ثقافة وفن

ماذا فعلت ليلى لرئيس وزراء سورية خالد العظم؟ … «فتش عن المرأة» فربما وراء أي مؤامرة امرأة

| شمس الدين العجلاني

نشرت مجلة المضحك المبكي لصاحبها حبيب كحالة صورة كاريكاتيرية لخالد العظم وزوجته ليلى نائمين في سرير واحد ويغطيهما غطاء قصير وضيق، مما كشف عن قدمي العظم لأنه طويل وغطاؤه قصير، وعن مؤخرة الزوجة ليلى لأنها سمينة وقصيرة فاستاء خالد العظم واستاءت الخانم أيضاً، وطلب العظم من العقيد مطيع السمان قائد قوى الأمن الداخلي، معاقبة كحالة، استقدم السمان كحالة وكلمه بلهجة غير لينة، لكيلا يعود إلى مثلها جارحاً، فقال له كحالة حسب ما ذكر مطيع السمان في مذكراته: إما أن استمر على هذا المنوال أو أغلق المجلة!
عرف عن العظم حبه الشديد لزوجته ليلى الرفاعي، ولا يذكر أنه غضب من الصحافة، رغم كل ما وجهته له من اتهامات، إلا حين طالت زوجته.

ضعف الزوج والزوجة المقامرة

كان العظم ضعيفاً تجاه زوجته ليلى (ولم أستطع تبيان السبب الحقيقي وراء ذلك) إلا إذا كان العظم متأثراً بوالده الذي كان مطيعاً لزوجته حسبما يذكر خالد في مذكراته، ولكن شتان ما بين والدة خالد العظم وزوجته ليلى.
الزوجة ليلى حولت بيته في الصالحية وهو في قمة العطاء الوطني إلى صالة قمار ومشروبات، وكانت دائمة التردد على أماكن لعب القمار بدمشق وبلودان والقاهرة، وكان لها جولات عدة على موائد القمار في مصر مع الملكة نازلي وحرم النحاس باشا، وقضت (ليلى) صيف 1949 م في بلودان تتبارى بالقمار مع السيدة (ن. ي. م) وزوجة أحد أثرياء دمشق.
في تلك الفترة الزمنية كانت القصص تروى على ألسنة الناس عن ليلى وسهرات القمار في نادي الشرق وحكاياها والناس الذين كانوا مقربين جداً منها، وما زالت الذاكرة الشعبية تتذكر المحامي الشهير (هـ. ب) وصاحب محل الأزهار وهو من عائلة (م) و( س. ط) صاحب البرنامج الغنائي في إذاعة دمشق حين كانت في شارع بغداد قرب مستشفى نخمن.. ويقول مطيع السمان إن العظم كان: (يحبها حباً عظيماً من دون أن تبادله هذا الحب بكل قياس وخاصة في غيابه )!
لقد باعت ليلى الرفاعي كل ما تركه رئيس الوزراء خالد العظم لتصرفه على لعب القمار، حتى منزل أبو رمانة الذي كتبه العظم لها، باعته بعد وفاة العظم بفترة وجيزة بمبلغ مئتين وخمسين ألف ليره سورية، عاشت ليلى، بعد أن خسرت كل ما آل إليها من زوجها على موائد القمار، على إحسان بعض الشخصيات الدمشقية، حيث استأجر لها أحدهم قبواً بسيطاً في منطقة القصاع، وخصص لها وجبة غذائية يومياً، كانت تأخذها بـ(المطبقية) ظهر كل يوم، وأذكر تماماً أنني كنت يوماً ما شاهداً على ذلك.
لقد قامت ليلى بفعل ما يحلو لها، ووصل بها الأمر أن تكون سبباً في مغادرة زوجها لبيته في أبو رمانة، من كثرة السهرات والحفلات… التي كانت تقيمها.

ليلى تريد حرق أوراق زوجها
والطريف والغريب في علاقة ليلى مع زوجها رئيس وزراء سورية خالد العظم ما رواه مطيع السمان حين ذكر: (وأنا في مكتبي أنجز بعض واجباتي، أتاني رئيس المباحث عندي، بالحلاق النسائي جورج، ولا أعرف باقي اسمه، وهو لبناني الجنسية ويعمل بدمشق، وقال لي: إنه لدى تفتيشه على الحدود للاشتباه في أمره، عثروا بحوزته على هذه الرسائل، وطرحها على طاولتي، فوجدتها تتضمن كتابات تمس حياة رئيس الوزراء الخاصة وفيها كثير من الأكاذيب والافتراءات، لنشرها في الصحف اللبنانية، ولما سألته عن مصدرها، تغطرس ورفض الإجابة بوقاحة لم أكن أنتظرها ولا أقبل بها، ما أغاظني فوضعته عند حده، وأمرت بسجنه والتحقيق معه، وإعلامي بالنتيجة فور ظهورها، ومن ثم إحالته إلى القضاء إذا لزم الأمر. جاءني الجواب بأن مصدرها شريكه في دكان الحلاقة النسائية، المدعو نظمي الغراوي..) وعرض السمان على خالد العظم هذا الأمر فما كان من رئيس الوزراء العظم إلا أن قال للسمان: (لا لزم للإحالة إلى القضاء أنه الموضوع ولفه بمعرفتك!). ولم ينته الأمر هنا! بل ألح الغراوي بطلب مقابلة السمان، والسمان يرفض مقابلته إلى أن توسط محمد علي الخطيب مدير مكتب رئيس الوزراء فقابله السمان، ولما سأله السمان عن سبب كتابة الرسائل المسيئة لخالد العظم ورغبته في نشرها في الصحافة اللبنانية، فوجئ بقول الغراوي، بأن زوجة العظم ليلى هي التي أعطته الرسائل وطلبت منه نشرها في لبنان! وأن الذي كتبها هو فهمي شقيق ليلى!

ليلى العائق
أمام وصول العظم للرئاسة
كانت الزوجة ليلى الرفاعي العائق الأكبر في وصول خالد العظم لسدة الرئاسة في سورية وهذا أمر غير قابل للشك، وهو الرأي المرجح على صعيد الداخل والعارف ومن عاصر تلك المرحلة من تاريخ سورية.
كان خالد العظم يحلم ويحضر نفسه لرئاسة سورية ويعبد الطريق لتحقيق حلمه، مدعوماً من حلفائه النواب، وعلى وجه الخصوص الاشتراكيون والبعثيون والشيوعيون، كما كانت علاقاته جيدة مع الدول ذات التأثير في الساحة السياسية إضافة إلى رصيده الشعبي وخاصة من نساء دمشق، حيث كان الداعم الأقوى لهن.
كانت الرياح تتوافق مع تطلعات العظم، إلا أن تصرف زوجته ليلى كان عائقاً قوياً في وجه تطلعاته، وأشار إليه أصحاب الرأي، أنه لا بد من طلاق الزوجة ليلى لأنها على مستوى متدن، ولا يقبل بها الشعب السوري، وبهذا الصدد يقول مطيع السمان إن صديق العظم منذ الطفولة فؤاد محاسن جاءه و: (أفهمه بأن الكل مجمع على أن رئاسة البلاد تختلف عن الوزارات لها حرمة وتقاليد لا يجوز تجاوزها أو خدشها في أي حال من الأحوال، وأن الذين يرفضون أن تكون السيدة الأولى في البلاد، غير ذات مستوى، كثيرون، وهذه هي الكأداء أمامه للوصول إلى غايته بعد استطلاع برأي أهل الحل والعقد، فما عليه إذاً غير التخلص منها) ويتابع السمان أن العظم اقتنع بهذا الكلام وأنهما: (اتفقا على إحضار القاضي الشرعي للعمل على إزالتها) وفعلاً حضر القاضي الشرعي في اليوم الثاني ومكث فترة من الزمن في دار العظم، وانصرف من دون أن يطلق العظم زوجته ليلى!؟
وفي يوم وفاة العظم وأمام المشيعين يصرخ قريب العظم عبد الرحمن العظم: (لقد شرشحتنا هذه الامرأة، بأعمالها وتصرفاتها).

مجنون ليلى
عقد مجلس النواب السوري الساعة العاشرة من صباح يوم 17 آب عام 1955 م برئاسة رئيس المجلس ناظم القدسي، جلسة خصصت لانتخاب رئيس الجمهورية، وكان المرشحان شكري القوتلي وخالد العظم.
كان عدد الحضور من النواب 139 نائباً من أصل 142 نائباً، وفي محصلة الانتخابات رسب خالد العظم حيث حصل على 41 صوتاً على حين حصل شكري القوتلي على 91 صوتاً، وكان هنالك عدة أوراق انتخابية باطلة منها ورقة كتب عليها: (مجنون ليلى). وكان من نتيجة رسوب خالد العظم إصابته بذبحة قلبية

وبعد
وتبقى ليلى المرأة الغامضة التي اقتحمت حياة رجل داهية في السياسة، مبدع في الاقتصاد، عملاق في حب الوطن، مليونير أحمر لثروته الطائلة وأفكاره اليسارية، رجل اشتهر بتقلب مواقفه السياسية، ولد وترعرع بدمشق وجلس خمس مرات على سدة رئاسة الحكومة، وكان قاب قوسين من رئاسة سورية، فأوقفت الزوجة ليلى حلمه في ذلك!؟
و(فتش عن المرأة) فربما وراء أي مؤامرة أو مشكلة… امرأة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن