رياضة

مستقبل منتخبات السلة بين الوعود والكلام المعسول وشح الإمكانات

صدق فناننا العظيم نهاد قلعي عندما قال جملته الشهيرة (إذا أردنا أن نعرف ماذا في إيطاليا يجب علينا أن نعرف ماذا في البرازيل)، لم أجد أدق من هذه الجملة التي تحمل الكثير من الفكاهة لتنطبق على واقع منتخبات السلة، بعدما وصل عشاقها ومحبوها إلى نتيجة مفادها أن أحلامهم برؤية سلتنا في نهائيات القارة الآسيوية قد بدأ يتلاشى على ضوء سياسة التقشف والشح المادي الذي يعاني منه المكتب التنفيذي، والذي أعلنها صراحة أن دعمه سيشمل مسابقات السلة المحلية هذا الموسم، ولم يأت على ذكر ما يجعلنا نتفاءل بتوفير الأجواء المثالية والمناخات الملائمة لمنتخبات السلة.

متاهة وارتجالية
إذا أردت أن تخلط الأوراق ويضيع الحابل بالنابل كلف أكثر من جهة في المسؤولية، وإذا أردت أن تموت أي قضية ألف لها لجنة، وإذا أردت أن تتهرب من المسؤولية فما عليك سوى توجيه الأسئلة للجهة الأعلى كاستفسار، وكما يقال إن الإنسان حاصد لما يزرعه، وإذا اعتبرنا اتحاد السلة حصاداً لما زرعه في إعداد منتخباته الوطنية منذ توليه لمهامه، فإن نوعية الحصاد سوف تدل على سوء الزرع، وبأن الثمار التي نضجت جاءت فجة، وغير ناضجة، وما نتائجنا في الاستحقاقات السابقة إلا حصيلة منطقية لحالة التراخي وضعف القرار في بناء المنتخبات الوطنية، والتي تعد عصارة عمل الاتحاد، وأكبر دليل على نجاحه.

أندية
لا يمكن أن نبني منتخبات وطنية قادرة على المنافسة عربياً وقارياً في ظل أندية (مهترئة) ومتراجعة ومفلسة، ولا يمكن أن نصل إلى الاستقرار الإداري، وهو الأهم في عملية البناء في ظل إدارات أندية لا تملك مقومات حضورها كما يجب، ولن نغالي كثيراً عندما نقول إن أندية قوية ومستقرة ودورياً قوياً ومستقراً لابد أن ينتج منتخبات وطنية وقوية والعكس صحيح، والسؤال هنا: هل واقع أنديتنا في ظل الظروف الحالية بخير، وهل احترافنا الأخير بتعديلاته بخير، وهل عملية البناء تبدأ من القاعدة أم من القمة، وهل نملك كوادر خبيرة قادرة على العطاء وتقديم أفكار جديدة.

غياب الإستراتيجية
لا أعرف لماذا استعرت النار حول اتحاد السلة ومنتخباته الوطنية، وكأنه هو المسؤول والمعني الوحيد عن سوء نتائج هذه المنتخبات، واتهمه البعض من بائعي الكلام المجاني أن اتحاد السلة لا يملك تلك الإستراتيجية بعيدة المدى لبناء منتخباته الوطنية في ظل الظروف الحالية، وشطح البعض الآخر بتصريحاته بأنه يجب عليه أن يكون اتحاد أزمة، ويتعامل مع الظروف، لكن نسي أو تناسى هؤلاء أشياء كثيرة تناقض أقوالهم.
ألم يضع اتحاد السلة ومنذ سنوات طويلة خططاً لبناء المنتخبات الوطنية، وكانت تصطدم دائماً بعدم موافقة القيادة الرياضية بحجة عدم توافر السيولة وشح الإمكانات؟
وقدم الاتحاد قبل أشهر قليلة جداً خطة نوعية لإطلاق أربعة منتخبات للموسم القادم لكن هذه الخطة لم تحظ بأي التفاتة اهتمام من القيادة الرياضية التي مارست بشكل أو بآخر سياسة العصا والجزرة بعدما كان لها الكثير من اللغط حول أنشطة الاتحاد للموسم المقبل، ووافقت عليها بصعوبة وتحت مبدأ (تبويس الشوارب)، مؤكدة بطريقة مبطنة أن إعداد المنتخبات لا يجوز الحديث عنها بالوقت الحالي لكونها بحاجة لكثير من الأموال وخزائن القيادة باتت خاوية.

حقيقة
هذا هو حال المكتب التنفيذي، فبعد كل انتكاسة سلوية تمنى بها منتخبات السلة يسارع إلى رفع شعار الدعم وإيلاء منتخبات السلة كل الرعاية والاهتمام، في طريقة باتت مكشوفة ومفضوحة، لكن هذا الشعار يبقى شعاراً ولا ينقل لأرض الواقع تكريساً لبعد المكتب التنفيذي عن إيجاد الحلول الناجعة لإعادة بناء منتخبات السلة على أسس سليمة، وبعيداً عن المجاملة فإن المكتب التنفيذي اعتمد إستراتيجية الهروب إلى الخلف، وبقي على إستراتيجيته القديمة بالاعتماد على سياسة الشح المادي التي باتت لا تسمن ولا تغني من جوع، ولم تعد تنطلي على طالب في المرحلة الابتدائية.

تجنيس
بات البون شاسعاً من حيث المستوى الفني بين منتخباتنا وباقي منتخبات الزون التي تدعم صفوفها بلاعبين مجنسين، وهذا التجنيس مازال غير مقبول في أجوائنا الرياضية، فإذا كانت القيادة الرياضية غير قادرة على توفير المال اللازم لبناء المنتخبات، فلا نعرف ما السبب في عدم قدرتها على رفع مقترحات للقيادة السياسية حول إمكانية الموافقة على استقطاب اللاعبين المجنسين، وما يجعلنا نتفاءل بهذا الشق وجود أكثر من سبعة أعضاء من ممثلي كوادرنا الرياضية في مجلس الشعب، وهم قادرون على إيصال أوجاع رياضتنا بشكل عام للجهات الأعلى، عسى ولعل أن نحصل على موافقة تسمح لألعابنا بشكل عام الاستفادة من عامل التجنيس.

الحلول
أيها السادة إعداد المنتخبات لا يمكن أن يتم بالكلام المعسول والخطط الخلبية والإمكانات المادية الشحيحة، وإنما هي بحاجة إلى خطط علمية وتنفيذ ومتابعة جدّية، واستغلال جميع الخبرات الوطنية في رسم معالم إستراتيجية للمنتخبات الوطنية وإخراجها من إطارها الضيق والمحصور بهذه اللجنة أو تلك، مع إمكانية توفير الإمكانات المادية التي توفر أبسط مقومات الإعداد والاستعداد لهذه المنتخبات بعيداً عن المعسكرات الحالية التي لا تلبي طموح أي منتخب يستعد لدخول معترك بطولة قارية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن