سيليكون الواقع!!
| محمد حسين
يعتقد البعض ممن يخالفونك الرأي أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة وفوق ذلك هم سدنة مصيرها أيضاً، فلا رأي خارج تصوراتهم التي يلبسونها لباس الواقعية الصرفة التي لا تقبل الجدل أو النقاش، وبهذه النظرة الإقصائية يتم استبعاد كل ما هو إشكالي خلاق لمصلحة «وجهة نظر» قاصرة عن اكتناه ما هو أفضل أو أجمل.
فهل واقعنا بكل مراراته وآلامه مهما اجتهدنا في السعي لكي يكون أقل مرارة يستحق منا هذه النظرة الاستعلائية غير البريئة في إقامة تصورات كاذبة، تجميلية، ملتبسة بسيليكون الوهم؟
قد يقول قائل إن السيليكون أو البوتوكس مادتان واقعيتان ولكن هل النتائج الناتجة عن حقنهما واقعية؟
وهل يمكن المراهنة على واقعيتها أو جماليتها؟ أليس من حقنا معرفة أين نقف، ما التشخيص الدقيق لواقعنا بعيداً عن الأوهام المستبدة التي لا تقدم أو تؤخر؟! أليس من واجب الجميع التحدث بواقعية في جو من المكاشفة والمصارحة لكي يكون لكلامنا معنى ولأفعالنا جدوى يمكن صرفها من بنك أحلامنا وآمالنا الذي لا ينضب أو يشهر إفلاسه؟! من الطبيعي أن تكون شوارعنا مرقعة ورواتبنا قليلة جداً قياساً للغلاء الفاحش وتوحش الدولار الذي لا يرحم، ومن الطبيعي أن نطالب بترميم حفرة في شارع وإزالة القمامة من شوارعنا كل يوم، ومن الطبيعي أيضاً المطالبة بمكافحة الحشرات والقوارض، ومن واجب الجهات المعنية الإصغاء لهذه المطالب والمسارعة إلى حلها ولو جزئياً، فكلنا يعرف الواقع بعد أكثر من خمس سنين من هذه الأزمة الكافرة ولا نطالب أكثر من المتاح.
من الطبيعي أن ترتفع بعض الأصوات من هنا وهناك ولكن ليس من الطبيعي أن يكون الرد عليها بإطلاق أبشع الصفات على أصحابها، فالهم الوطني الذي نتشاركه جميعاً يفرض علينا التعامل مع نصف الكأس الملآن وكأنه ثروة وطنية يجب أن نتشاركه جميعاً.