ثقافة وفن

رسم الملامح والوجوه بقلم رصاص.. هو تحدّ جميل … طارق قيسي لـ «الوطن»: بقلمي الرصاص أصنع حالة من الحياة وأصوغ تفاصيل جميلة

| سوسن صيداوي

يقال الواقع أسود، ولكن ومع كل سوداويته إلا أنه انطلاقة للكثير من الفنون والإبداعات الأدبية والفكرية، والأسود في عنوان الأناقة هو القمة وفيه سحر خاص قادر على جذب الأنظار أينما حل من توشح به، ولكن كيف إذا كان هذا السحر نتاج مجرد قلم رصاص، مجرد أداة بسيطة إلا أنها قادرة على خلق مواضيع بلوحات من الواقع إلى حدّ كبير، عميقة واضحة مفسّرة بشكل بسيط ورائع، هكذا هي أعمال الموهوب والإعلامي طارق قيسي الذي اختار قلمه الرصاص كي يكون رفيقاً له منذ نعومة أظفاره وحتى اللحظة، جاعلاً من كراسته المدرسية مجموعة لافتة للنظر يستمتع بتقليب صفحاتها كل المدرسين والزملاء في الصف، ورغم أنه يعمل في المجال الصحفي ومقيد بالوقت الذي يحتاجه هذا العمل إلا أن رسم الوجوه بقلمه الرصاصي يأتي متنفساً يعبّر من خلاله عن الواقع ويفك شيفرة الملامح الشخصية باعتباره قارئاً جيداً لها، وينقلها لنا معبراً عمّا يجول في لبّهم من أفكار وما يشغلهم من عواطف ومشاعر هي في النهاية.. واقع حقيقي.

متى بدأت علاقتك بقلم الرصاص؟
بدأت علاقتي مع قلم الرصاص منذ الطفولة، فهذه العلاقة هي كعلاقة كل طفل مع أداته التعبيرية الأولى، ومن ثمَّ تحولت هذه العلاقة إلى صداقة وذلك لسهولة التعبير ولقربه من المتلقي، وبطبيعة الحال انتقلت إلى حالة تميّز تخص كراسة الرسم المدرسية التي عادة ما نالت رضا المدرس المختص والزملاء، ولكن بقيت هذه العلاقة من دون تطوير أكاديمي معتمدة على التعلم الذاتي والمواظبة والارتقاء مع الزمن، وكأداة أولى تفوق الرصاص في نتاجه على الألوان من حيث الاقتراب نحو الواقع المحيط.

ولماذا إلى اليوم تستخدم قلم الرصاص؟
أنا اعتبر الرصاص خامة مطواعة في الرسم، ولكنني أرسم لمتعتي الذاتية هذا بالدرجة الأولى ومن ثم أحاول ومن خلال الموضوعات التي أختارها برسوماتي أن أقوم بخلق حالة من الحياة وصياغة تفاصيل جميلة وكلّها بأداة بسيطة وهي مجرد قلم رصاص.

لماذا اخترت الوجوه برسوماتك.. هل لأنك تملك القدرة على فهمها؟
اختياري للوجوه يحمل الكثير من التحدي، فلكل نظرة حكاية وكل تعبير يختزن ماضياً وتجربة، وأنا أحاول الوصول إلى هذه الملامح، كما يقوم الكاتب من خلال مؤلفاته سواء أكانت قصائد أم قصصاً أم روايات بتشكيل حالة صداقة شبيهة بعلاقة الكاتب مع الكلمة.

لماذا تعامل وجه المرأة والأطفال بشكل خاص؟
أول وجه امرأة كنت رسمته كان وجه والدتي وتلتها معلمتي، وهنا أريد السؤال أليست المرأة هي الوطن، ومن هنا بدأت أتعامل مع المرأة بأنها هي الحضارة سواء أكانت ربة منزل أم حتى مثلا ملكة وطبعا أنا أنتمي إلى هذه الحضارة التي لها مكانتها الراقية والجميلة، أما بالنسبة إلى وجوه الأطفال فلها بحد ذاتها خصوصية، وبالنسبة لي أنا أستمتع جداً في نقل ملامح تلك الوجوه وفي التقاط نظرة طفل ونقلها إلى الورق، فهو بالنهاية تحدّ جميل.
برأيك أيهما أهم للفنان.. الموهبة أم التعلم الأكاديمي.. وأيهما الأنفع للاحتراف؟
الموهبة تخبو أو تنطفئ شعلتها إذا لم تُحاط بالاهتمام، كما أن الموهبة بحاجة إلى صبر كبير وممارسة وتعليم أكاديمي، والأخير الذي هو ضروري لاختصار الزمن كي يتم صقل الموهبة بشكل جيد ومن ثم وضعها على سكة الاحتراف، وحتى الآن ما زلت طامعاً في إيجاد مساحة من الوقت كي أمنح ما أقدمه من فن، فرصة التأطير العلمي.

حدثنا عن عملك الإعلامي وإلى أي مدى يفيد ويعزز من موهبتك أو هوايتك؟
يحتاج عملي في ميدان الإعلام الإلكتروني إلى الكثير من الدقة والعناية بالتفاصيل، إضافة إلى السرعة في التعاطي مع الأخبار العاجلة، فالمتلقي اليوم في زمن وسائل التواصل الاجتماعي لا يقبل بالتأخير ولا يغفر أي خطأ بنقل المعلومة أو بصدقها، إضافة إلى أن ميدان المنافسة واسع، وطبيعة هذا العمل من حيث التعامل الدقيق مع التفاصيل، انعكس على هوايتي إيجابا وتقاطع معها، لكنّ الحاجة في هذا العمل إلى السرعة في الإنجاز تتناقض مع الرسم، كما أن الهواية ترتبط بالحالة المزاجية التي يتم تحييدها أثناء العمل.
على ذكر الهواية والموهبة هل هناك من تأثرت به في وسطك العائلي؟
أنا ابن عائلة مارست الرسم كهواية ولم تحترف، فوالدتي هي من اختصرت المسافة بيني وبين الورق وهي من اعتنت بموهبتي وقامت بنصحي، كما كان لجدي تجربة مميزة مع قلم الفحم وأعتقد أن هذه التجربة عبرت إليّ من خلال المورّثات.

هل أنت متابع للأعمال الفنية في الرسم خلال الوقت الحالي؟
أتابع عبر وسائل التواصل الاجتماعي باهتمام كبير أعمال بعض المحترفين وكذلك الهواة في مجال رسم البورتريه، كما أراقب تطور تجاربهم من عمل إلى آخر، وعادة ما تكون المرأة من حيث الموضوع هي التي أتوقف عندها طويلا.

إذا خُيّرت باستخدام الألوان.. ما الألوان التي ستختارها ولماذا؟
انتقالي إلى استخدام الألوان سيرتبط بمزاجيتي وانقشاع ما نعيشه من ظلمة، إضافة إلى تطور تجربتي وقدرتي على تطويع الألوان على اختلاف الخامات سواء المائية أو الزيتية أو الفحم كي أتمكن من تصوير الواقع كما هو.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن