اقتصادالأخبار البارزة

تأسيس اتحاد للمصارف معطل في وزارة العمل … خميس يفتح سقف الحوار مع المصارف الخاصة ويطالب بالثقة.. ويمهل العامة شهراً لتحسين أوضاعها وإلا!

أكد حاكم مصرف سورية المركزي دريد درغام لـ«الوطن» أن أرباح المصارف الناجمة عن تقييم مراكز القطع الأجنبي ليست محققة، وسببها ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الليرة السورية، وليس العمل الأساسي المصرفي، لذا فهي تعالج وحدها ببند في قائمة الدخل، وهي غير خاضعة للضريبة، ولا يمكن توزيعها على المساهمين في المصارف، إذ إن الربح الأساسي هو الناجم عن خدمات البنك الأساسية المعروفة.
مشدداً على أن مراكز القطع الأجنبي كانت بمنزلة بوليصة تأمين للمصارف خلال انخفاض قيمة الليرة السورية عبر سنوات الحرب على سورية، لكونها موجودة بالعملات الأجنبية، وهو ما ساهم بصمود القطاع، مشيراً في تصريحه لـ«الوطن» إلى أن معالجة موضوع الأرباح غير المحققة الناجمة عن إعادة تقييم مراكز القطع الأجنبي تحتاج إلى قرار ذي صبغة قانونية، ولكن من غير المناسب استصداره حالياً خوفاً من تطورات جديدة في سعر الصرف.
بدوره الرئيس التنفيذي لبنك البركة سورية محمد الحلبي أكد لـ«الوطن» أن حلّ قضية الأرباح غير المحققة الناجمة عن إعادة تقييم مراكز القطع الأجنبي ممكن عن طريق استخدامها لزيادة رأسمال المصارف، وهذا أمر جيد، ومن شأنه تعزيز رأسمال المصرف، ما يتيح له زيادة نشاطه في الاقتصاد – تعمل المصارف بالرفع المالي أي إنها تقرض عدة مرات أكثر من رأسمالها، فكلما زاد رأس المال تزداد القروض- وبحسب تأكيدات الحلبي لـ«الوطن» يدرس هذا الخيار في مصرف سورية المركزي حالياً، ولكن هناك تريثاً في الإقرار خوفاً من حدوث تطورات جديدة في سعر الصرف، ما يعيد المشكلة إلى نقطة البداية، ولكن بظروف وتكاليف جديدة.
جاء ذلك على هامش جلسة نوعية للحكومة أمس حضرها مديرو المصارف العامة والخاصة لمناقشة تحديات القطاع ووضع تصور لبدء معالجة الإشكاليات. وقد «بدا» رئيس الحكومة عماد خميس حاسماً وواقعياً في طرحه لنية الحكومة البدء بالعمل لحلّ إشكاليات القطاع، منوهاً بأن الثقة يجب أن تكون أفضل من مستواها الحالي بين المصارف الخاصة والحكومة، مستنتجاً ذلك من عدم مشاركة سوى أربعة مصارف خاصة فقط في النقاشات خلال الجلسة، ومن معلومات يبدو أنها وصلته عن طبيعة العلاقة بين المصارف الخاصة والحكومة. وأكد أن السقف مفتوح، والحوار يجب أن يتمتع بشفافية عالية، فالمطلوب تصحيح العلاقة على أساس الثقة، مؤكداً أن الحكومة الحالية جاءت لتعمل، وهذا المهم، واعداً المصارف بالعمل لتذليل المشاكل. ولكن الحذر كان سيد الموقف من جانب المصارف الخاصة، ولم تطرح كل ما في جعبتها على الطاولة المستديرة التي يديرها خميس، رغم كل طمأناته، حتى إنه طلب من كل من لديه رؤية تطويرية أو ملف فساد أن يرسله له شخصياً عبر قنوات اتصال خاصة لا تطلع على أي ملف، للبدء في معالجته ودراسته. وقد أشار وزير المالية مأمون حمدان بدوره إلى ضرورة طرح الإشكاليات كافة والتعامل بثقة مع الحكومة وخاصة أنه يعلم بوجود الكثير من الإشكاليات والملفات لم تطرحها المصارف خلال الاجتماع.
هذا وتلخصت مشاكل القطاع المصرفي الخاص التي عرضها ممثلو أربعة مصارف خاصة؛ بنسبة الخمسة بالألف التي تفرضها الحكومة حالياً على الأموال الخاصة لكل مصرف، إضافة إلى مشكلة الكفالات المتراكمة على المصارف الخاصة بملايين الدولارات، وإضافة إلى مشكلة القضاء والتلاعب فيه عبر بعض الأطراف في الدعاوى التي تكون المصارف طرفاً فيها إذ يتم وقف التنفيذ في آخر مراحل الدعوى وإطالتها سنوات من دون جدوى، رغم وجود محاكم مصرفية، وكانت تلك طروحات الرئيس التنفيذي لبنك سورية الدولي الإسلامي عبد القادر الدويك، شاركه فيها باقي الممثلين المتحدثين، إضافة إلى تعطل إطلاق اتحاد المصارف في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل منذ سنوات، ومشكلة الديون المعدومة وغير العاملة.
إلى جانب السياق الاقتصادي الناجم عن الحرب وما فرضه من تحديات على القطاع وخاصة من باب تقلبات سعر الصرف والعقوبات الاقتصادية الأحادية الجانب، وهذا ما تحدث عنه عضو مجلس الإدارة التنفيذي لبنك الشرق جمال منصور.
وأشار الرئيس التنفيذي لبنك البركة سورية محمد الحلبي إلى تراجع بعض مؤشرات القطاع المصرفي الخاص، مثل انخفاض إجمالي الأصول (الموجودات) من نحو 10 مليارات دولار عام 2011 إلى 3.4 مليارات دولار حتى النصف الأول من العام الجاري (2016)، مع انخفاض في إجمالي الايداعات من 7.55 مليارات دولار أميركي إلى نحو 1.86 مليارات دولار.
كما لفت الرئيس التنفيذي للمصرف الدولي للتجارة والتمويل سلطان الزعبي إلى أن معظم محافظ المصارف الخاصة تشكلت قبل الأزمة السورية، ونحو 95% منها تعود لرجال أعمال كثير منهم مقيم ويعمل خارج البلد، ما أدى إلى خروج قسم كبير من هذه المحافظ لتمويل مشاريعهم الخارجية.
أما مشاكل المصارف العامة، فقد انحدرت إلى بعض الشؤون الادارية والروتينية التي يمكن حلها ومناقشتها في اجتماع آخر ليس بمستوى الاجتماع النوعي المنعقد، إذ بدت على رئيس الحكومة ملامح الانزعاج من طروحات بعض المصارف، ونبه إلى أن هذا الاجتماع ليس لمشاكل من هذا النوع. وأمهل المصارف العامة شهراً لتعديل أوضاعها مهما كلفها الأمر، وأنه لن يرضى أن تكون إلا بمستوى المصارف الخاصة لأنها هي الأساس في السوق، وإلا فسوف يتخذ إجراءاته بحق المديرين العامين.
الحاكم السابق لمصرف سورية المركزي (وزير الاقتصاد الحالي) أديب ميالة كان حاضراً، مكرراً تصريحاته بأن القطاع المصرفي صامد رغم سلسلة الأزمات التي مرت على المنطقة بشكل عام وسورية بشكل خاص، بدءاً بأزمة الحريري وحرب تموز 2006 والأزمة المالية العالمية 2008 والحرب على سورية منذ 2011 حتى الآن، إذ لم يخرج ولا مصرف واحد من السوق. وعلى ذلك أضاف وزير المالية حمدان إن جميعها رابحة، مهما كانت أسباب الربح، وبأننا في سورية نطبق معايير المحاسبة العالمية، وهذا من أسباب صمود وتميز القطاع، إذ دول كثيرة لا تعتمد هذه المعايير. مضيفاً إن جميع المصارف الخاصة مدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية، بل إن مصرفين يقودان عملية التداول في البورصة.
بدوره أيد حاكم المركزي الحالي دريد درغام الإشكاليات التي عرضتها المصارف الخاصة، إذ كان قد اجتمع بممثليها من قبل، مطالباً بتكرار الاجتماعات بصورة شهرية، لإدارة الإشكاليات وفق مبدأ الأولويات، بالتركيز على مشكلة واحدة، لمعالجتها، ثم الانتقال إلى أخرى.. وهكذا، مشيراً إلى أنه ثمة مشاكل في إدارة السيولة، وأن المصارف هي الحل، لكنها تعاني من عدم وجود خبرات مصرفية فيها.
أما رئيس الحكومة فقد وعد ببدء العمل الجدي وبالتعاون مع المصارف لمعالجة ما أمكن من المشاكل المطروحة، وبخصوص الثغرات وليس الفساد في القضاء –على حدّ تعبيره- وعد باجتماع يضم المصارف ووزير العدل للبحث فيها ومعالجتها، طلب دراسة حول اتحاد المصارف لدراسته والبت فيه بسرعة ما دام يحقق المصلحة العامة. وحول قصة تمويل رجال الأعمال والمضاربة وإخراج الدولار؛ أكد خميس أنه سوف يعالج بجدية وحزم، ولا أحد فوق القانون أبداً مهما كان نفوذه. ولن يسمح لأحد من أصحاب النفوذ بالتدخل في عمل المصارف لتحقيق مصالحه.
وعلّق وزير المالية حمدان بأن الإشكاليات التي تخص الضرائب على المصارف الخاصة، فهي قيد العمل، وسوف تحلّ قريباً، لكنها معقدة نوعاً ما لكونها مرتبطة بتكييف معايير المحاسبة العالمية مع النظام الضريبي في سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن