما يعنيه أن مخططات واشنطن وحلفها الإرهابي في سورية والعراق والمنطقة بما فيها عدوان السعودية على اليمن لن تحصد سوى الفشل والهزيمة وأن خيارات واشنطن وأدواتها الإرهابية وما تسميه «معتدلة» تضيق من حولها وإن راهنت على الزمن كمخرج يخفف من وطأة الفشل أو أنها دفعت برهاناتها دفعة واحدة في الميدان، تشمل الرهان على دور صهيوني مباشر إلى جانب الإرهابيين ضد سورية بالتنسيق مع حكام بني سعود وقطر والأردن ولاسيما أنه لم يعد سراً بل دور واضح عبر التغطية اللوجستية والإعلامية والمشافي الميدانية والتسليحية والدعم الناري للإرهابيين على امتداد السنوات التي مرت من محاربة السوريين جيشاً وشعباً للإرهابيين بمختلف مسمياتهم وأجنداتهم التكفيرية والظلامية الحاقدة.
إنه ما من شك أن سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد تدرك جيداً أنه لولا استمرار الأنظمة الحاكمة في كل من السعودية وقطر والكيان الإسرائيلي والأردن وتركيا بتقديم السلاح والمال والعتاد والمأوى والتدريب للتنظيمات الإرهابية بتغطية سياسية ودعائية أميركية وبعض دول الغرب الاستعماري كفرنسا وبريطانيا وتنكر مخادع لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمحاربة الإرهاب، لما استطاع تنظيم «داعش» الإرهابي أن يتمدد ناشراً جرائمه في غير دولة عربية وأجنبية، وتحويل «جبهة النصرة» الإرهابية لورقة يجري العمل على شرعنتها بعد أن كانت على لوائح الإرهاب الدولي، كما تدرك سورية في الوقت نفسه أن معركتها ضد الإرهابيين مستمرة حتى دحرهم من كل الأرض السورية دفاعاً عن أمن شعبها ووحدتها السياسية والجغرافية الوطنية فضلاً عن كونها تدافع عن إرادة المجتمع الدولي ومحاولة واشنطن تدجينه.
ولذلك فإن صمود السوريين وتضحيات قواتهم المسلحة والمثابرة على دروب تحقيق الانتصار تؤيدها مواقف سياسية تتسع رقعتها في دول العالم، واثقة من أن قدرتها على خوض معارك الشرف في مواجهة حرب الإرهاب لن يأكل من صلابتها وعزيمتها مخططات داعميه، وما يمكن أن تشي به، ولعل ما يحققه رجال الحق في القلمون ومناطق أخرى يكتب بحبر الدم صفحات سجل خالدة لمستقبل أكثر إشراقاً لسورية سواء طال زمن الشوط الأخير أم قصر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن