من دفتر الوطن

ما بالنا؟ لا شيء يوقظنا!

| حسن م. يوسف 

رغم إيماني العميق بمقولة المفكر السوري الكبير أنطون مقدسي: «كل يأس من الإنسان خطأ لا يغتفر». لم أشعر بأية نسمة من التفاؤل عندما انتهيت من قراءة المقال الذي نشره ميشيل كيلو رئيس ما يسمى «اتحاد الديمقراطيين السوريين» في التاسع من تموز الماضي، أي قبل شهرين من نشر هذا المقال، والذي أعلن فيه بالحرف الواحد: «صديقنا الأميركي المخلص نجح في الضحك علينا وخداعنا طوال السنوات الخمس الماضية».
وسر عدم تفاؤلي بهذا الكلام الذي يوحي بـ «عودة الوعي» ينبع من حقيقة أن كاتبه ميشيل كيلو، قد نشره ضمن مقال صحفي في جريدة «العربي الجديد» اللندنية التي وصفت عقب صدورها بأنها المنبر الناطق باسم «الربيع العربي» الذي حرق العروق الخضراء القليلة المتبقية في دنيا العرب من دون أن يقرب الأنظمة اليابسة فيها! وسر هذه الجريدة المفضوح يكمن في أنها تصدر عن شركة «فضاءات ميديا ليمتد»، التي يقف خلفها المدعو عزمي بشارة مسلحاً بالمال النفطجي القطري. والحق أنني بت أرتاب بأكثر الأفكار صواباً عندما يسوِّقها لنا هذا العزمي بشارة، عضو الكنيست السابق، الذي جاءنا من اليسار وزايد علينا في العروبة والتقدم والمقاومة، وعندما عانقناه، نحن السوريين، طعننا بخنجره المسموم من اليمين!
كتب كيلو مقاله هذا لمناسبة صدور الجزء الثاني من «خطة سلام من أجل سورية» عن «وقفية راند»، المقربة جدا من أوساط الخارجية الأميركية، وخلاصة الخطة تقسيم سورية إلى ثلاثة كيانات وفرض «أشكال جديدة من الحكم والإدارة في المناطق الثلاث»… الخ.
ورغبة من كيلو في تبرئة نفسه من مسؤولية هذا المخطط لو نجح، يعلن كالمفجوع أن صديقه الأميركي المخلص قد نجح في الضحك عليه وخداعه طوال السنوات الخمس الماضية، ليس هذا وحسب، بل يحذر من هذه الخطة بقوله إنها «ستقضي على الوطن والثورة»! ويختم مقالته بالقول: « ماذا علينا أن نفعل لمواجهة ما يدبّر لنا منذ سنوات على يد دولةٍ اعتقد معظمنا، معظم الوقت، أنها صديقة لنا، لن تسمح بهزيمة ثورتنا المطالبة بالحرية؟ علينا الإجابة عن هذا السؤال في أقرب الآجال، كي لا نخون شعبنا وأنفسنا».
أطرف التعليقات على مقال كيلو جاء من رفاقه في (المعارضة) حيث أجابه محمود الخلف رئيس حزب الوسط المنشق عن حزب الإخوان المسلمين، والمقيم في لندن منذ ربع قرن بقوله: «الخيانة حدثت ومنذ تشكيل المجلس اللاوطني (أي التحاصصي) ومن بعده الائتلاف بطريقة تحاصصية لا نوعية – كمية… الخ».
يعلم قارئ العربية أن «أقرب الآجال» التي تحدث عنها كيلو في ختام مقاله تعني « أقرب وقت ممكن» غير أن كيلو وجماعته لم يفعلوا شيئاً خلال الشهرين الماضيين سوى قبض رواتبهم الضخمة! تاركين مهمة «أقرب الآجال» لقادم الأجيال!
في مثل هذا اليوم قبل ثلاثة أعوام قمت بجولة في البرية بعد بضعة أيام من هطول المطر والتقطت عدة صور لنباتات استيقظت في قلب الصخر، وقد نشرت الصور على صفحتي في الفيس بوك وعلقت عليها بالكلمات التالية:
«الطبيعة لا تريحني وحسب بل تعلمني.
بضعة نقاط من المطر تكفي كي توقظ الحياة حتى في قلب الصخر
فما بالنا؟ لا شيء يوقظنا!».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن