ثقافة وفن

«أيّها العابر أيّها الغريب» بين الماضي والحاضر وتضمين الومضة والقصة القصيرة جداً

ورد في مقدمة الكتاب: اسمعني يا سيدي!!
أيّها الجالس وحيداً فوق شرفات الكون
ها أنا ذا أجلس وحيداً مثلك
عند سفوح الحياة
ألا تحسُّ بالضجر مثلي
وأنت تنظر بعينين ذابلتين
إلى هذي الغيوم…
إلى هذي النجوم
وإلى هذي الجموع الزاحفة في الظلام
كيف يفترس بعضها بعضاً؟!

هروب…
كأن الشاعر «بديع صقور» يريد بالمجموعة «أيّها العابر أيّها الغريب» أن يهرب بنفسه وبالقارئ من الضجر، وهو داءٌ ألم بالمجموع فشرع بالبحث عن الجديد وعن الممتع الذي يملأ الوقت فرحاً وغنىً وإمتاعاً. هنا تبدو لغة جديدة من التحدّي، فهل نجح فيها من خلال هذا الديوان الجديد؟

ميلاغر سورية
يبدأ الشاعر مجموعته بمقطوعاتٍ شعريّةٍ، جاء بها من مجموعاته السابقة، فتأخذ كلّ واحدة منها عنواناً، ويذكر في نهايتها اسم المجموعة وعام صدورها. وتبدأ المجموعة بجديدها في قصيدة «أيّها العابر أيّها الغريب»، والتي يتقمّص فيها الشاعر هنا شخصيّة شاعرٍ سوري قديم يدعى «ميلاغر»، ويشرح عنه في الحاشية بأنه «ميلاغر» من أهم الشعراء السوريين في العصر الهيلنستي. وميلاغر في قصيدته يوضح للقارئ أهمية أن ينتمي المرء إلى سورية، وفيها يقول:

«… وأنا ميلاغر ابن هذه الأرض
الصديقة القديمة للشمس
فـ«أين هي الغرابة إن كنت من سورية؟
إننا نقطن بلداً واحداً هو العالم
نحن أبناء سورية
أبناء الشمس…».

تذكّر هذه القصيدة العالم أجمع بعراقة هذه الأرض، وأصالة ابنها المنطلق بفكره الحضاري، لجميع أصقاع الأرض، وفيها كثير من الإشارات لمواطن الحضارة، فنرى مسميات للأماكن ومنها: «قاسيون»، و«حوران»، و«شهبا»، و«حرمون»، و«الشيخ»، و«عبد العزيز»، و«عين ديوار»، و«الفرات»، و«تدمر»، و«الحصن»، و«الغاب»، و«الأربعين»، و«العاصي»، و«أرواد». إضافة لأسماء كثير من العلماء، والشعراء، والمفكرين، الذين عاشوا على هذه الأرض، وانطلقوا منها أو ممن زاروها.

المشهد المفصّل
حضرت المشهديّة في النص بصورةٍ بارزةٍ، في مواقع كثيرة من الديوان، فكان الوصف المشهدي مفصلاً بطريقةٍ واضحةٍ، كما في القصيدة «أعرني قليلاً من دفء روحك»، ولاسيما المقطع:

«صوّب فوهة البندقيّة إلى رأسه
وقبل أن يضغط على الزناد
سأل صاحب الرأس المصوبة إليها فوّهة البندقيّة:
ألسنا إخوة ؟؟؟… إلخ.

أو حتى في المقطع الذي ذكر فيه عن «أوباما» في القصيدة نفسها.

تنوّع
حملت جوانب متعددة من القصائد الومضة، وأسلوب استخدامها، ومع تضمينها في مقاطع من القصائد بدت غير مترابطة، وأخذت في مواقع أخرى شكل القصص القصيرة جداً، كما في ومضات واردة في الصفحتين 70 و71 وكذلك في قصيدة «الغيمة تمطر وجعاً».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن