ثقافة وفن

في المسائل المبدئية

| د. اسكندر لوقا 

في بعض الأوقات، يصعب القول إن هذه المسألة أو تلك هي الأقرب إلى الصيغة الموضوعية، لأن في الحياة، عموماً، مسائل لا تحتمل التأويل أو التفسير. فالخير- على سبيل المثال- يبقى خيراً من حيث المبدأ، كذلك الجمال والشجاعة والكرم والوفاء، كما هو حال شروق الشمس وغروبها كل يوم.
في المسائل المبدئية، لا يستطيع أحدنا تبرير الرأي المعاكس للرأي الموضوعي في المسائل المطروحة على النقاش، كما المرء لا يستطيع أن ينفي ويثبت وجود الشيء ذاته في اللحظة ذاتها، ذلك لأن المسائل المبدئية لا تقبل القسمة على نفسها بأي حال.
قد يسعى المرء، أحياناً، ولاعتبارات شخصية بحتة كي يبرر القسمة من وجهة نظره وقد ينجح في هذا السياق، بيد أن نجاحاً من هذا النوع، لن يجعل منه الإنسان الذي يمكن الاعتماد عليه، ولذلك يكون سقوطه في أعين الآخرين، لأن مثل هذا المسار يشكل، من الناحية المبدئية، غلو الإنسان بنفسه وبتقدير مكانته في بيئته إن لم يكن في مجتمعه. وفي معظم الأوقات يؤخذ عليه أنه يعطي نفسه ما لا يستحق. وتكون بذلك غربته حتى في مجتمعه.
البعض من الناس، وخصوصاً في أوقات الأزمات، كما الأزمة التي يمر بها بلدنا الحبيب هذه الأيام، وعلى مدى سنوات، يعتقدون أن ما يرونه هو الصحيح وأن مصير البلد متعلق بوجهة نظرهم، بينما الآخرون هم الغرباء عن الواقع والحقيقة، علماً بأن الحدث، أي حدث جرى في منطقتنا العربية أو خارجها، لم يأت برهان قط على ثباته وخارج إمكانية تحوله وسيره على نبضات دقات الساعة.
خارج هذه المعادلة، في الزمن الراهن كما أشرت، تبقى البيئة التي ينتمي إليها الإنسان في حالة ضياع إن صح التشبيه، بسبب من تفاسير البعض وتحليلهم المسائل التي لا تحتمل التفسير أو التأويل كالقول مثلاً بالسنة أو الشهر الذي تصل فيه الأزمة، إلى نهايتها.
في الأزمات التي تصيب البلدان، كلما قل تحليل مسبباتها على خلفية ممارسة هواية التحليل، كان نصيب إقناع المستمع أو القارئ الأوفر من عدمه، فهل ترانا ننتبه إلى هذه المسألة ونمارسها كمبدأ لا يسعى إلى الكسب بطريقة أو بأخرى، وكي لا يسعى أحد لإيهام الناس بأنه الأقدر على تحليل المسائل المطروحة على النقاش بل الأكثر قرباً من أصحاب القرار وسوى ذلك من مبررات يراها جديرة بأن تؤخذ بعين الاعتبار؟
يقول القديس تيموثاوس (17-97) إن الرجل الجدير بالاحترام، إذا لاح له الكسب فكر أولاً أن يقنع نفسه بما سيقوله قبل أن يقنع الآخرين بما يراه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن