قضايا وآراء

موسكو ودمشق تفرضان مرحلة انتصار جديدة

| تحسين الحلبي 

يبدو أن تطورات التهديد المتبادل بالصدام العسكري بين واشنطن وموسكو على الأراضي السورية وما نتج عنه من نشر موسكو لأنظمة دفاع حديثة مضادة للصواريخ والطائرات في سورية بدأ يفرض على إسرائيل تغييراً مهماً في أي خطط أعدتها لاستباحة سماء حدود سورية عند الجولان المحتل وامتداده إلى القرى قرب القنيطرة فقد كشف (جيسون ديتس) المحلل السياسي الرئيس في الموقع الإلكتروني (أنتي وور) أن إسرائيل تشعر بعد تطورات الأسابيع الأخيرة التي وضعت كلاً من موسكو وواشنطن على حافة صدام عسكري وجعلت موسكو تكثف وتوسع نطاق وجودها العسكري على الأراضي السورية بأنها مطالبة بمراجعة حساباتها تجاه أي عملية تحليق لسلاح الجو الإسرائيلي عند حدود الجولان وأن هذا التطور الجديد سيعرقل هامش مناورتها في ضمان حماية المجموعات المسلحة الإرهابية التي تحظى بدعمها.
فقد وجهت موسكو تحدياً للولايات المتحدة ولإسرائيل معاً حين نشرت هذه الأنظمة الدفاعية المتطورة فوق مجال سوري يمتد إلى حدود الجولان ولم تستطع واشنطن وهي قوة عظمى منع هذا التطور العسكري الذي يحمل معه تغييراً في موازين قوة الدفاع والهجوم لكل من الجيش السوري والوحدات الروسية المنتشرة ولذلك بدت إسرائيل بموجب ما يعترف به محللون عسكريون متفاجئة والوقت نفسه عاجزة عن الاعتماد على الولايات المتحدة… ويستنتج (ديتس) بأن اتفاقية التنسيق الروسية- الإسرائيلية السابقة حول اطلاع كل طرف من الطرفين على تحليق طائراته قرب حدود الجولان لم يعد لها جدوى الآن لأن أنظمة الدفاع الجوي الحديثة (إس 300) الروسية قد فرضت حقيقة جديدة لأنها قادرة على التعامل مع أي طيران غير روسي أو سوري يحلق فوق أو قرب حدود الجولان… ولذلك ترى المصادر الإسرائيلية أن سورية في هذه الحال أصبحت أكثر قدرة مما سبق على حماية أجوائها من سلاح الجو الإسرائيلي وصواريخه التي كانت إسرائيل تتذرع باستخدامها بهدف منع وصول أسلحة سورية لحزب الله.
وعلى الساحة السياسية للدول المتحالفة مع واشنطن تلاحظ إسرائيل أن الدول الأوروبية الكبرى لم تعد «متحمسة لشن حرب مع واشنطن ضد الأراضي السورية» فقد كشفت صحيفة (شيكاغو تريبيون) واسعة الانتشار أن واشنطن ولندن اعترفتا أن تجاوب الدول الأوروبية مع أي تصعيد عسكري أو هجوم غربي على الجيش السوري أصبح أضعف من أي وقت مضى خصوصاً بعد الإجراءات التي اتخذتها موسكو لحماية الأراضي السورية والوقوف إلى جانب الجيش السوري بكل إمكاناتها…
وقال وزير الخارجية البريطاني (جونسون) بموجب ما جاء في الصحيفة الأميركية إنه «من دون أي شك أصبح اللجوء إلى ما يسمى الخيار العسكري ضد سورية شديد الصعوبة ولابد من القول بصراحة إن العواصم الأوروبية لم يعد لها شهية للمشاركة في هذا الخيار».
وأضاف: «ولذلك لابد من العمل بالوسائل الأخرى المتوافرة وهي الدبلوماسية».
ويبدو من الواضح أن إسرائيل لا يسرها هذا الوضع السائد لدى دول التحالف الأميركي وخصوصاً أن بوتين قام بتنشيط دول «البريكس» أثناء القمة الأخيرة واتخاذ موقعها الجديد في تعزيز خطابها السياسي ومبادئ الحل السياسي الذي تؤكده تجاه كل النزاعات في الشرق الأوسط والعالم ومنع التدخل بشؤون الدول.
ولا شك أن هذه التطورات الواضحة على المستوى الدولي والمستوى السوري تشير إلى مرحلة ستزداد فيها عملية حجب ومنع الأخطار الخارجية الدولية والإقليمية عن سورية وتستخدم في النهاية الأهداف السورية- المشتركة في حماية الشمال السوري من الأخطار التي بدأ يحملها الانتهاك التركي للسيادة السورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن