من دفتر الوطن

«الوطن».. عشر شمعات!

| عصام داري 

منذ سنوات عشر مضت استقبلت الصحافة السورية هذه المولودة الجميلة التي اسمها صحيفة «الوطن»، بعد مخاض وتحضيرات كنت بشكل من الأشكال واحداً من الذين كانوا شهوداً على هذه الولادة المباركة.
كان الرهان كبيراً، والتحدي أكبر، لكن الإرادة والتصميم قهرا كل الصعاب والعقبات، فكانت «الوطن» الصحيفة السياسية الخاصة التي تصدر بعد أربعة عقود هيمن فيها الإعلام الحكومي الذي لم يكن له منافس.
ومع احترامي وتقديري للصحف الثلاث، وقد شغلت منصب رئيس تحرير إحداها في وقت من الأوقات، إلا أن صحيفة «الوطن» كان لها بصمة مختلفة، وواضحة وملموسة عن بقية الصحف، وهذا أمر طبيعي لأنها صحيفة خاصة لا تخضع للجهات الوصائية السورية، كوزارة الإعلام والقيادة القطرية التي فيها عضو يشرف على الإعلام الرسمي.
تحررت «الوطن» منذ اليوم الأول من كل أشكال الضغط الذي يعانيه الإعلام الرسمي، وقد كنت شاهداً على الكثير من الحالات التي كانت تسبب القلق والخوف من خبر هنا، أو تعليق هناك، بل كنت واحداً من الذين طالهم هذا الخوف.
وصحيفة «الوطن» لم تولد من فراغ، فرئيس تحريرها الصديق القديم وضاح عبد ربه، له تجربتان ناجحتان في المجال الإعلامي، الأولى في مجلة «الشهر» الوطنية السورية مع أن امتيازها فرنسي، والثانية صحيفة «الاقتصادية» السورية التي صارت واسعة الانتشار في فترة زمنية قياسية.
إضافة إلى ذلك كانت لنا، وضاح وأنا، مغامرة لم تكتمل، لإصدار صحيفة أسبوعية ساخرة تشبه صحيفة المضحك المبكي التي أنشأها الراحل الكبير حبيب كحالة، منذ ثلاثينيات القرن العشرين الماضي حتى منتصف الستينيات منه.
وكان هناك مجلة صغيرة ضمن مجلة الشهر (عشر صفحات ملونة) اسمها(المضحك المبكي) كنت أنا رئيس تحريرها، ولظروف ما، توقفت الشهر والاقتصادية، لتولد «الوطن».
عندما أسرد كل هذه المعلومات عن «الشهر» وظروف ولادتها، فذلك كي أعطي صورة عن تلك المرحلة، والصعوبات التي رافقت صدور العدد الأول، ورهان (بعض الناس) على أن الصحيفة لن تصمد أكثر من أشهر معدودات، وغير ذلك من أقوال ورهانات خاسرة.
لكن الصحيفة صمدت وأثبتت جدارتها وحضورها في الساحة الإعلامية السورية، وترجمت الاسم الذي اختارته إدارتها له، أي «الوطن»، فكانت، ولا تزال صحيفة الوطن السورية بكل أطيافه وألوانه تُظهر اللوحة السورية بكل ألوان الطيف.
ومن معرفتي الخاصة، التي يعرفها الكثيرون، أن رهان «الوطن» منذ الأيام الأولى كان على جيل الشباب، مع رفدها ببعض خبرات المخضرمين، فأثبتت هذه التجربة أن في سورية جيلاً من الإعلاميين الشباب قادر على تسجيل اسمه في قائمة الإعلاميين المحترفين في مدة وجيزة، وها هي أسماء تخرجت في «الوطن» تعلن حضورها على الساحة الإعلامية.
بعد عشر سنوات صارت هذه الصحيفة في سن النضج، بل ربما ولدت ناضجة، وهاهي تطفئ شمعاتها العشر، وتزرع عشر وردات جميلات في بستان الصحافة السورية.
كل عام و«الوطن» بخير وتألق ونجاح، والوطن السوري بألف خير وازدهار وانتصار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن