رحلة خيالية!!
| عصام داري
أسرجوا خيولكم واتبعوني في رحلة خيالية نهرب فيها من واقع سقيم، وهم مقيم، وزمن غادر، وعدو لئيم.
تعالوا نهرب من صحارى الكراهية والبغضاء، إلى بساتين ووديان الحب والمحبة… نهرب من..
• تجار الموت، إلى عشاق الحياة..
• بحر التوحش، إلى شواطئ الإنسانية..
• الرعب الذي يحاصرنا، إلى أرض الأمن والأمان..
• الظلم والظلام، إلى العدل والنور..
• من الطائفية والمذهبية والفتن إلى العيش الواحد والتساوي بالحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد..
• الجهل والتخلف العائد من عصور ما قبل التاريخ، إلى العقل والعلم.
• عصر النخاسة والرق والعبودية، إلى الحرية والتحرر والانطلاق.
• التكفير إلى التطهير، ومن الجاهلية إلى المدنية، ومن الخيانة إلى الوطنية، ومن الفرقة إلى الوحدة، ومن الفساد إلى النزاهة، ومن النكران إلى العرفان، ومن الغدر إلى الوفاء، ومن السلبية إلى الإيجابية.
أدعوكم في رحلتي الخيالية إلى كوكب بعيد، تخيله ذات يوم الكاتب الروسي العظيم تيودور دوستويفسكي، كوكب الحب والحلم والتآخي والتعاون والأخلاق الحميدة، والغيرية.
الهروب ليس جبناً في هذه الحال، إنه الحل لمشكلات لا نجد لها حلولاً، ولأوضاع باتت تشكل عبئا ثقيلاً على كاهل الناس، ولمأساة صارت هماً يومياً، ووجعاً لا دواء له، فهل نهرب معاً، أم نصمد معاً، ونبحث عن حلول بعيداً عن كل المشاكل التي ألزمتنا البيوت والوقوف إلى الجدار وإعطاء العقل إجازة مفتوحة؟!.
الهروب هو قفزة إلى الأمام، ومحاولة لنسيان الحاضر الذي لا يطاق، والدخول في حلم جميل نصنعه بأنفسنا يخلصنا- ولو مؤقتاً وبالخيال – من كوابيس صارت رفيقتنا المفروضة علينا في الليل والنهار.
كل شيء حولنا يدعو إلى اليأس والإحباط والخيبة، من حديث الموت اليومي المتنقل الذي يشغل كل السهرات والمجالس- إن وجدت! – إلى الإعلام والثقافة والفنون والمسلسلات والأفلام التي تذكرنا بمصيبتنا المرة تلو الأخرى، وعلى مدار الساعة.
لكن المفارقة الكبرى التي نعيشها، أن هناك في الطرف المقابل أناساً يعيشون حياتهم وكأن شيئاً لا يحدث لسورية، فالمطاعم من ذوات النجوم المتعددة عامرة والحمد لله ولا مكان لوافد جديد – حسب تعبير صديقي القديم الراحل عدنان بوظو – عندما تمتلئ الملاعب عن آخرها، وفاتورة واحدة تعادل راتب موظف حكومي عن ثلاثة أشهر!!. ومن أين لك هذا؟! وهذا من فضل ربي وسرقاتي وفسادي، «وما يموت الشاطر»!.
سرقتني الحالة التي نعيشها من فكرتي الأساسية، فكرة الرحلة الخيالية إلى كوكب الأحلام، أو«الكوكب الفاضل» على غرار المدينة الفاضلة التي حلم بها أفلاطون قبل أكثر من ألفي سنة.
لكنني لست نادماً على تغيير مسار الكتابة، فقد عبرت عن ألمي وغضبي وحالتي وأظن أنني عبرت في الوقت نفسه عن الشارع السوري برمته، فهل نجحت؟
مع ذلك فإن رحلتي الخرافية ستستمر اليوم أو غداً أو بعد غد.