سورية

البيت الأبيض رفض تزويد المسلحين بمضادات الطائرات … وبرلين متحفظة على خيار العقوبات

| وكالات

كشف تسريب تولت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية نشره أن البيت الأبيض رفض البت بشأن خطة لتزويد المسلحين في سورية بصواريخ مضادة للطائرات رداً على انهيار «الهدنة» التي توسطت بها واشنطن وموسكو، وسط تحذيرات لمسؤولين أميركيين من أن يؤدي ذلك إلى مذبحة مروعة، مؤكدين أن الأولوية يجب أن تكون لقتال تنظيم داعش المدرج على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية وليس مواجهة الجيش العربي السوري.
وتأتي الخطة توسيعاً لبرنامج سري لتسليح ميليشيات «الجيش الحر» في سورية تشرف عليها وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي. آي. إيه)، وبحسب التسريب فقد تسبب التراجع المحتمل عن هذا البرنامج بخيبة أمل لدى «شركاء واشنطن»، وبالأخص تركيا التي قررت المضي قدماً في توريد «أسلحة ثقيلة للمسلحين المؤيدين» لها.
وفي غضون ذلك، أبدت الدبلوماسية الألمانية تحفظاً شديداً على المطالب الفرنسية البريطانية المزدوجة لتوسيع العقوبات الأوروبية على روسيا، بذريعة الوضع في مدينة حلب.
وبعد قرار واشنطن تعليق العمل في القنوات الثنائية مع موسكو بشأن «الهدنة» في سورية، وتصاعد القتال في حلب، أخذت الولايات المتحدة والدول الأوروبية تبحث في خياراتها للضغط على موسكو ودمشق. ولوح مسؤولون أميركيون مجهولو الهوية بالخيارات العسكرية، قبل أن يفرمل أوباما اندفاعة هؤلاء خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي الأميركي، حيث شدد على ضرورة استئناف المباحثات متعددة الأطراف بشأن تسوية الأزمة السورية وأكد أولوية قتال داعش. وعلى الطرف الآخر من المحيط الأطلسي كان البريطانيون والفرنسيون قد تسلقوا شجرة عالية. فقد دعوا إلى فرض حظر جوي فوق حلب، كما طالبوا بفرض عقوبات أوروبية على روسيا وسورية. وبعد لقائه نظيره الأميركي جون كيري في اجتماع لندن مؤخراً، خبت حدة تصريحات وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، بشأن الحظر الجوي، وتبنى مع نظيره الفرنسي جان ماري أيرولت خيار توسيع العقوبات الأوروبية على موسكو ودمشق، لكنهما اصطدام بالرفض الألماني الإيطالي المشترك.
وكشف تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أن البيت الأبيض رفض تزويد المسلحين في سورية بأسلحة نوعية لعدم استفزاز موسكو. وبحسب التقرير فقد ناقشت الإدارة الأميركية في أثناء اجتماعاتها الأخيرة بشأن الأمن القومي خطة «لإمداد الفصائل «المعارضة المعتدلة» التي تؤيدها (سي. آي. إيه) بعدد كبير من الوسائل النارية»، موضحةً أن الحديث دار حول الأسلحة التي «قد تساعد هذه الفصائل في الدفاع عن نفسها من الطائرات والمدفعية الروسية».
وأضافت الصحيفة: إن الإدارة الأميركية درست هذه الخطة، من دون أن تصدق عليها أو ترفضها، وهو ما عدته مؤشراً إلى ارتيابية متزايدة في البيت الأبيض بشأن توسيع برنامج (سي. آي. إيه) الذي بموجبه تم تدريب آلاف المسلحين السوريين، وتزويدهم بأسلحة خلال السنوات الـ3 الماضية. وأوضحت أن هذا البرنامج السري كان «عنصراً محورياً في الإستراتيجية الأميركية الرامية إلى الضغط على الرئيس بشار الأسد لدفعه إلى الاستقالة»، لكنها بينت أن وجود القوات الروسية في سورية زاد الشكوك الأميركية في نجاح البرنامج في تحقيق أهدافه.
وبحسب «واشنطن بوست» فإن أوباما يعتزم «تسليم مستقبل هذا البرنامج إلى الرئيس الأميركي الجديد» الذي سيخلفه في البيت الأبيض. وأشارت إلى أن بعض المسؤولين في البيت الأبيض، وكذلك كيري، أعربوا عن ارتيابهم بشأن توسيع برنامج (سي. آي. إيه)، مشيرين إلى أن الأسلحة (التي يتم تزويد المعارضة السورية بها) قد تسفر عن مقتل عسكريين روس ما يؤدي إلى مواجهة مع موسكو. وأشارت إلى أن عدداً من المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن توسيع هذا البرنامج لن يؤدي إلا إلى مذبحة دموية في سورية، وأقروا بأن «فصائل المعارضة» السورية لا تحرز نجاحاً كبيراً في ميدان القتال، مضيفين: إن موسكو قد أخذت زمام المبادرة ومن غير المحتمل محاربة قوات الجيش السوري من دون محاربة القوات الروسية.
وفي المقابل، أوردت الصحيفة حجج أنصار توسيع البرنامج، الذين يعتقدون أن وكالة المخابرات المركزية ساهمت في تشكيل القوى السياسية «المعتدلة» في سورية، التي كانت تمثل تهديداً جدياً للرئيس الأسد قبل السنة الماضية، مضيفين: إن ميليشيا «الجيش الحر» لم تتعرض للضربات الروسية وهو القوة الوحيدة في سورية التي تستطيع مواصلة الحرب ودفع موسكو للتراجع عن دعم الرئيس الأسد في إطار التسوية السياسية.
مع ذلك، فقد أصرت «الشخصيات المحورية في إدارة أوباما» على أن المهمة الأولية يجب أن تتلخص في محاربة تنظيم «داعش» وليست في مواجهة الجيش العربي السوري، بحسب «واشنطن بوست»، التي كشفت أن بعض شركاء واشنطن، بمن فيهم تركيا، أعربوا عن خيبة أملهم من التراجع المحتمل عن هذا البرنامج السري، مبينةً أن الأتراك أعلنوا أنهم «سيبدؤون باتخاذ إجراءات أحادية الجانب بشأن توريد الأسلحة الثقيلة» للجماعات المسلحة المدعومة من قبلهم.
وعما يتعلق بالمعركة الدائرة في مدنية حلب، فقد شرحت الصحيفة أن الإدارة الأميركية «تعتقد أن هذه المعركة ستستغرق أشهراً طويلة، وحتى إذا جرى سقوط المدينة في أيدي القوات الحكومية فإن المعارضة السورية ستفتح جبهات جديدة أخرى».
وفي برلين، أعرب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير عن رفضه فرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب الوضع الدائر حول حلب في سورية. وقال في مقابلة تلفزيوينة: إن «فرض عقوبات على روسيا فيما يتعلق بالكارثة الإنسانية في سورية، ليس فعالاً، لأن العقوبات لديها تبعات لاحقة، ولا يمكن أن تخلق ممراً إنسانياً، ومن ناحية أخرى يمكن أن تغلق باب المفاوضات التي نحن بحاجة إليها».
ووفقاً له يجب التركيز الآن في سورية على ما يمكن القيام به للمدنيين وخاصة في مدينة حلب، مشيراً إلى ضرورة إنشاء ممرات إنسانية ووقف إطلاق النار لفترة طويلة.
ولم يتبن قادة الـ28 بلداً عضواً في الاتحاد الأوروبي في ختام القمة التي عقدت يومي الخميس والجمعة، في العاصمة البلجيكية بروكسل، قرارات بشأن فرض عقوبات جديدة على روسيا على خلفية الوضع في سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن