من دفتر الوطن

إسلام السوق!!

| عبد الفتاح العوض 

هذا العنوان «المثير» هو كتاب صدر عام 2005 لباتريك هايني وأستعير العنوان للحديث عن الإسلام الرائج في السوق في الوقت الراهن.. الإسلام الذي يتم تسويقه في العالم الآن!!
الكتاب الذي صدر قبل 11 سنة كان وقتها يتحدث عن «الإسلام الرائج» في ذلك الوقت حيث تم التعامل مع الإسلام «كمنتج موجه للجمهور».
الفكرة الذهبية في الكتاب أن الإسلام يخضع لقانون السوق المعروف جداً وهو قانون العرض والطلب، ومن هنا استخدم الكاتب تعبير «الإسلام منتج موجه للجمهور».
ووجد الرجل أن هذا النمط من الإسلام «قبل 11 سنة» جعل الأناشيد الإسلامية تسير على إيقاعات الراب، وتم التفنن بشكل الحجاب، وأصبح الحديث عن «الجهاد المدني».. وحتى نمط الاستهلاك تحول شكلياً من كوكاكولا إلى مكة كولا وزمزم كولا!!
لا يستطيع أحد أن ينقل ملخصاً كاملاً لكتاب في بضعة أسطر إنما حاولت هنا أن أقدم قصة عنوان الزاوية ولمحة خاطفة عن مضمون الكتاب.
لكن تعدد تسميات الإسلام هي واحدة من الظواهر التي عبرت عن تغيرات النظرة إلى الإسلام.. في بدايات اقتراب المسلمين من الفكر اليوناني والنظريات الفلسفية تم استخدام تعبير «إسلام الفلاسفة» حيث جرى وقتها محاولة عقد قران بين الفكر الإسلامي والفلسفة.. ولكن التنوعات على تسمية الإسلام بدأت بالانتشار في بدايات القرن الفائت… قبل أقل من مئة سنة استخدم سيد قطب تعبير «الإسلام الأميركاني»… بعدها تتالت التسميات من إسلام سياسي إلى إسلام راديكالي وسلفي.. وإسلام معتدل وإسلام متنور و…
وقائمة طويلة من التسميات… ولعل السؤال التقليدي.. ما الإسلام النقي من بينها؟
لا أعتقد أن أحداً منكم يتوقع مني الإجابة عن هذا السؤال… فهذا السؤال بدأ مع الحديث عن وجود بضع وسبعين شعبة كلها في النار إلا واحدة… وما زال البحث جارياً عن الفئة الناجية وكل فئة تظن أنها هي.
لكن الشيء الذي أود الإجابة عنه هو كما هو الإسلام الرائج الآن وفي قادم الأيام.. الإسلام السياسي تم تعليق نعيته… والإسلام الجهادي يسير بخطاً سريعة نحو نهايته… ولا شك أن محاولات التجديد بالفكر الإسلامي لم تنجح… ومن الواضح أننا باتجاه آخر هو الإسلام الطائفي… والآن يجري تسويقه كسلعة سياسية!!
الذين يعملون في مجال التسويق يعرفون أن المنتج ماهر في إقناعك بأنك بحاجة إلى السلعة..
والآن فإن الإسلام الذي يتم تسويقه بقوة وبنشاط وبكثير من الدهاء هو إسلام سنة وشيعة!! إسلام «السنشعة».
هذا الإسلام الطائفي يجري الحديث عنه على أنه قدر لا بد منه، كل طائفة يتم تسويقها على أنها مظلومة و«عدوها الحقيقي» هو الطائفة الأخرى وليس إسرائيل.. فالمسخ الفكري وصل إلى هذا الحد ولدينا على ما يبدو استعداد للطائفية في الجينات الوراثية حتى أصبح من السهل ترويج هذه السلعة من دون جهد.. إسلام السوق هو… الإسلام الطائفي. لكنه مثل سابقيه سيكون موضة سياسية تؤدي غرضها وتنتهي… مع الأسف لسنا اللعبة فقط.. بل أدواتها الرخيصة.

أقوال:
«إذا قال خمسون مليون شخص مقولة حمقاء، فإنها لا تزال مقولة حمقاء». أناتول فرانس
كانت الإنسانية لتكون سعيدة منذ زمن لو أن الرجال استخدموا عبقريتهم في عدم ارتكاب الحماقات بدل أن يشتغلوا بإصلاح حماقات ارتكبوها. برناردشو

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن