السادس من تشرين الأول ميلاد أمة… فجر انتصار
ترصيع بالذهب على سيف دمشقي… نزار قباني
أتراها تحبني ميسـون..؟
أم توهمت والنساء ظنون
يا ابنـة العم… والهوى أمويٌ
كيف أخفي الهوى وكيف أبين
هل مرايا دمشق تعرف وجهي
من جديد أم غيرتني السنيـن؟
يا زماناً في الصالحية سـمحاً
أين مني الغوى وأين الفتون؟
يا سريري.. ويا شراشف أمي
يا عصافير.. يا شذا، يا غصون
يا زواريب حارتي.. خبئيني
بين جفنيك فالزمان ضنين
واعذريني إن بدوت حزيناً
إن وجه المحب وجه حزين
ها هي الشام بعد فرقة دهر
أنهر سبعـة ..وحـور عين
آه يا شام.. كيف أشرح ما بي
وأنا فيـك دائمـاً مسكون
يا دمشق التي تفشى شذاها
تحت جلدي كأنه الزيزفون
قادم من مدائن الريح وحـدي
فاحتضنّي ،كالطفل، يا قاسيون
أهي مجنونة بشوقي إليها…
هذه الشام، أم أنا المجنون؟
إن تخلت كل المقادير عني
فبعيـني حبيبتي أستعيـن
جاء تشرين يا حبيبة عمري
أحسن وقت للهوى تشرين
ولنا موعد على جبل الشيخ
كم الثلج دافئ.. وحنـون
سنوات سبع من الحزن مرت
مات فيها الصفصاف والزيتون
شام.. يا شام.. يا أميرة حبي
كيف ينسى غرامـه المجنون؟
شمس غرناطة أطلت علينا
بعد يأس وزغردت ميسلون
جاء تشرين.. إن وجهك أحلى
بكثير… ما سـره تشـرين ؟
إن أرض الجولان تشبه عينيك
فماءٌ يجري.. ولـوز.. وتيـن
مزقي يا دمشق خارطة الذل
وقولي للـدهر كن فيـكون
استردت أيامها بك بدر
واستعادت شبابها حطين
كتب الله أن تكوني دمشقاً
بك يبدأ وينتهي التكويـن
هزم الروم بعد سبع عجاف
وتعافى وجداننا المـطعـون
اسحبي الذيل يا قنيطرة المجد
وكحل جفنيك يـا حرمون
علمينا فقه العروبـة يا شام
فأنت البيـان والتبيـيـن
وطني، يا قصيدة النار والورد
تغنـت بما صنعت القـرون
اركبي الشمس يا دمشق حصاناً
ولك الله … حـافظ و أميـن
ناداهم البرق … سليمان العيسى
ناداهم البرق فاجتازوه وانهمروا
عند الشهيد تلاقى الله والبشر
ناداهم الموت فاختاروه أغنية
خضراء مامسها عود ولاوتر
تقدس المطر المجدول صاعقة
وزنبقا؛ ياشموخ الأرض يامطر
لاتفلتي قبضة التاريخ عن غدنا
أطفالك السّمر ياصحراء قد كبروا
ريش على صهوات الرّيح فجّرها
بالمعجزات وريش راح ينتظر
تعانق النسر والتاريخ ملحمة
وكبّر العشب والينبوع والحجر
تعانق الفارس المقدود من ألم
والتل ّ؛ فالعاشقان التلّ والشّرر
وأينعت بالدم الجولان وانضفرت
سيناء؛ ياروعة الأكليل ينضفر
سرّ الصحارى وسلها كلما يبست
من أين ينبع فيها الظلّ والشجر ؟
افتح جناحيك ياتشرين ؛ مدّهما
على الرياح وخلّ الأرض تستعر
تشرين لم ينته الشوط الذي بدأت
خيولك البيض.. في الميدان من نفروا
في خندق النار مازلنا؛ وتعرفنا
خنادق النارعن قرب وتذّكر
قل للحضارات: لن تمحي بزوبعة
سوداء تطغى ؛ فتستعلي ؛ فتنكسر
قل للغزاة: كأسلاف لكم ؛ خبر
أنتم على أرضنا إن تنتفض ؛ خبر
لأننا – وجذور الشمس في يدنا -
نقاتل الحلك الباغي سننتصر
إنهم وطن… أحمد عبد المعطي حجازي
إنه وطن
لستَ أنتَ، ولست أنا
إنه وطن
شجرة, ودم, ونجوم
وروح يفكر في ذاته
وطن ظل في صمته
في جلال تواضعه
ظل منتظراً في غيوم كآبته
حاملاً جرحه المتفتح
عاماً, وعاماً, وعاماً
ونحن نحدث عنه
ونهرب من وجهه المتسامح
حتى أتت ساعة
فرأيناه قام بمفرده
عابراً برزخ الموت
ينفض عن كتفيه الصواعق
مبتسماً للمصير الذي يتراءى له
ويكلمه بلسان عجيب
ونحن نتابعه ذاهلين
لقد قام.
كان الليل طويلاً… توفيق زياد
طويلاً كان الليل طويلاً كان
وثقيلاً كان العار ثقيلاً كان
وعميقاً كان الجرح , عميقاً كان
حتى اللقمة كانت ذلاً و هوان
أما الآن، الآن، الآن
فالفرح المسقي دماً
ينبت في كل مكان
ينبت برداً وشقائق نعمان
كان العبور مقدساً والشمس في عز الظهيرة
والشام تعود للجولان زاحفة على جسد الردى
باسم الحياة
والقذائف تسحق الفولاذ بالفولاذ
والناس الدمشقيون كالغضب المقدس
يزحفون ويزحفون
كان العبور مقدساً
ومقدساً يبقى الوطن
قتلنا نكسنا… القروي
جعلنا قلعة الطغيان دكاً
زعيق نسورهم فيها نصيب
جبال حديدهم رمل مهيل
وجيش حدودهم شمع يذوب
وذكرى القادسية والمثنى
تضج به المدائن والسهوب
قتلنا نكسنا عطشاً إليه
ففي أحشائه فيه لهيب
فكل قلوب أهل الأرض حب
و كل حجارة الدنيا قلوب
بذلنا النفس… هند هارون
إيه تشرين, وقد أوقدت في صدري لهيبه
بت في قلبي ربيعاً تنشر الدنيا طيوبه
صرت لحناً في حداء الشعر يندى بالعذوبه
أنت للتاريخ سفر مشرق، أنت الخصوبه
فيك تشرين استعدنا عزة كانت سليبه
وصعدنا الدرب نمحو صفحة الأمس الكئيبه
وبذلنا النفس يوم الصوم لا نبغي مثوبه
ورفعنا في الذرا الشماء رايات العروبه
لسيِّدةِ الضَّوء.. ليندا إبراهيم
لسيِّدة الضَّوءِ..
للألقِ السَّومريِّ السَّنيِّ تضجُّ به مُقلتاهَا..
لسيِّدة الخِصْبِ في أرضِ كنعانْ..
لسِرٍّ بروحِ ابنِهَا «النَّاصريِّ»..
لأبهى الأيائل عند السُّهوبِ.. لأغلى الصَّبايا بسهلِ الجليلِ.. سلامٌ… سلامْ..
ولأن ضياهَا توشَّى بهِ الحبرُ.. أمَّا بهاهَا فحدِّثْ ولا حرجٌ..
و أمَّا اصطفافُ اليَمامِ على ضِفَّتَي جُرحِهَا وهديلُ ضفائرِها إذ يغنِّي نشيدَ السَّلامْ..
سأتلُو عليكُم إذا ما تيسَّرَ لي من كتابِ الشَّآمْ…
هيَ في خاطرِ الله أكملُ مِن خلقِهَا..
و أجملُ من برقِهَا في ضمير الغَمَامْ..
هي كلُّ الجميلاتِ في الأرض كلُّ الأميراتِ فوقَ العُرُوشِ وأختُ الورودِ وأصلُ الخُزام..
على قدميهَا جثا ألف غازٍ.. وصلَّت لها القممُ الشامخاتُ، وبالقُربِ منْ «طُورِها ضوَّء الكونَ خيرُ الأنامْ….
وقيلَ قديماً بأن «الفتى الأخضرَ» المرَّ فوق ثراهَا.. فأمرعها خُضرةً حيثُ حَلَّ.. وأنَّ السِّنينَ العِجَافَ توالتْ على أهلها.. وما من نبيٍّ يُؤوِّلُ رؤيا… فيا ربِّ حوِّل سحائبها طلعَ قمحٍ فيُخصِبَ كلَّ بساتين غوطتها.. ويا وجهَها الغضَّ مُرَّ بروحي نُرتِّلْ أناشيدَ أهلِ الشآمْ…
سلامٌ عليهم… وألف سلامْ..
هِيَ من ملكات الزَّمانْ…
تَوضَّأ في سِرِّها ألف نايٍ.. وهامتْ بها مُذْ رأتهَا المَرايا…
تربَّت على شَجرِ الرُّوحِ حتَّى تفتَّح في صَدرهَا الياسمينُ، وكانت ضفائرُها كلَّما ائتلقت تنشُر العطرَ فوق مداها… وأمَّا هواها فما مالَ يوماً عنِ المجدِ.. لا الوردُ جَفَّ ولا نِفدَ الخَمرُ مِنْ دنِّهَا فيداها تصوغ من الحسن أشهى جناها…
وقيل.. وعشاقها.. الهائمون ثَوَوا في التكايا فكان النبيُّون.. كان الدَّراويشُ.. ملحَ الزَّمَانْ..
سلامٌ عليهم… وألف سلامْ..
تقول الرِّياحُ.. مضَى العامُ… خمسة أعوام.. خمسٌ شدادٌ…
ذوَتْ بسمَةُ الوردِ في مَهدِهَا، بكى الياسَمينُ.. بَكَى شَجَرُ القَلبِ.. كلُّ طُيُورِ المَدائنِ.. كلُّ الفراشَاتِ والقبَّراتِ…
«خَبِّئينِي بحُضنِكِ كَيلا تَرَى عَينُ أمِّيَ مَوتِي.. « يَقُولُ الشَّهيدْ…
هَدهِديني لأغفُو بحضنِ التُّرابِ فَهَا أن ذا سوف أمضِي سَعيداً لأن الصِّغارَ سَيَحْيَونَ أطولَ بعدي.. وتُوقَدُ هذي الشُّموعُ لأجيالكِ القادمين…
«.. كتبَ الغيمُ نصَّهُ في مداها… وفَتَى الشَّام راحَ يُملِي عَلَيهِ..
سُورَة المَجدِ من كتابِ المَعَالي… والأغاني سمرٌ على شفتيهِ
زرقة الصُّبحِ بعضُ بعضِ سَناهُ… وسَنَا البرقِ من فُيُوضِ يَدَيهِ..»..
الآن أختتمُ الكتابَ…
فكلُّ جرحٍ غائرٍ في الرُّوحِ يُنشدُ ما تبقَّى منْ أنيني… فالأنينُ اليومَ أقرب للسِّمَاءِ منَ الصَّلاة…
وسأقنعُ الصُّوفيَّ قلبي أن يُناجي سرَّكِ المَخبُوءَ في قلبِ الإلهْ…
اَلآنَ أشهدُ ملءَ رُوحِي أنَّكِ الأرض التي شَرُفَتْ على كُلِّ المدائنِ.. والقصَائدِ.. والكَلامْ…
يا أنتِ..
يا أرضَ الشَّآمْ..