اقتصاد

وزير الاقتصاد يعصف فكره لدعم التصدير وميزان المدفوعات؟!

إن التناقضات التي نقرؤها في الصحف من خلال مناقشات مجموعة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء تشير إلى أن وزير الاقتصاد لا يملك الرؤية أو لنقل إنه غير قادر على وضع إستراتيجية حقيقية لعمليات الاستيراد والتصدير. ففي 18/10/2016 عرضت صحيفة الوطن مجريات جلسة عصف فكري حول الصادرات حيث قرأ وزير الاقتصاد على المستمعين ما جاء في مسودة سياسة التصدير، وعرض ما يشبه صناعة إجراءات تمت صياغتها منذ عام 1995 قام وزير الاقتصاد بإعادتها وهي دعم جودة الإنتاج، متناسياً أن حكومة عطري تعاقدت مع شركات من أجل الجودة وتناسى منح التراخيص لإنشاء معامل للضب والحزم والتشميع منذ عام 2000 وتناسى الكم الهائل من شهادات الأيزو التي منحت من أكثر من عشر سنوات. يعصف الوزير فكره ليحدثنا عن دعم الجودة وتعزيز كفاءة التسويق وتوفير برنامج لدعم وتمويل التصدير. غريب أن يدرك متأخراً وزير الاقتصاد والحاكم السابق لمصرف سورية المركزي أن التصدير بحاجة إلى تمويل وهو من كان بيده الورقة والقلم لرسم السياسة النقدية التي من المفترض أن تلحظ في جنباتها ضرورة تمويل التصدير لتوفير القطع اللازم للاستيراد وسد حاجة السوق من القطع الأجنبي، إلا أن الوزير الحالي للاقتصاد ورئيس اللجنة الاقتصادية فضل عدم تمويل التصدير عندما كان حاكماً لا بل اتبع سياسة انكماشية في التمويل وسمح للمصارف بإخراج ما تملكه من القطع الأجنبي وسهل عمليات التحويل للقطع لخارج البلد بقرار هوية وسجل تجاري وفاتورة و«حوّل ما شئت من دولار»! وأطلق العنان لمؤسسات الصرافة. واليوم يقول إنه كلما زاد التصدير انتعش ميزان المدفوعات بزيادة القطع الأجنبي المتدفق نحو البلد، ثم يعود ليتحف القراء والمستمعين بعصف فكري من نوع جديد حيث يقول إن انخفاض الليرة أهم عامل يساعد التصدير.
يا سعادة الوزير وأنت الحاكم السابق لقد نجحت نجاحاً باهراً بتخفيض الليرة السورية؟ إلا أن ذلك لم يكن أهم عامل يساعد على التصدير لو كان كذلك لما احتجت لبيع القطع بالمزاد العلني! ولما احتاج الأمر لجلسة عصف فكري برئاسة مجلس الوزراء لوضع سياسات للتصدير! ولما انخفضت القوة الشرائية لليرة السورية، ولما حدثت اختناقات في سوق القطع، إلا إذا كان هدفك خفض الليرة أكثر من ذلك.
نحن نقدر هذا العصف الفكري لوزير الاقتصاد ونسأله: إذا كان الحاكم السابق يدرك أن التصدير ينعش ميزان المدفوعات، فلماذا فضل بيع الدولار بالمزاد العلني؟ ولماذا فضل أن يسهل عملية تحويل الدولار للخارج؟ ولماذا أغرقنا بالديون؟ لم يأته العصف الفكري بأن التصدير يوفر القطع للبلد ويسد حاجة الاستيراد وينعش ميزان المدفوعات ويحافظ على القوة الشرائية لليرة السورية؟ لماذا أصدر قراراً يسمح بتسديد تعهد القطع بالليرة السورية، ألم يكن حينها ميزان المدفوعات بحاجة للدولار؟ من المؤسف أن يشعر المواطن أن الحاكم السابق وزير الاقتصاد يقف على الأطلال محاولاً لملمة مخلفات قراراته وإجراءاته وسياساته!
في وقائع الاجتماع الذي نقلته «الوطن» بتاريخ 25/10/2016 يعود سعادة الوزير رئيس اللجنة الاقتصادية والحاكم السابق لمصرف سورية المركزي، ليقول في اجتماع برئاسة مجلس الوزراء (إن ضبط كامل الحدود أمر شبه مستحيل لذلك فالمطلوب تخفيض الرسوم الجمركية فذلك سيلغي تهريب الكثير من المواد) ما يفهم من ذلك أن تخفيض الرسوم الجمركية يضبط الحدود! يا سعادة الوزير ورئيس اللجنة الاقتصادية، إن أسعار المواد المهربة ذات أسعار منخفضة جداً. فتخفيض الرسوم الجمركية لن يجعل من المنتجات السورية ذات سعر أقل من أسعار المواد المهربة، لذلك فإن تخفيض الرسوم الجمركية لن يؤدي إلى لجم التهريب ولكن سيؤدي إلى إضعاف قدرة الدولة على التمويل وإضعاف موارد الخزينة، ونحن نعلم أن هدف تخفيض الرسوم الجمركية هو تخفيض التكلفة، يا سعادة الوزير إن الفساد والرشوة التي تمارس منذ زمن نتيجة قرارات تمويل المستوردات أو حتى تعهدات التصدير هي السبب في رفع التكلفة وليست الرسوم الجمركية؟ فهل لكم بمراجعة قراراتكم وإجراءاتكم التي أدت إلى ازدياد الفساد والرشوة اللذين انعكس سلباً على التكلفة والأسعار وأديا إلى انحسار التصدير وزيادة التهريب، كفانا اختباء خلف الإصبع، وموارد الدولة لن تكون الضحية، ومحاولات نقل تراكمات خاطئة أضرت بالاقتصاد الوطني للآخرين مكشوفة، فإعلان نيتكم عن فتح باب الاستيراد ومحاولة خلق الضغط على المستوردين لرفع صوتهم أو قيامهم بعمليات الضغط على الحكومة للسماح بفتح باب الاستيراد وبالتالي الحديث الكثيف عن التصدير إنما يشير إلى محاولة خلق مبررات لأخطاء سابقة تقول: انظروا نحن نؤمن القطع عن طريق التصدير ونمنحكم إجازات استيراد إلا أن الجهات المعنية بالتمويل لا تلبي الطلب، لذلك نقول لك يا سعادة الوزير وأنت الحاكم السابق: لماذا لم تقم بتشجيع التصدير عندما كنت حاكماً على اعتبار أنك تدرك أن تشجيع التصدير يدعم ميزان المدفوعات؟ وبالتالي نسألك ونحن ننتظر الإجابة هل انخفاض الليرة السورية يعتبر أهم عامل يساعد على التصدير أم تخفيض الرسوم الجمركية عامل مشجع على التصدير؟
يرجى الإجابة عن أسئلتنا من رئيس اللجنة الاقتصادية وزير الاقتصاد ونحن بانتظار اجتماع لعصف فكري آخر يعنى بالاقتصاد الوطني.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن