سورية

تسعى إلى تجنيب سورية تصعيداً عسكرياً كبيراً … موسكو تؤكد أهمية الحيلولة دون انهيار الاتفاقات الروسية الأميركية بشأن سورية.. وتدعو إلى «تأمين الهدنة»

| وكالات

أكدت روسيا أمس أهمية «الحيلولة دون انهيار الاتفاقات الروسية الأميركية بشأن سورية، ودعت إلى تأمين الهدنة فيها وتهيئة الظروف لاستئناف العملية السياسية، بعد أن حذرت واشنطن من ارتكاب «خطأ إستراتيجي كبير» إذا ما أعلنت رسمياً انسحابها من الاتفاقات التي سبق أن توصل إليها الجانبان بشأن سورية. وإذ ألقت الكرة في ملعب واشنطن نبهتها من مخاطر الانجرار وراء «الهستيريا»، مؤكدةً أنها لا تزال تأمل في تجنيب سورية محاذير «تصعيد عسكري جديد».
وإذ اعتبرت الدبلوماسية الروسية، أن الاتفاقات التي توصل إليها وزيرا خارجية البلدين سيرغي لافروف وجون كيري في التاسع من الشهر الماضي، «معلقة» فعلاً، عازيةً ذلك إلى موقف واشنطن «المبهم» تجاه المعارضة السورية «الرافضة للاتفاقات»، اعتبرت أن استئناف العمل بها يتطلب انخراط الخبراء العسكريين الروس والأميركيين في «تعاون فعلي» بشأن جوانب تسوية الأزمة السورية، ودعت إلى تخلي واشنطن عما أسمته بـ«المواربة»، مشيرةً إلى وجود مساع روسية مع الإدارة الأميركية لإزالة العقبات على طريق التسوية المتفق عليها مع الولايات المتحدة.
وفي كلمة ألقاها في حفل أقيم بمناسبة عيد رأس السنة الهجرية قال لافروف حسب الموقع الإلكتروني لقناة «روسيا اليوم»: إن تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها في جنيف في 9 أيلول، بشكل دقيق قد يساعد على رفع فعالية التنسيق في مجال مكافحة الإرهاب.
وأضاف: «نعتبر من المهم تجنب انهيار الاتفاقات وتأمين وقف أعمال القتال وتهيئة الظروف لاستئناف العملية السياسية داخل سورية».
وأكد لافروف أن موسكو لا تسعى إلى الاستفادة من عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وإلى فرض نفوذها من خلال إعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة، مشيراً إلى أن ما يحدث في المنطقة حالياً نتيجة مباشرة لخطوات تلك الدول التي تحاول إسقاط نظم غير مرغوبة، بما في ذلك باستخدام القوة.
كما أكد، أن روسيا معنية بتجاوز جميع النزاعات بالطرق السياسية الدبلوماسية على الأساس المتين للقانون الدولي.
وقال: إن روسيا مستعدة للتعاون مع الدول الإسلامية في مجال مكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أهمية توحيد الجهود في مكافحة الإرهاب والتطرف وتشكيل «جبهة واسعة» تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عنها في الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي.
وأضاف: إن روسيا تعد حالياً مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي بهدف تعبئة المجتمع الدولي في مكافحة انتشار إيديولوجيا التطرف والإرهاب.
وفي وقت سابق من يوم أمس وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره الكمبودي في العاصمة الروسية، رد لافروف عن سؤال بشأن التصريحات المسربة لوزير الخارجية الأميركية بشأن خداع الروس لنظرائهم الأميركيين، بالإشارة إلى وجود «تباين كبير» في تصريحات وخطوات الأميركيين بشأن سورية. وأضاف: «نأمل في إزالة (واشنطن) أي مواقف مبهمة، ولاسيما لأنها تطول بصورة مباشرة تعاوننا مع الولايات المتحدة لتنفيذ الاتفاقات الروسية الأميركية»، والتي أكد أنها «باتت معلقة بسبب غموض موقف واشنطن حيال مقاربات عدد كبير من أطياف المعارضة (السورية)، بما فيها المسلحون وبعض المعارضين السياسيين لنظام (الرئيس بشار) الأسد، الذين يرفضون الاتفاقات الروسية الأميركية أو يتهربون من تنفيذها». وأكد لافروف أن روسيا تسعى لـ«إزالة العقبات على طريق تنفيذ ما اتفقنا عليه (مع الولايات المتحدة) بشأن التسوية السورية»، لافتاً إلى أنه يتحدث مع كيري يومياً، وذكر بأنهما أجريا السبت الماضي 3 مكالمات خلال يوم واحد.
وأضاف: «فيما يخص المقال في نيويورك تايمز، فسبق لصحفيين ومحللين سياسيين في مختلف الدول بما فيها روسيا، أن بدؤوا بالتعليق على تلك التصريحات. ولا أعتقد أن هناك داعياً للتعليق عليها على المستوى الرسمي».
وقبل أيام نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية تسجيلاً مسرباً لكيري خلال لقائه مجموعة من المعارضين السوريين على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وبحسب التسجيل، اشتكى كيري من أن الدبلوماسيين الروس تمكنوا من «خداع» نظرائهم الأميركيين الذين لم يعد موقفهم مدعوماً بـ«تهديد واقعي باستخدام القوة».
ولفت لافروف إلى أن الجانب الروسي يشعر بـ«قلق بالغ» من التطورات في سورية وسير تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي بهذا الشأن، ومن محاولات بعض المشاركين في العمليات داخل وخارج سورية، الإقدام على خطوات تتعارض مع القرارات الدولية المذكورة.
والأسبوع الماضي لوح كيري علانيةً بإيقاف تعاون بلاده مع روسيا لتسوية الأزمة في سورية.
بدوره، حذر نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف قائلاً: «إذا أعلنت الولايات المتحدة عن خروجها رسمياً من الاتفاق، سيكون ذلك برأيي، خطأً استراتيجياً كبيراً من جانبهم»، وأشار إلى أن بلاده تواجه حالياً ما سماه «خلافاً حاداً من حيث المفهوم مع أولئك أمثال مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة (سامانتا باور) الذين يحاضرون في العفة من دون أن يكون لهم أدنى حق في ذلك».
وتحدث ريابكوف في تصريحات لوكالة «نوفوستي» الروسية للأنباء عن «إمكانية استئناف تنفيذ الاتفاقات»، موضحاً أن ذلك سيتطلب من الخبراء العسكريين الروس والأميركيين الانخراط في التعاون الفعلي، ومواصلة العمل بين أولئك الذين يتفهمون الأمر الواقع ويقدرون على ضمان وصول المساعدات الإنسانية وتكثيف محاربة التنظيمات الإرهابية واستئناف العملية السياسية. وبين أن بلاده تدعو الولايات المتحدة إلى «وضع العواطف جانباً والتركيز على مثل هذا العمل»، واستدرك «بدلاً من ذلك (نرى) نوبة هستيرية بعد نوبة من جانب السياسيين في واشنطن».
واعتبر أن الصور النمطية الناجمة عن اعتبارات لا علاقة لها بالوضع في سورية أو حولها، باتت مسيطرة في واشنطن وتحولت إلى عقبة حقيقية أمام عمل الخبراء المحترفين بشأن سورية. وتابع أن موسكو ما زالت تأمل في تجنيب سورية تصعيداً عسكرياً جديداً، وأعرب عن ثقته بأن هناك مجالاً لتطوير الاتفاقات الروسية الأميركية، لكنه ربط هذه الإمكانية من حيث المبدأ بـ«مدى استعداد الإدارة الأميركية للسير في طريق الحل السلمي أو ما إذا كانت إدارة (الرئيس الأميركي باراك) أوباما قد تخلت عن الحل السياسي نهائياً».
وأكد الدبلوماسي الروسي الرفيع أن واشنطن لم تبلغ موسكو بعد بتعليق التعاون، لكنه لم يستبعد أن يحصل ذلك في أي لحظة. واستدرك قائلاً: «على خلفية انهيارهم العصبي الحالي يمكنهم أن يتخذوا أي قرار». وأوضح أن واشنطن لم تعد خجولة من بعض مقارباتها غير المعلنة مسبقاً، ومنها اعتبارها أنه إذا فشلت محاولاتها لفرض الوصفات على الآخرين، فالبديل لذلك هو الحل العسكري من أجل تحقيق الهدف القديم أي إسقاط الرئيس الشرعي وحكومته وإعادة هيكلة التضاريس السياسية ليس في سورية فحسب بل خارجها، بشكل كامل.
وأوضح أن روسيا عارضت هذه المقاربة دائماً وحاولت استخدام عمليتها السياسية الثنائية مع واشنطن من أجل إبقاء السياسيين الأميركيين في إطار مقاربات سياسية عقلانية نسبياً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن