عربي ودولي

المحافظون وحدهم في الساحة البريطانية في الطريق إلى «بريكست» … ماي: خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيبدأ بنهاية آذار القادم.. وتوسك يرحب

قالت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي أمس الأحد: إن بريطانيا ستخرج من الاتحاد الأوروبي وفقاً للإجراءات القانونية المعمول بها مستبعدة إمكانية أي خروج غير منظم من الاتحاد.
وقالت ماي في المؤتمر السنوي لحزب المحافظين الذي تنتمي له في برمنجهام «لن يكون هناك أي خروج مفاجئ وأحادي الجانب.. يجب أن نخرج بطريقة توافق عليها بريطانيا والدول الأخرى الأعضاء بموجب القانون».
وأوضحت ماي أمس أن بريطانيا ستفعل المادة 50 التي تنطلق بموجبها العملية الرسمية للانسحاب من الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية آذار القادم لتطلق بذلك إشارة البدء لأكبر تغيير سياسي تشهده البلاد منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي) أكدت ماي للمرة الأولى ما توقعه كثيرون وهو أنها ستفعل المادة 50 من معاهدة لشبونة الخاصة بالاتحاد قبل نهاية آذار من العام المقبل.
وقالت ماي لبرنامج أندرو مار الذي تبثه (بي. بي. سي) «سوف نفعلها قبل نهاية آذار من العام المقبل» في إشارة إلى عملية الانسحاب الرسمية التي تعطي بريطانيا ما يصل إلى عامين للتفاوض على شروط انسحابها من التكتل.
ولدى سؤالها عما إذا كانت حكومتها ستعطي الأولوية لقضية الهجرة على حساب التجارة الحرة مع دول الاتحاد في محادثات الانسحاب، قالت ماي: إنها لا ترغب إلا في التوصل إلى «الاتفاق الملائم».
وقالت: «أريد التوصل للاتفاق الملائم بالنسبة للتجارة في السلع والخدمات وما نفعله حالياً، هو الاستماع لقطاع الأعمال هنا في المملكة المتحدة ونستمع للقطاعات المختلفة لنتعرف على الأمور الأكثر أهمية بالنسبة لها».
وأوضحت ماي أن من أجل الحصول على الاتفاق الملائم فعليها توخي الحذر وألا تكشف كل أوراقها دفعة واحدة وقالت إنها لن تدلي بتصريحات باستمرار عن مفاوضاتها أو تفصح عن مواقفها.
من جانبه قال وزير النقل البريطاني كريس جرايلينج الذي كان من القياديين البارزين في معسكر الانسحاب من الاتحاد أمس: إن بلاده تريد الإبقاء على بعض قوانين الاتحاد الأوروبي بما يشمل تلك الخاصة بحقوق العمال والبيئة بمجرد خروجها.
وقالت الحكومة: إنها ستبطل العام المقبل القانون الذي دخلت بريطانيا بموجبه الاتحاد الأوروبي ثم ستدمج قوانين الاتحاد في القانون البريطاني قبل أن تقرر ما هي القوانين التي ستحتفظ بها.
بدوره قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك: إن بيان بريطانيا بشأن توقيت محادثات الخروج من الاتحاد الأوروبي جعل الموقف «واضحا» بشكل يثير الارتياح.
وقال توسك على «تويتر»: إن الدول الأخرى الأعضاء بالاتحاد الأوروبي وعددها 27 ستشارك في الحوار من أجل الحفاظ على مصالحها فور تفعيل المادة 50 رسمياً.
وفي السياق تبدو الساحة خالية أمام الحزب البريطاني المحافظ لتنفيذ بريكست بالطريقة التي تناسبه بعد أن بات مهيمنا وحده على المشهد السياسي أمام معارضة متخبطة وإن كان الخطر يأتي من داخل صفوفه، وفق محللين.
وتقول أستاذة العلوم السياسية في جامعة مانشستر جين غرين: إن رئيسة الوزراء «تيريزا ماي عززت مكانتها إلى حد كبير في غياب معارضة قوية وثابتة. ولو كان حزب العمال قادراً على محاسبة الحكومة لحصلنا على معلومات أكثر عما تنوي فعله لتفعيل خطة الخروج من الاتحاد الأوروبي».
وحزب العمال يتخبط في مشاكله الداخلية التي لم تحسمها إعادة انتخاب الراديكالي جيريمي كوربن الأسبوع الماضي رئيساً نظراً للعداء بينه وبين نواب الحزب. والحزب منقسم كذلك بشأن مسألة الهجرة المهمة المتصلة ببريكست بدءاً من القيود التي ستفرض على المهاجرين والتي كانت حاسمة في التأثير على خيار الناخبين خلال استفتاء 23 حزيران.
ويقول توم بلدوين مستشار الزعيم العمالي السابق إد مليباند في صحيفة «إيفننغ ستاندرد»: إن «التركيز على المشكلات الداخلية خلال مؤتمر حزب العمال مثال واضح على غياب أي نقاش حول بريكست رغم أنها المسألة السياسية المحورية راهناً ولسنوات قادمة».
ويبدو حزب العمال عاجزاً عن مواجهة صعود شعبية تيريزا ماي التي يمنحها الناخبون ثقة أكبر من كوربن في تحسين الخدمات الصحية وخفض تدفق المهاجرين ورسم العلاقات التجارية بعد بريكست، وفق استطلاع أجراه معهد «بريتين ثنكس» في 22 أيلول.
في حين تفيد كافة استطلاعات الرأي أن المحافظين سيتقدمون كثيراً على العماليين في حال تنظيم انتخابات.
لكن وفق ماثيو غودوين استاذ العلوم السياسية في جامعة «كنت» أن «الحزب المحافظ بلا شك قوي جداً في استطلاعات الرأي في الوقت الحاضر ولكنه لا يحظى سوى بأغلبية بسيطة في مجلس العموم وهذا سيجعل من الصعب جداً على ماي تمرير تشريعات مثيرة للجدل على صلة ببريكست».
هذا عدا عن التحدي الرئيسي أمامها وهو قيادة حكومة منقسمة علناً بين مؤيدي القطيعة مع بروكسل ويمثلهم بوريس جونسون وديفيد ديفيس وليام فوكس (وزراء الخارجية وبريكست والتجارة الدولية) وبين مؤيدي نهج أكثر مرونة تحبذه ماي ووزير المالية فيليب هاموند ممن أيدوا البقاء في الاتحاد الأوروبي خلال الاستفتاء.
إلا أن أياً كانت رغبات مؤيدي بريكست وشعاراتهم سواء في الحكومة أو في البرلمان، تبدو ماي وأعضاء حكومتها مقبلين على مهمة مفتوحة تتوقف نتيجتها إلى حد كبير على الاتحاد الأوروبي على الجانب الآخر من طاولة المفاوضات.
(رويترز – أ ف ب)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن