ثقافة وفن

«خواتم في ربيع الصدى»

| سارة سلامة

صدر عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق مجموعة شعرية بعنوان «خواتم في أصابع الصّدى»، للشاعر بديع صقور، وجاء عدد صفحات الكتاب 259 صفحة.
تضم المجموعة 15 مقطوعة شعرية. وتميزت بلغة الحب الممزوجة بروح المقاومة والدفاع عن الأرض، وروح الانتقام والحقد على القتلة، الذين قدموا من كل بقاع العالم لمحاربة سورية، متضمناً رموزاً كثيرة أجملها تلك التي تحوي رسائل الحب والحرب معاً وعشق الوطن، «خواتم في ربيع الصدى» خاطب الناس والمقربين منه واصفاً لهم مرارة الحرب وبشاعتها، فيقول:

إذا ما كسرت أصابعي الحرب
فلن يكن بمقدوري..
كتابة رسائل في الحب والاشتياق:
إلى أهلي، وإلى زوجتي وأطفالي المنتظرين بلوعة، وخوف
خلف بطاح هذه الحروب؟!
ولن يكون بمقدورك-أنت – أيضاً
أن تضغط على زناد بندقيتك
كي تجهز عليَّ
بعد أن كسرت أصابعك الحرب
ربما حاول الشاعر في هذه القصيدة «خواتم في أصابع الصدى»، إيصال رسالة مبطنة للشعب السوري يدعو فيها للافتخار بالعراقة والشموخ بالتاريخ المهم والغني بالمواقع الأثرية، في محاولةً منه لتنمية الذاكرة والنهوض في وجه أي عابثٍ بحضارتنا، حيث قال:
بين صوتي وأثير الموج، رسالة، أقولها لك:
لا تدع فرصة للغرباء، واللصوص
يتسللون بها إلى «رأس شمرا»
كي يغزوا خناجرهم في رحم ترابها المقدس
أبعدهم عن شواطئ «أوغاريت»
«اسكب سلاماً في جوف الأرض»
أكثر المحبة في قلب الحقول
كي تقيم في الأرض وئاماً..
ما يميز الشاعر بديع صقور هو اندماجه وملامسته وتأثره بالواقع بكل تفاصيله وما نعيشه من ظروف في سورية، فهو ابن هذه البيئة ويعد جزءاً منها.
حيث أشار في قصيدة «يوم رميتني بوردة» إلى مرارة الحرب والدمار الذي خلفته مؤكداً محاولة الغرباء طمس ثقافتنا وصوتنا وحياتنا:
نهارات طويلة يخنقون فيها أصواتنا قبل أن نشرع بالغناء
نهارات ينسفون فيها القبل والبيوت
نار تعصف بما بنيناه من أكواخ قديمة للحب
صارت ساحات الأعراس مواقع للمدججين بالبنادق والسكاكين
والصنوج تصدح على وقع خطاهم
فات وقت الريح
أما في قصيدة «مليون ونصف مليون زهرة»، أراد أن يسلط الضوء على وحشية وهمجية الاحتلال العثماني، مبيناً بشاعة المجزرة التي ارتكبها بحق الشعب الأرمني، ووجه السلام إلى أرواح هؤلاء الأبرياء الذين زهقت حياتهم على يد الحقد العثماني:
إلى مئة عام مضرجة بالدم والأنين
إلى مليون ونصف مليون أرمني، قطفت
زهور أرواحهم مناجل الحقد العثماني
من أجل وطن، وشمس، ورغيف.
ثمة مليون ونصف مليون زهرة تتفتح كلّ صباح
كل صباح تنبثق كشعاع
وكل مساء تتلألأ كالنجوم
شعراء، وفلاحون، وبسطاء
مغنون ورعاة
قطفت زهرات أعناقهم كعناقيد تتدلى من دالية
السماء…
ونلاحظ أيضاً حبه وتأييده للزعيم الراحل «هوغو تشافيز» حيث كرّمه على طريقته الخاصة واصفاً إياه بـ«أبي الفقراء»، معتبراً أنه صاحب المواقف المشرفة في كل من فلسطين وسورية والعراق، كما عُرف عنه نصرة المظلوم في أي بقعةٍ من بقاع الأرض حيث قال:
تعال نفك أسر العصافير
نفك القيد عن معصم الشمس
ورثاه على طريقته الخاصة بعنوان «كاراكاس تودع الكومندانتي»
صاحب القميص الأحمر
ابن الكوخ الطيني
ابن سابانيتا
سليل النجوم
سليل الهواء
سليل الفقراء
وسليل هذه الأكواخ «بوينس ديز» «كومندانتي»
وتشرق الأغنية بالدمع
وداعاً أيها الفقراء
في قصيدة «كطائرة من ورق»، أشار إلى فقدان معنى ونكهة العيد في حياتنا التي تملؤها الحرب والحزن ويتساءل بكل استغراب «عيد مبارك عليكم»، لمن سنقولها صبيحة العيد؟
للنعوش أم للغائبين؟
للذين رحلوا، أو رحّلوا؟
للذين غيبتهم ظلمات الحروب؟
للذين قضوا تحت ركام بيوتهم؟
وفي قصيدة ألف مليون «حمل سلام»، تناول أم الشهيد والشهيد مؤكداً أن الموت من أجل الوطن يعتبر ميتة جميلة، فالشهداء هم شموس وأقمار وبشائراً في سماء سورية، ليبقى وطننا أرض الشمس ومطلع النور.. كان لا بدَّ لهم أن يقدموا أغلى ما يملكون:
نصف الحكاية:
كنا ننام على تعب
تضمنا كنسمة
تمرُّ على نومنا مرَّ السحاب
وتلقي البسملات على وجوهنا
لينهض الحبُّ في قلوبنا حقلاً من سنابل
هي ريحانة الدار
هي شمسنا التي لا تغيب
هي سعفة الحبِّ، ودفء العشيات
هي المواويل التي لا تنتهي
هي بحر الحكايات
وأحلام الرجوع..
هي التي رجعت إليها مكللاً
بعطر الشهادة، وبرق الفصول
وهمس الينابيع؟
هي التي علمتني أن الشهادة فجرُ عطاءٍ.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن