ثقافة وفن

«في فمي ماء» ينطق بما استطاع من الحقيقة

| عامر فؤاد عامر

درج أن تُجمع حوارات الكاتب أو المؤلف أو المفكر في كتابٍ قد نطلق عليه كتاب حصيلة العمر أو ما يشبه ذلك، ففي مثل هذا النوع من الكتب رؤى متنوعة بين المحاورين تجاه المُحاور وبين زوايا متعددة للنقاش والحوار وطريقة طرح السؤال والإجابة عنه يأتي التنوع وصورة الغنى فيه. وللدكتور «نضال الصالح» نصيبه في هذا الصنف من المؤلفات في مؤلفه «في فمي ماء» الذي جاء بعدد كبير من الحوارات منذ العام 1990 وإلى 2013.
الجواب بلى

حضر حفل التوقيع جمهور كبير من المثقفين والإعلاميين، وقدّم الحفل المذيعة «زينب حمود»، كما شارك في تقديم ونقد الكتاب مجموعة من المثقفين والمختصين في الأدب والبداية كانت مع الروائي الدكتور «حسن حميد»، الذي وصف مدى العلاقة والمحبة التي جمعته بصديق عمره ومما قاله أيضاً: «بلى لكم تشبه الكتابات الجميلة البساتين، لما فيها من غنى وبهجة وطعوم، ورحابة وألوان وأطيار، بل لكم تشبه الكتابات الجميلة الغيوم وهي تتدافع وتتماهى وتعلو وتهبط وتمور وتنبسط وتنكمش وتشف مثل ستائر الحرير.
بل كم تشبه الكتابات الجميلة دروب العشاق الناحلة الملأى بالحيرة والرجفان والانتظار…بل لكم تشبه الكتابات الجميلة زينة الأمّهات وقد صرن زبيباً للمحبة والحنين والسؤال واللهفة الحارقة ومدناً للجمال، وبعد لماذا أدفع بهذا الصبر الطويل الطويل ألكي أقول لكم إن في كتاب الدكتور «نضال الصالح» غنى يشبه غنى البساتين وعيون الماء وخلايا النحل ودور العشاق وضفاف الأنهار في معادي الطواحين وكروم العنب واتساع البراري ومكاشفة النهارات؟ الجواب بلى».
الواقع مرجع والنظرية هادٍ

قدّم الناقد الكاتب «عاطف بطرس» في كلمته، سيرة أدبية وفنيّة في تطور أديب وناقد: «لا تدع الماء في فمك يحجب سلطة مقاربة الحقيقة، ولو أن كلاً منّا يعتقد أن الحقيقة كما يراها حقيقةً، لما آلت أمورنا إلى هذا الخراب المعتم، ولو أن كلاً منّا حمل صليبه كما يتطلب واجب الثقافة ورسالة الأدب لكان طريق الجلجلة أقصر وأقلّ إيلاماً، بمنجزك النقدي قرأت بعضاً من أفكارك كأننا نهلنا من مرجع واحد، الواقع مرجع والنظرية هادٍ، والنص قراءة وتفكيك وتركيب وهذا وحده ليس كافياً لإعجابي بسيرتك النقدية ومسارك الفكري ومرجعيتك النظرية، وما أدهشني فيه الوحدة الفكرية والانسجام النظري والتماسك المعرفي والتعميمات النظرية في معظم المقالات…».

لا تثقل الضبط الداخلي
على القارئ
أوضح الدكتور والروائي «إسماعيل مروة» عطفاً على الكاتبين السابقين في كلمته مزيداً من الإيضاح حول الكتاب ومؤلفه: «الدكتور نضال الصالح ناقد يهتم باللغة اهتماماً كبيراً جداً، وهذا الكتاب عليه التاريخ، وما زال يعتني باللغة في هذا الكتاب أيضاً، وقد قلت له ذات مرّة لا تثقل الضبط الداخلي على القارئ، الضبط الداخلي للكلمات، لأنه يشتت، فقال لي: هكذا أنا ولا أريد أن أغيّر. في هذا الكتاب لا أستطيع إلا أن أكون قارئاً، فالعنوان ليس نقدياً هو عنوان إبداعي وحوارات في الأدب والثقافة، ووجدت في الكتاب أموراً عدة ومنها أن هناك ما ينظم هذه الفصول فهي من أولها إلى آخرها تتحدث في النقد وكأنه يريد أن يقول هذه مدرستي لطلابه ولشداة النقد أمثاله…».

ثلثا الحقيقة أو أكثر
أشار الروائي «نذير جعفر» في كلمته إلى مجموعة من النقاط نذكر منها: «في فمي ماء – مطارحاتٌ في الأدب والنقد والثقافة» تكلم تكلم لأراكَ، والرؤية هنا تنتقل من الوجود بالقوّة إلى القوّة بالفعل، ومن الاحتمال إلى اليقين، ومن اللغو إلى اللغة، فما أحوجنا إلى ثقافة الرؤية لا ثقافة السماع، فبالرؤية تتسع البصيرة ويستدلُّ بالمنطوق على مؤشرات ثقافة الناطق وسلوكه ومواقفه، ولكن من أين للمتكلم أن ينطق بحقيقة مواقفه وفي فمه ماء! له مثل ذلك أن ينطق بثلثي الحقيقة أو أكثر، كما أشار المؤلف، … وله أيضاً أن يلمّح ولا يصرّح، وأن يُومئ ولا يفصح، والبلاغة كما نعرف مراعاة مقتضى الحال، وفيها يتناغم الصمت والكلام كلّ في مقامه توخياً لبلوغ الرسالة إلى متلقيها…».
اعتزاز

شكر رئيس اتحاد الكتاب العرب د. «نضال الصالح» حضور زوجته وأسرته الصغيرة هذا الحفل، وكذلك وصل الشكر لأصدقائه، وزملائه الذين شاركوه المناسبة، والمثقفين، والإعلاميين الحاضرين في هذا الظرف، ومما قاله اقتطفنا: «أيّ كلامٍ يليقُ بهذه الأمسية التي ستظل محفورة في روحي ما بقيت هذه الروح تخفق في الحياة، لا أعرف حقاً ما الذي يمكن أن يقال في حضرة أرواحٍ رفرفت في كلمات، في أصدقاء أعتزّ بهم، أيّ كلامٍ يليق بكم، وبحضوركم في هذا المساء، وما الذي يمكن أن أقول عن هذا الكتاب؛ الذي أدين بصدوره لصديقٍ عزيزٍ ورفيق درب، على الرغم من إعدادي لهذا الكتاب قبل 6 سنوات من اليوم …».

العشرون
جرت بعد ذلك عدّة تساؤلات قدّمها جمهور الحفل فكانت بين السؤال، والإيضاح، والاستفسارات، ثمّ تلا ذلك توقيع الكتاب، ويذكر أن كتاب «في فمي ماء» هو الكتاب العشرون للدكتور «نضال الصالح» ضمن سلسلة مؤلفاته، وقد جرى الحفل «في المركز الثقافي في أبو رمانة، في دمشق بحضور شخصيّات ثقافيّة وإعلاميّة وأصدقاء ومهتمين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن