سورية

موغيريني هاتفت أنقرة وطهران.. والرياض على أجندتها … في خطوة لافتة.. الاتحاد الأوروبي يطرح «المصالحات الوطنية» ويغفل «الانتقالية»

| سامر ضاحي

ينطلق الاتحاد الأوروبي في محاولة للحاق بركب الفاعلين في الأزمة السورية تزامناً مع إخفاق اجتماعين دوليين بخصوصها في لوزان ولندن مطلع الأسبوع الجاري، مدركاً أن الفرصة اليوم لا تزال متاحة أمامه للعودة إلى ساحة المنافسة الدولية من باب الأزمة التي تزيد أوجاع السوريين يوماً بعد يوم.
وفيما دأب الفاعلون في الأزمة سابقاً على التحدث عن عملية سياسية تتضمن مرحلة انتقالية لا تزال مقتصرة على المفهوم وتنضوي على كثير من المتناقضات والتفسيرات بين الحكومة والأطراف الداعمة لها من جهة وبين المعارضات المتشعبة والقوى الداعمة لها أيضاً، إلا أن اتحاد بروكسل أعاد إنتاج مصطلح جديد في أدبيات العملية السياسية وهو «إنجاز المصالحة الوطنية» بعدما كان هذا المصطلح شعاراً ترفعه الحكومة السورية في العديد من المناطق تمهيداً لهدن تسفر عن نتائج تختلف بين منطقة وأخرى.
وأمس كان اتصال الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، مع كل من وزيري الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، والتركي مولود جاويش أوغلو لبحث «المستقبل السياسي لسورية» بعد يوم من قرار وزراء خارجية الدول الأعضاء في في لوكسمبورغ، «البدء بحوار مع الدول الإقليمية ذات التأثير في مجرى الصراع السوري، للعمل سوياً على التحضير لمستقبل البلاد ما بعد انتهاء الصراع»، حيث أكدت المسؤولة الاتحادية أن نطاق محادثاتها سيشمل السعودية أيضاً، دون إهمال أطراف المعارضة السورية.
ورغم أن موغيريني شددت على أن البحث في مستقبل سورية، ليس بديلاً عن الموقف الأوروبي الداعم للأمم المتحدة لإيجاد حل للصراع في هذا البلد، وأنها تساند كل الجهود التي تبذل من أجل حث أطراف الصراع على العودة إلى طاولة المفاوضات إلا أنه لا يمكن تجاهل التحول الأوروبي اللافت مؤخراً تجاه سورية فاجتماع لندن وتصريحات موغريني مؤخراً تشير إلى نية واضحة للاتحاد للعب دور أكبر في حل الأزمة. ولأن بروكسل تدرك أنه لا بد من جديد في العملية السياسية فإن أفكارها التي تنقلها موغيريني تتمحور حول «العمل على ترتيب الأوضاع التي تسمح بتأمين بيئة مناسبة لإنجاز المصالحة الوطنية وإعادة إعمار سورية، عندما ينتهي الصراع» دون الإفصاح عن نية التدخل الدبلوماسي في صياغة الحل الذي لم تتوصل موسكو وواشنطن إلى الاتفاق بشأنه رغم كل ما يعلنانه من أنه لا بد أن يكون صنيعة الشعب السوري.
وفي مؤشر على ارتفاع الصوت الأوروبي لم تنتظر موسكو أول من أمس أن يجف حبر اجتماع اللوكسمبورغ الأوروبي لتعلن عن هدنة في حلب لثماني ساعات بعدما أولى رؤساء الدبلوماسية الأوروبية اهتماماً خاصاً للوضع في شرقي المدينة داعين إلى وقف كل أعمال القصف و«العمل على عدم إفلات المسؤولين عما يرتكب من انتهاكات هناك من العقاب».
ومصطلح «المصالحة الوطنية» الذي تستخدمه الحكومة السورية عادة مع الكثير من المناطق التي يسيطر عليها المسلحون تمهيداً لإخراجهم منها أو تمهيداً لتسويات ما أو هدنة استنسخته موغريني في تصريحاتها تزامناً مع نجاحات دمشق في هذا الخصوص ولاسيما في ريف العاصمة في مدن ومناطق داريا وقدسيا والهامة والمعضمية بريف دمشق وحي الوعر في حمص وسواها.
واليوم تبدو الفرصة متاحة للحكومة السورية لنقل التجربة إلى حلب، ومن هنا كان لابد للتجارب الناجحة أن تلقي بظلالها على المواقف السياسية فرأى الأوروبيون أن استخدام مصطلح المصالحة من شأنه تقريب الهوة بين أطراف الحرب، بعدما لعبت مصطلحات «المرحلة الانتقالية» أو«الحكومة المؤقتة» في زيادتها مع استمرار الأمم المتحدة ومبعوثها إلى سورية ستيفان دي ميستورا بالامتناع عن تقديم شرح مفصل عن مقاصد هذه المصطلحات التي يستخدمها في كل بياناته.
أما خيارات الاتحاد الأوروبي حالياً فلا تزال محصورة بتثبيت أقدامه كفاعل في الأزمة أولاً ثم الانتقال إلى صناعة الحلول ثانياً أو لعب دور الوساطة في الأزمة بعدما فشلت الأمم المتحدة بأن تكون محايدة فيها، في ظل العجز الذي يفرضه حق «الفيتو» الممنوح لبعض القوى الدولية على مجلس الأمن الدولي.
ولا أدل على المحاولات الأوروبية للعودة إلى الساحة السورية من التركيز على مرحلة إعادة الإعمار التي يسيل لها لعاب كل القوى الدولية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن