من دفتر الوطن

الكهف العربي!!

| عبد الفتاح العوض 

أسبحُ ضد التيار…
في الوقت الحالي كثيرون يتلذذون بشتم العرب والعروبة… وفي الوقت الحالي أيضاً ليس هناك من لديه آمال كثيرة بأن يخرج العرب من محنتهم.
ما أقوله الآن ليس نبوءة متفائلة وسط براكين التشاؤم التي تنفجر بنا وحولنا في كل وقت.
إننا الآن نشبه أولئك المسجونين في كهف «أفلاطون».
للذين لا يعرفون القصة فإن ملخص الملخص لها أن أفلاطون تخيل المجتمع في لحظة ما كما لو كان مجموعة من المساجين في كهف.. لا يرون الأشياء الحقيقية إنما يرون ظلالها على الحائط.. وحتى يرى أحدهم الأشياء الحقيقية – وهو سقراط كما تخيله أفلاطون – فإنه سيمر بمرحلة من الألم.
هذه المرحلة الطويلة جداً من التاريخ هي صيحات الألم التي تجعلنا نصحو من هذا السبات العربي الطويل.
الكهف المظلم الذي عاشه العرب وما زالوا فيه وعلى أطرافه كان أشد حلكاً أثناء الاحتلال العثماني الذي استمر 400 عام، وبعد نهاية الاحتلال العثماني لم يتح للعرب الخروج من الكهف لأن الاستعمار الأوروبي أدخلنا في كهف آخر وفي الوقت الذي كنا نحاول أن نطل خارجاً من الكهف الأوروبي جاءت إسرائيل شاغلنا الجديد والمتعهد الدولي الذي يضمن إبقاءنا بالكهف. لا شك أن المتعهد الصهيوني بدا أنه غير قادر وغير كاف لإبقاء العرب في الكهف فأصبحت الحاجة لمن يضمن بقاء العرب في التخلف والجهل وكان الخيار كما يبدو هو جعل العرب ليس مجرد مساجين في الكهف بل أيضاً مساجين متصارعون داخله في حلبة شعاراتها الأديان والطوائف والإثنيات وغير ذلك من الاختلافات الغزيرة داخل المجتمع العربي، بمعنى آخر العرب مازالوا بالكهف بصورة متعمدة وكل الأمم تستطيع بشكل أو بآخر التخلص من الأنفاق التاريخية المظلمة التي تمر بها، لكن مشكلة العرب أن كل محاولاتهم للخروج من الكهف كانت محاولات ساذجة ومحدودة.
هذه المرة يبدو أن الألم التي تعانيه الأمة العربية أشد من احتمال استمراره والظلال التي يراها المساجين العرب لم تعد ظلالاً بل أصبحت حقائق محسوسة وملموسة… هذا الإدراك الذي كان في فترة قريبة ليس متوافراً أصبح الآن أشد وضوحاً.
هذا الإدراك هو الشمعة في آخر النفق.. أصل إلى الحد الأعلى من التفاؤل بأن هذه المرحلة البشعة من تاريخ العرب هي قريبة من نهايات النفق.
مبعث ذلك هو تحول الظلال إلى حقائق… ثم فداحة النتائج التي وصلنا إليها.. وأيضاً نقطة القاع في الانحطاط التي وصلنا إليه، كل واحدة تحتاج إلى تفصيل لا مجال له هنا.
وكل هذا يعني أن الكهف انهار «علينا» وأن مرحلة ما بعد هذه الكارثة العربية ستبدأ باتجاهات جديدة في العقل العربي.
منذ البداية قلت إني أسبح ضد التيار… وكثير منكم لا يوافقني الرأي لكن جميعنا يدعو أن أكون على حق.

أقوال
كلما كان الألم عميقاً… كانت الحقيقة أكثر وضوحاً.
احلم أحلاماً بعيدة المنال فكما تحلم ستكون.
تحتاج إلى من يحدثك عن الأمل عندما تحدثه عن الألم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن