ثقافة وفن

أوّل الحكاية مزايا متجددة للمعهد العالي للفنون المسرحيّة

| عامر فؤاد عامر

تكرّس الاحتفاليّة بالعام الدراسي الجديد، لغة الإبداع التي يجتهد على صقلها المعهد العالي للفنون المسرحيّة في دمشق، المؤلف من عدّة أقسام «التمثيل والإضاءة والتقنيات والرقص وغيرها» تسعى في كلّ منها لإثبات وجودها بمزايا متجددة يقدّمها الطلاب، بإشراف الأساتذة والمدرسين ورؤساء الأقسام، لينسجوا ألواناً متناغمة من الإبداع السوري القادر على استقطاب الجديد، وإبداع المزيد على الرغم من كلّ الظروف المُقلقة التي تحيط به.
جاءت التظاهرة برعاية وزير الثقافة «محمد الأحمد» وقدّمها المعهد العالي للفنون المسرحيّة بعروض احتفاليّة تحت عنوان «أوّل الحكاية 2» وهي بمناسبة حلول العام الدراسي الجديد 2016 – 2017 وذلك على مسرح سعد الله ونوس في المعهد العالي للفنون المسرحيّة.

نشاطات متنوّعة
بدأت «أوّل الحكاية 2» بمعرض «فنون التصميم المسرحي» الذي قدّمه قسم التصميم المسرحي، السينوغرافيا بإشراف الأستاذ «نزار بلال»، ثمّ عرض مسرحي بعنوان «في أمل» بمشاركة طلبة المعهد العالي للفنون المسرحيّة، وإشراف الأساتذة: د. «سامر عمران»، و«وسيم قزق»، و«نورس عثمان» والإشراف الفني: د. «تامر العربيد». العرض كان مشتركاً ويحمل صفة التعاونيّة بين جميع طلاب المعهد ومن كل أقسامه، وكان العرض مؤلفاً من مجموعة عروض تشكّل في الميزان حكاية واحدة احتفائيّة بموسم نشاط قادم من الدراسة والعمل والاجتهاد والصقل والإبداع، ولا بدّ من الإشارة إلى أن الجمع بين هذه الفقرات أو التي قلنا إنها عروض والتي يستحق قسم منها أن يشكّل عرضاً منفرداً بذاته، ويستقل عن باقي العروض، لكن الجمع بينها هو المهمّة الأصعب على الرغم من التعب في كلّ تفاصيلها فهناك عروض راقصة وعروض تمثيليّة ومشاهد انتقاليّة وأخرى كوميديّة وتهريجيّة والكثير منها لامس الوجع والهم الحالي للسوري المرتبط بأرضه وللسوري الذي هاجر وترك ذكرياته وراءه، وبين هذه المشاعر والانغماس فيها واللعب على وتر النقد الخفي واللطيف كانت بعض من هذه المشاهد أيضاً. والحكاية تطول كثيراً إذا ما أردنا أن ندخل في تفاصيل العروض وأجزائها وعملية الدمج بينها، وما أودّ الإشارة إليه هو فقط أن هناك جهوداً مبذولة ليخرج العرض بطريقة انسجاميّة إلى حدٍّ كبير تلامس كل من تابع وتلقى العرض باهتمام.

جهود وتعاون
قدّم طلاب التمثيل في السنوات الثانية والثالثة والرابعة جهوداً جميلة لا يمكن نكرانها وهي مهمة لهم في الانطلاق لعام دراسي جديد في همّة ونشاط، وتدريب لهم على المسرح وبناء علاقة سليمة مع المتلقي، إضافة إلى التراكم والخبرة والاندماج في العمل مع الأقسام الأخرى كقسم الرقص وطلبة التقنيات والتصميم المسرحي وجهود كثيرة لا يمكن إلا الثناء عليها والشكر على التعب والاجتهاد الذي قدّموه جميعاً.

مسرحيّة لتشيخوف
نذكر من النشاطات المسرحيّة التي قدّمها المعهد أيضاً عرض مسرحيّة «الدب» لـ«تشيخوف»، والتي جاءت نتاج عمل وقراءة مسرحيّة للنص المسرحي «الدّب»، بإعداد وتمثيل «مروة الأطرش»، و«مجدي المقبل»، وهما من خريجي المعهد العالي في عامه الفائت، وكانت السينوغرافيا لـ«خولة يونس»، والإضاءة لـ«طاهر سلوم»، والصوت لـ«رامي الظللي»، والتصوير الفوتوغرافي لـ«المنتجب عيسى». العرض جاء بتعديل عن النصّ الأساسي لمؤلفه «أنطون بافلوفيتش تشيخوف» في واحدة من أجمل مسرحياته «الدّب»، وهي مسرحيّة كوميديّة في الأصل، مضمونها بسيط مؤلف من فصل واحد فيه حالة من الهز، وتدور الأحداث حول شخصيّة أرملة حزينة على وفاة زوجها تتوسل إليها خادمتها للعودة إلى طبيعتها وحياتها المعتادة لكنها ترفض ذلك منها، إلى أن يحلّ شخص جديد في حياتها وهو من معارف زوجها المتوفى، ويطالبها بتسديد دين مالي مترتب في ذمة الزوج، فتحاول أن تؤجل هذا الدين لكنه يصرّ على التسديد بسبب طلب أصحاب المال الأصلي له، وهنا يبدأ النقاش ويتطور ليصبح حالة جدليّة يقررا بعدها المبارزة بالمسدسات لحسم الخلاف، لكن في النهاية يقع الشاب في حبّ الأرملة وتنتهي المسرحيّة بقبلة وسط اندهاش الخدم والفلاحين والناس الذين قرروا حمايتها من هذا الشخص الذي يهاجمها.

تعديلات الدّب
حمل العرض إعداداً مختلفاً عن النص الأساسي الذي قمنا بذكره، فتمّ حذف شخصيّة الخادمة وأي من الشخصيات الأخرى، وكان اللعب بين الشخصيتين الرئيستين وهما الأرملة والشاب الجديد، بعيداً عن الحالة الكوميديّة التي رافقت النص الأساسي، فنجح كل من «مروة الأطرش» و«مجدي المقبل»، في العمل على تقديم إعداد جديد لمسرحيّة الدب وبصورة بعيدة عن الكوميدية، وبلغة تمثيليّة فيها لون أقرب إلى التراجيدي.

أيضاً
حملت تظاهرة «أوّل الحكاية 2» مزيداً من النشاطات فإضافة لما ذكرناه والذي قدّم على أيامٍ متتالية، كانت هناك جلستا مناقشة لمشروعي تخرج لنيل درجة الإجازة في الفنون المسرحية قسم الدراسات المسرحيّة الأولى بعنوان «بحث في الواقعيّة الأميركية»، والثانية بعنوان «المؤنث الخالد- جدل الخير والشر في مسرحيّة فاوست لغوته»، وأيضاً عروض أفلام من نتاج طلبة المعهد العالي للفنون المسرحيّة والأفلام هي «قاع»، و«ثقب»، و«نستالجيا»، وكان الختام في عرض مسرحي راقص بعنوان «لقاء» وهو نتاج الدروس العمليّة لقسم الرقص 2016.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن