قضايا وآراء

لوزان محاولة للإنقاذ من المهلكة

| مازن جبور 

في الفندق ذاته الذي وقعت فيه اتفاقية لوزان التي رسمت حدود الجمهورية التركية وعُرفت حينها بـ«معاهدة لوزان» وبعد ما يقارب القرن من الزمن التقى بالأمس المؤثرين الدوليين والإقليميين الرئيسيين في الأزمة السورية في المدينة السويسرية تحت عنوان عريض وواسع هو مناقشة الأزمة السورية، وفي ظل ظروف دولية وإقليمية اقل ما يمكن القول فيها أنها متشابكة وحادة.
ورغم عدم تحديد عنوان دقيق للاجتماع إلا أن حلب ومسلحيها ومحاولة إنقاذهم كان الحديث الأكثر طرحا من داعميهم، مع سعي المجتمعين للعودة إلى الدبلوماسية بعد أن طغى صوت الرصاص عليها.
على طاولة الاجتماعات، وضع المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا خطة مفصلة لتنفيذ المبادرة التي أعلنها مطلع الشهر الجاري، والقاضية بتأمين مخرج آمن لانسحاب عناصر جبهة فتح الشام من شرقي مدينة حلب، وتنص الخطة على ازدواجية الإدارة في المدينة، على أن يحتفظ المسلحون في منطقة سيطرتهم بـ«المناسب من الأسلحة».
اللافت في الخطة أن دي ميستورا طلب «ضمانات روسية مكتوبة» لتأمين الطرق لعناصر «فتح الشام» المنسحبين، وكذلك بقاء «الإدارة المحلية» التي تديرها «المعارضة»، على أن تبدأ الخطة بوقف فوري وكامل لقصف أحياء حلب الشرقية والقتال عند الخطوط الأمامية للمدينة، والسماح للمدنيين بالمغادرة طوعاً.
ووفق ما ذكرته وزارة الخارجية الروسية عن نتائج الاجتماع فإن كل المشاركين في محادثات لوزان اتفقوا على أن السوريين وحدهم هم من يقررون مستقبلهم من خلال حوار يشمل جميع الأطراف كما أكدوا التزامهم بالحفاظ على سورية موحدة وعلمانية، وهذه مبادئ عامة تكررت خلال كل الاتفاقيات والقرارات الدولية المتعلقة بالشأن السوري.
الشكل العام للاجتماع ولمجموعة الاجتماعات الثنائية والثلاثية والرباعية التي عقدت على هامشه وطبيعة مخرجاته توحي بأنه عقد نتيجة رغبة دولية من الجميع في تفادي أي صدامات عسكرية مباشرة بين الدول الفاعلة في الأزمة السورية والعودة إلى إحياء مسار المحادثات الدبلوماسية بين الأطراف كافة خصوصاً بعد موجة التصعيد العسكري الكبير الذي حدث مؤخراً بعد تعليق المحادثات الأميركية الروسية بهذا الشأن والذي يبدو أن الطرفين لا يرغبان في قيام صدام عسكري مباشر بينهما.
إلا أن التصعيد السياسي الذي مورس من الطرفين الأميركي والروسي وتبادل الاتهامات وصل أوجه قبيل اجتماع لوزان مباشرة، باجتماع أوباما مع مجلس الأمن القومي الأميركي لدراسة الخيارات المتاحة في سورية، الأمر الذي رد عليه بوتين بإرسال المدمرة «كوزنيتسوف» بطائراتها ترافقها سفينة «بطرس الأكبر»، وسفينتي «سيفيرومورسك» و«الأميرال كولاكوف»، إضافة إلى عدد من سفن الإمداد، إلى سواحل سورية.
خلاصة القول: إن العامل المهم والحاسم لعقد اجتماع لوزان جاء بمبادرة أميركية وظهر من خلال تركيز خطة دي ميستورا بشكل رئيسي على ضرورة وقف العمليات العسكرية ضد مسلحي أحياء حلب الشرقية لإنقاذهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن