سورية

«إس 300» وصلت إلى سورية … موسكو بعد قرار واشنطن: لن نتخلى عن خطط مكافحة الإرهاب ودعم دمشق

| وكالات

أكدت روسيا أن قرار أميركا تعليق العمل بالقنوات الثنائية فيما يتعلق بوقف العمليات القتالية لن يدفعها إلى «التخلي عن خططها لمكافحة الإرهاب ودعم الحكومة السورية»، مؤكدةً أن الدافع وراء القرار الأميركي الأخير يعود إلى إخفاق واشنطن في تنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاق الروسي الأميركي، وبالأخص فصل «المعتدلين» عن الإرهابيين.
وبالترافق مع القرار الأميركي أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن وصول منظومة الصواريخ المضادة للجو إس 300 إلى سورية، وذلك في حين حذرت الدبلوماسية الروسية من استعداد الولايات المتحدة لعقد «صفقة مع الشيطان» في إشارة إلى الإرهابيين، من أجل إسقاط النظام في سورية.
وبالرغم من التوتر الجديد الذي أحدثه القرار الأميركي معطوفاً على انهيار الاتفاق الروسي الأميركي، إلا أن موسكو وواشنطن أبديتا رغبة في العمل معاً من أجل تسوية الأزمة في سورية.
وغداة القرار الذي صدر عن واشنطن، أكد الكرملين أن «روسيا لن تتخلى عن خطط مكافحة الإرهاب في سورية ودعم حكومة دمشق»، وذلك في رفض واضح لمطالب واشنطن من موسكو بممارسة ضغوط على النظام في سورية.
ونقل موقع «روسيا اليوم» عن المتحدث الصحفي باسم الكرملين دميتري بيسكوف، قوله: «موسكو تلقت بأسف نبأ خروج الولايات المتحدة من الحوار حول التسوية في سورية، لكنها لا تريد تضخيم الموضوع فيما يخص آفاق العلاقات الثنائية»، وأشار إلى أن القرار الأميركي لا يشمل الاتصالات العسكرية بين الجانبين بخصوص «أمن التحليقات» أو «عدم التصادم». وقال إن «الاتصالات بين العسكريين الروس والأميركيين لتجنب وقوع حوادث في أجواء سورية ستبقى مستمرة».
وجاءت لهجة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أشد، خصوصاً أن الرجل الذي تفاوض على الاتفاق مع نظيره الأميركي لعشرات الساعات على الهاتف ووجهاً لوجه، لمس أكثر من غيره الخلافات الداخلية الأميركية الأميركية. وقال: «للأسف الشديد، منذ البداية، كان في الإدارة الأميركية مسؤولون كثيرون حاولوا إفشال الاتفاقات» التي توصل إليها وزيرا خارجية روسيا وأميركا في التاسع من الشهر الماضي، وأردف قائلاً خلال لقاء مع رئيس تيار المستقبل اللبناني سعد الحريري: «كما تعرفون، نجح أولئك الذين عارضوا التسوية السياسية وتنفيذ قرارات مجلس الأمن بهذا الشأن، وأعدوا بصورة معلنة خطط سيناريو لاستخدام القوة، هدفهم هو «إفشال الاتفاق مع موسكو»».
ولفت لافروف إلى أن واشنطن فشلت في الوفاء بالتزامها الرئيسي المتعلق بفصل المعارضة المعتدلة عن جبهة النصرة (جبهة فتح الشام حالياً) وأيضاً في فتح طريق الكاستيلو لحل قضايا حلب الإنسانية، لكنه أكد أن روسيا ستواصل جهودها في مسار التسوية السورية وستصر على تنفيذ قرارات مجلس الأمن رغم قرار واشنطن تعليق قنوات التعاون معها، وأشار إلى أن موسكو تعتقد أن «المجموعة الدولية لدعم سورية تقدر ويجب أن تلعب دور زعامة مهم في هذه الجهود».
وشدد على أن الطريق الوحيد لتسوية الأزمة يكمن في جهود دولية تبذلها روسيا والولايات المتحدة وأوروبا وكافة الدول الرئيسية في المنطقة. وأردف قائلاً: «وباستثناء ذلك ستتم تهيئة الظروف لسيناريو استخدام القوة، وهو أمر مرفوض بالنسبة لدول المنطقة وللشعب اللبناني وللسياسيين العقلانيين».
وقدمت وزارة الخارجية الروسية جردة حساب شاملة لفشل أميركا في الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقات 9 أيلول. وبعد أن أعربت الوزارة في بيان لها أمس عن أسفها العميق وخيبتها من قرار واشنطن، ذكرّت بأن «لافروف وكيري ودبلوماسيي البلدين في جنيف بذلوا جهوداً مكثفة من أجل تطبيع الوضع حول حلب، حيث سبق للتنظيمات المسلحة غير الشرعية أن أفشلت نظام الهدنة، مشيرةً إلى أن «واشنطن لم تدعم جاهزية موسكو لإعلان هدنة جديدة مدتها 72 ساعة في حلب»، وبينت أن الجانب الأميركي «اعترض على سحب القوات الحكومية وقوات المعارضة من طريق الكاستيلو» على الرغم من نص الاتفاقات الروسية الأميركية على هذا البند.
وأشارت إلى أن السلطات السورية استجابت لاقتراح روسيا وأبدت الإرادة الطيبة وباشرت في سحب قواتها من طريق الكاستيلو، لكن واشنطن وقفت عاجزة أو غير راغبة في أن تقوم الوحدات الخاضعة لتأثيرها في سورية بالخطوة المماثلة. واعتبر البيان أن تقاعس واشنطن يظهر إما إهمالها لاحتياجات السوريين من المساعدات الإنسانية وتفضيلها استخدام هذا الموضوع لتحقيق أهداف سياسية بحتة، أو عجزها عن التأثر على فصائل المعارضة.
وأعادت الخارجية الروسية إلى الأذهان أن تنظيم جبهة النصرة قد أكد مراراً علناً أنه يستخدم فترات الهدنة لإعداد عمليات هجومية جديدة، لكن واشنطن رغم تعهداتها الكثيرة، لم تفعل شيئاً لفصل المعارضة المعتدلة عن قوات «النصرة». وأكدت أن الولايات المتحدة لم تمارس أبداً ضغوطاً حقيقية على «النصرة»، بل عارضت مرة بعد أخرى أي محاولة روسية لإيقاف هجمات هذا التنظيم. وشددت الوزارة في بيانها: «يعد القرار الحالي لواشنطن انعكاساً لعجز إدارة باراك أوباما عن الوفاء الشرط الرئيسي لمواصلة تعاوننا من أجل تجاوز الأزمة السورية. أو ربما لم تكن لواشنطن أبداً أي نية للقيام بذلك. ويتعزز لدينا الانطباع بأن واشنطن في سعيها لتغيير السلطة في دمشق، مستعدة لعقد صفقة مع الشيطان أي الدخول في ائتلاف مع الإرهابيين المعروفين الذين يحلمون بإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء ويزرعون معاييرهم غير الإنسانية بالقوة».
ودعا البيان واشنطن مجدداً إلى تقييم الوضع، لترى كيف تبدو خطواتها في عيون العالم، منبهاً إلى أن الرهانات أصبحت عالية جداً، وإذا تعرضت سورية بسبب القرارات الأميركية لهجمات إرهابية جديدة، فسيلقى باللوم على البيت الأبيض. وشددت قائلة: «الكرة أصبحت في ملعب واشنطن التي يجب أن تفكر بجدية في المستقبل الذي تريده للشعب السوري».
وفي نيويورك، دعا مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين إلى عدم تصوير الخلافات بين موسكو وواشنطن على الساحة الدولية كأنها «كارثية»، وأعرب عن أمله في عدم تكرار «الحرب الباردة» بين الجانبين، ولم يستبعد عودتهما للتعاون بشأن سورية، مؤكداً وجود إمكانية لاستئناف الحوار في إطار الأمم المتحدة، وقال «إنني لا أستبعد ذلك وسيسرني أن أحاول».
من جهة أخرى، علق تشوركين على تصريحات للمتحدث باسم البيت الأبيض جوشو أرنست، اتهم فيها روسيا بـ«سرقة» نجاحات واشنطن في الحرب ضد الإرهابيين في سورية. وقال تشوركين: «إذا وصفت ذلك بعبارة ملطفة فهي تصريحات تفتقر إلى اللباقة».
وكي توضح موسكو لواشنطن عواقب قرارها فقد سارعت وزارة الدفاع الروسية إلى الإعلان عن وصول منظومة الصواريخ الروسية المضادة للجو إس 300 إلى سورية. وهذه المنظومة طلبت دمشق شرائها من موسكو منذ زمن ومن شأن امتلاك الجيش السوري لها أن يغير موازين القوى في شرق المتوسط والشرق الأوسط.
في بروكسل، انتقد وزير الخارجية الأميركي جون كيري روسيا «لقرارها الطائش غير المسؤول» بدعم الرئيس بشار الأسد، وأوضح أن بلاده وبالرغم من قرار تعليق التعاون مع موسكو «لن تتخلى عن الشعب السوري ولن تتخلى عن السعي وراء السلام»، وأضاف: «سنستمر في البحث عن وقف دائم وله معنى وواجب النفاد للاقتتال في أنحاء البلاد – وهذا يتضمن وقف طلعات الطائرات القتالية السورية والروسية في مناطق معينة».
وقال كيري: إن الولايات المتحدة ستعمل لخلق الظروف المناسبة لاستئناف محادثات السلام، وأضاف: إن روسيا وسورية «تعلمان جيداً ما ينبغي عليهما عمله». واعتبر أن روسيا «غضت الطرف» عن استخدام النظام لغاز الكلور والبراميل المتفجرة بصورة بشعة وأنها تطبق سياسة الأرض المحروقة بدلاً من الدبلوماسية، ورأى أنه لو كانت روسيا جادة بشأن السلام لتصرفت على نحو مختلف عما تفعله الآن في سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن