سورية

البيت الأبيض يرفض استهداف الجيش العربي السوري … خطة روسية «بديلة» تشق طريقها.. وتحفظ ألماني وفيتو أوباما يقلص الخيارات الأميركية

| الوطن- وكالات

مع انهيار الاتفاق الروسي الأميركي وتصاعد التهديدات الأميركية بتنفيذ «الخطة ب» وبحث خيارات عسكرية ضد الجيش العربي السوري وفرض عقوبات على موسكو ودمشق، بدأت روسيا زيادة حشدها العسكري في سورية، والتلويح بالخطة الخاصة بها، مؤكدةً أن مفاوضاتها مع واشنطن لم تكن لعبة وأن الجزء الشرقي من مدينة حلب خاضع لسيطرة جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً والمدرجة على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية) والميليشيات المرتبطة بها.
واصطدمت مساعي واشنطن لفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا بتحفظ ألماني، في حين أعرب البيت الأبيض بوضوح عن رفضه لاستهداف الجيش العربي السوري كي لا «يوتر» الوضع مع الروس.
وقبل أيام، أعلنت واشنطن تعليق قنوات الاتصال الثنائية مع روسيا بشأن نظام وقف إطلاق النار في سورية، مؤكدةً أنها ستواصل المحادثات تحت مظلة الأمم المتحدة وضمن «المجموعة الدولية لدعم سورية».
في موسكو، أكدت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن مشاركة موسكو في المفاوضات مع واشنطن من أجل تسوية الأزمة السورية، كانت «محاولة صادقة لإيجاد حل سلمي». وتابعت: «لم تكن لعبة أو مسابقة في القوة والحكمة».
وأردفت زاخاروفا في مقابلة مع قناة «روسيا اليوم» قائلةً: «لم نخطط للدخول في منافسة مع الولايات المتحدة، بل كنا ندعو إلى التعاون». وأضافت: «قضينا أكثر من 6 أشهر في المفاوضات مع شركائنا الأميركيين من أجل وضع بنود اتفاق لا نختلف حولها»، لكنها جددت الإشارة إلى اختلاف الأميركيين فيما بينهم بشأن الاتفاق. ومضت موضحةً: «هناك قوى معينة ومجموعة أشخاص وتكتلات تدعم خيارات معينة لحل المسألة وتكتلات أخرى تتمسك بموقف مختلف تماماً».
وبدوره، أكد مندوب روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيجوف أن جوهر الخلافات بين موسكو وواشنطن حول التسوية السورية يكمن في إخفاق واشنطن، سواء عن قصد أم بغير قصد، في الوفاء بالتزاماتها التي أخذها على عاتقه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وعلى رأسها فصل المعارضة المعتدلة عن جبهة النصرة (جبهة فتح الشام حالياً).
وأوضح تشيجوف أن الجزء الشرقي من مدينة حلب خاضع لسيطرة «النصرة» وتنظيمات مرتبطة بها. وكشف أن الأميركيين قالوا للروس إن «بعض تلك التنظيمات قد يكون جزءاً من المعارضة المعتدلة»، وأشار إلى أن موسكو «وافقت على هذا الموقف بشرط أن ينسحب هؤلاء المعتدلون من مواقع النصرة»، لافتاً إلى أن الأميركيين سبق أن التزموا في شهر شباط الماضي بضمان مثل هذا الفصل، لكنهم بقوا عاجزين منذ ذلك الوقت عن الوفاء بهذا الالتزام الذي أكدته ليس وزارة الخارجية الأميركية فحسب، بل ووكالة الاستخبارات المركزية.
وبين أن آخر ما سمعته موسكو من واشنطن بهذا الشأن، هو أن مجموعات المعارضة يجب أن تقرر بنفسها انتماءاتها، ووصف هذا الموقف بـ«غير الجاد وغير المناسب البتة نظراً للأوضاع الحالية في حلب».
وجاء ضم السفينتين «سيربوخوف» و«زيليوني دول» الروسيتين الصاروخيتين المزودتين بصواريخ «كاليبر» المجنحة إلى تشكيلة المجموعة الدائمة للسفن الحربية الروسية في البحر المتوسط على أساس دائم، ضمن سياق تصاعد التوتر الروسي الأميركي.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم أسطول البحر الأسود الروسي نيقولاي فوسكريسينسكي أن السفينتين اللتين وصلتا مساء أمس البحر الأبيض المتوسط قادمتين من ميناء سيفاستوبول في البحر الأسود أول من أمس، ستظلان في قوام مجموعة المتوسط إلى أن تحل محلهما سفن حربية أخرى حسب خطة قيادة الأسطول.
وسبق لسفينتي «سيربوخوف» و«زيليوني دول»، اللتين دخلتا الخدمة قبل عام، أن شاركتا في منتصف آب الماضي في العملية العسكرية الروسية بسورية حيث أطلقتا 3 صواريخ مجنحة من طراز «كاليبر» إلى أهداف «جبهة النصرة».
من جهة أخرى، كشف مصدر عسكري دبلوماسي روسي رفيع المستوى أن وزارة الدفاع الروسية احتاطت لاحتمال انسحاب الولايات المتحدة من المباحثات الأميركية الروسية حول سورية، فوضعت خطة احتياطية مضادة للخطة «ب» الأميركية بحسب صحيفة «ازفستيا» الروسية من دون أن يقدم المصدر تفاصيل أخرى. وبدوره، قال فرانتس كلينتسيفيتش النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد (الغرفة العليا للبرلمان الروسي) «إننا نستطيع أن نزيد الدعم الناري للقوات المسلحة السورية إلى حد كبير عند الضرورة».
وفي المقابل، أشارت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إلى أن إدارة الرئيس باراك أوباما تدرس إمكانية توجيه ضربات عسكرية ضد مواقع للجيش السوري، رداً على انهيار الاتفاق الروسي الأميركي. ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري، أن مجلس الأمن القومي الأميركي سيجتمع اليوم الأربعاء (أمس) لمناقشة شن هذه الغارات، ولم تستبعد أن يوافق أوباما خلال الاجتماع على تنفيذ ضربات ضد النظام.
وقالت الصحيفة: إن هناك مزاجاً سائداً بين القادة الأميركيين، بمن فيهم العسكريون، بضرورة توجيه ضربات عسكرية لتدمير مطارات سلاح الجو السوري. ونقلت واشنطن بوست عن أحد المشاركين في النقاش، أن الخيارات التي هي قيد النظر «لا تزال سرية»، وتشمل غارات على مدارج القوات الجوية السورية باستخدام صواريخ كروز وغيرها من الأسلحة بعيدة المدى، تطلق من طائرات وسفن قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
ووفقاً للمسؤول المشارك في النقاش فإن «إحدى الطرق المقترحة للالتفاف على اعتراضات البيت الأبيض القديمة ضد توجيه ضربات لنظام (الرئيس) الأسد من دون قرار مجلس الأمن، تكون بتوجيه مثل هذه الضربات سراً، من دون الإعلان».
ولا يبدو أن خيارات قصف الجيش العربي السوري، سترى النور قريباً في ضوء الموقف الذي أعلنه البيت الأبيض أول من أمس وأكد فيه أن الحرب على العراق قوضت سمعة أميركا وأن أوباما لا ينوي تكرار ذلك في سورية». وبين المتحدث باسم البيت الأبيض بحسب موقع «الميادين» أن الولايات المتحدة لا مصلحة لها في قصف مواقع الجيش العربي السوري وأن هذا الفعل يوتر الأجواء مع الروس، وشدد على أن الحل في سورية سياسي، وأن لا دولة تستطيع فرض حل على الشعب السوري في إشارة إلى روسيا.
وسبق للمتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر أن أوضح أن مديري الوكالات الغربية المتخصصة في مسائل الأمن والسياسة الخارجية سيجتمعون في ألمانيا لإعداد قائمة للرئيس الأميركي بكل الخيارات الممكنة للتعامل مع الأزمة السورية بعد تعليق المفاوضات الأميركية الروسية بشأن إحياء الهدنة في سورية.
وأوضح المتحدث أن المجتمعين سيبحثون كل الخيارات المتاحة، بما فيها الخيار العسكري، مشدداً في الوقت نفسه على أن وزير الخارجية جون كيري يواصل سعيه الدؤوب مع شركاء الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي. وبحسب مسؤولين أميركيين، فإن واشنطن تعتبر أن فرض عقوبات اقتصادية جديدة على موسكو والنظام سيكون أكثر فعالية بكثير إذا ما طبق على مستوى عالمي وليس من الولايات المتحدة لوحدها.
ولفت تونر إلى أن الهدف من اجتماع مدراء الوكالات الأميركية في واشنطن هو «للنظر بدقة في مقاربتنا المقبلة»، مؤكداً أن المجتمعين «سيناقشون خيارات دبلوماسية وعسكرية واستخبارية واقتصادية». واستدرك «ولكن في الجوهر رأينا لم يتغير، نحن ما زلنا نشدد على تسوية سياسية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن