ثقافة وفن

التحضير قائم لعرض مسرحي من تأليفي بالتعاون مع الأطفال … وائل ناجي لـ«الوطن»: العمل بروح الجماعة يجعلنا نسير لصنع عمل مسرحي يعنينا كسوريين

| سوسن صيداوي

لكل منا هوية نعبّر عنها بأقوالنا وأفعالنا وسلوكنا، وهو من بيننا حاضر وموجود في الساحة الفنية العريضة فارداً لنفسه مكاناً يكبر فيه يوماً بعد يوم، مدعماً إياه بالموهبة والخبرة والثقافة، مضيفاً إليها متعة العمل المُحب والتوق اللامحدود لتحقيق الذات من دون أن يتعارض ذلك مع مبدأ وكرامة الفنان وائل ناجي، هذا الفنان المتنوع الذي يتنّقل بين الفنون بقفزات تشبه قفزات العصفور الخفيفة في أماكن هي في الأساس تنتمي إلى فضاء جناحيه، مغرداً بإضافات تشبهه تماماً رغم تبدل الظروف وصعوبتها. بين التمثيل والإخراج والتأليف المسرحي والموسيقا كعازف الساكسفون، أيضاً يُطل علينا في الدوبلاج معتبراً صوته فناً حراً، يخدم بأدواته السالفة الذكر جمال الروح وحب الوطن مع تفاؤل دائم بأن الغد أجمل والأمل سيحيى ويعيش بوجود الطفولة.

لأن موهبة التمثيل تجري في دمك منذ أيام الجامعة وحتى الآن.. اليوم أنت تتبنى المواهب من الأطفال وتقوم بتدريبها كي تقدم عرضا مسرحيا؟
هذا صحيح.. فبعد مروري بجميع المراحل الماضية في فترات المسرح سواء من المسرح المدرسي إلى القومي، كانت الوقفة اﻷخيرة بالتعاون مع مشروع «بكرا إلنا» للعمل مع اليافعين واﻷطفال، فشغفي اﻷعلى في المسرح كان صناعة عرض مسرحي اسمه «اللعبة» وأن يُعرض على دار اﻷوبرا، وهذا بالطبع الطموح ﻷي فنان سواء أكان مخرجاً أم ممثلاً وبأن يكون له عرض على دار اﻷوبرا وأبطاله من الأطفال، تحقق الحلم منطلقا من 20 طفلاً وطفلة بالإضافة لثلاثة فنانين من الشباب الذين كانوا ضيوف شرف في العمل، فكرة عمل «اللعبة» كانت بسيطة جداً، وبالطبع كان نصه من تأليفي وإخراجي.

حدّثنا عن العرض المسرحي «اللعبة» وكم احتاج من التدريب وكيف كان تفاعل الأطفال؟
فكرة العمل كانت على الشكل التالي: في إحدى المدارس في بلدنا، قامت مجموعة من الأطفال بالهرب من حصة الرياضة إلى مكان في المدرسة، وكانوا دخلوا إليه للمرة اﻷولى، طبعا المكان كان قبواً مظلماً، فاستخدم الأطفال «اﻷبيال» لاكتشافه، ففوجئوا بأنهم في مسرح مهجور وفيه براميل وكتب وألبسة قديمة ونصوص مسرحية قديمة، فتخطر لهم فكرة أن يلعبوا لعبة المسرح، ويستعينوا بالنصوص الموجودة فيه، وبالتالي وخلال العرض يتحدث الأطفال بعمق عن ألامنا وأوجاعنا وهمومنا، فيضحكوننا تارة ونبكي معهم تارة أخرى بأدائهم العفوي الذي يميل إلى اللعب لا إلى التمثيل، ومن هنا جاءت فكرة «اللعبة» في العرض وبعد انتهائهم من تمثيل كل النصوص التي بين يديهم، قرروا أن يقدموا لنا المشهد اﻷخير من تأليفهم واسمه مشهد «الحلم» لنشاهد النقلة ما بين الطفل وحلمه عندما يكبر والأحلام التي كانت متفاوتة بين الأمل واليأس، وبالنتيجة أخذنا الأطفال الممثلين إلى عالمهم الخاص وكأنهم محترفون على المسرح، وأخذونا أيضاً إلى حبهم الطفولي وحب الوطن وهو الحب اﻷعلى، وفي نهاية العرض يدق جرس المدرسة معلناً نهاية الحصة ونهاية لعبتهم، ليخرجوا كما دخلوا من المسرح إلى حياتهم الطبيعية في المجتمع، طبعا العمل مع الأطفال ممتع ومرهق، وكنا بدأنا مرحلة إعداد ممثل معهم كأنهم في أكاديمية لتعليم التمثيل، ولمدة أربعة أو خمسة أشهر، وعملنا على النص أيضاً ما يقرب من خمسة أشهر، وكانت النتيجة الرائعة التي حصدناها ليس فقط من التدريب والثقافة المسرحية واﻷكاديمية بل من الحب الحقيقي، فالعمل بروح الجماعة والنظام الدقيق والانضباط، هو الذي جعلنا نسير إلى اﻷمام بخطا ثابتة لنصنع عملاً مسرحياً اسمه اللعبة، يعنينا كسوريين يشبهنا من الداخل والخارج وليذكرنا بالمرحلة الذهبية الرائعة التي أطمح وبكل فخر أن أصل إليها مرحلة الماغوط والفنان الكبير دريد لحام وجميع الرائعين معه في تلك المرحلة.

نجاح التجربة شجعك للتحضير لعرض قادم وتبني مواهب جديدة.. حدّثنا عن ذلك.. ما اسم العمل.. وهل هناك إقبال من الأطفال والأهالي.. وأين أصبحتم في التحضيرات.. حدّثنا عن تفاصيل العمل أكثر؟
طبعا بعد نجاح المرحلة السابقة جاءتني دعوة من وزارة الثقافة بتدريب أطفال في مجمّع مشروع دمر الثقافي، إضافة إلى بقائي مع مشروع «بكرة إلنا»مع مجموعة مسرحية «اللعبة»، إضافة إلى 50 طفلاً وطفلة يريدون التدريب ضمن المشروع، طبعا تفاعل اﻷهل أكثر من رائع وتعاون كادر مدرسة محمود شحادة خليل رائع جداً وكادر مجمّع دمر الثقافي في منتهى الحماس والحب، والآن التحضير قائم لعرض مسرحي من تأليفي بالتعاون في اﻷفكار مع جميع الأطفال، فهم شركائي في الكتابة والتمثيل والإخراج أيضا، اسم العرض في مشروع «بكرا إلنا» مدرسة محمود شحادة خليل (غرفة رقم 3)، واسم العرض في مشروع وزارة الثقافة «الرحلة»، طبعا المرحلة القادمة أصعب في التدريب وعلى صعيد الفكرة والإخراج، لأنها نقلة مختلفة عن مسرحية «اللعبة» وكي نكون على الصعيد الشخصي تطورنا ولو بجزء بسيط.

مسرح الطفل مهم وإعداد الطفل مسرحيا أمر معقد ويحتاج إلى الجهد والصبر.. كيف كان الدعم من وزارة الثقافة والجهات المعنية؟
طبعا عندما نتحدث عن مسرح الطفل فنحن نتحدث عن عوالم مختلفة فيها الكثير من البساطة واللعب والحب، فمن هنا كانت أهمية مسرح الطفل مثلما تزرع سوف تحصد، ونحن لا نتعامل معهم على أساس عدم المعرفة أو الوعي وغيرها من الأمور السلبية، على العكس نتحاور ونتناقش لنصل إلى نتيجة مرضية على صعيد العمل كاملا.

تعرضتم في مسرحية «اللعبة» إلى مشاكل وتحديات لكنكم نجحتم.. لماذا تعرضتم للتفشيل وما الغاية ما دامت غايتكم نبيلة؟
واجهنا الكثير من الضغوطات والتحديات فمنهم من يريد فشلنا لغايات شخصية، وهنا أترفع في الحديث عنهم كأشخاص، لأننا نسير إلى الأمام وبالنتيجة الجمهور والشارع هو الفيصل، كانوا قالوا إننا سنفشل في دار اﻷوبرا وباقي العروض ولكننا نجحنا، وبطبيعة الحال دائماً وفي كل مكان هناك من يقف ليضع العصي في العجلات.

حدثنا عن تجربتك في الدوبلاج.. وهكذا تجارب وأعمال ماذا تضيف للفنان.. وهل الأسعار مناسبة مع الجهود وخاصة بعد حملة «صوتنا فن»؟
طبعا فن الدوبلاج هو إضافة رائعة لي كممثل على الصعيد الشخصي فله أدواته ومفرداته الخاصة، وأنا أعترف أنني من الممثلين الجدد في عالم الدوبلاج ولكن في هذه الفترة القصيرة استطعت أن أترك بصمة مميزة برأي المشرفين العظماء والكبار في الدوبلاج والأصدقاء المحبين، و«صوتنا فن» كانت النقلة اﻷجمل والأرقى في هذا المجال، حيث أخذ على عاتقه كتجمّع أن يعمل ويدافع عن مصالح الفنانين المنتمين إليه، والبداية كانت جميلة فيه من خلال رفع أجور الممثلين وتوحيدها، وهي من أهم النقاط التي تعاون فيها جميع مديري شركات الدوبلاج، وأتمنى أن يعالج التجمّع جميع مشاكل وهموم الفنانين مهما كان حجمها.

اليوم نحن في مرحلة افتتاح وعرض فيلم «رد القضاء» للمخرج نجدة أنزور.. حدّثنا عن دورك وشخصيتك فيه.. سيف اللـه الشيشاني؟
السينما بالنسبة لي هي الحلم اﻷكبر وهي النقلة اﻷهم مع الرائع نجدة أنزور في فيلم «رد القضاء» وهو أول عمل سينمائي حقيقي لي، كانت لي تجربة في فيلم قصير من بطولتي بعنوان «يوم جديد»، ولكن شخصية سيف اللـه الشيشاني أمام كاميرا الأستاذ نجدت خطوة يحلم بها كل ممثل حقيقي وهنا من واجبي أن أشكر بكل محبة الفنان مروان شاهين لترشيحه لي للدور، كانت تجربة أكثر من رائعة وخاصة أنني لا أتحدث العربية، بل أتحدث الشيشانية، وأتمنى من قلبي أن أكون حققت النتيجة المرضية.

تأليف وإخراج مسرحي وتمثيل ودوبلاج.. التنوع ماذا يضيف لك.. وهل من الممكن أن يكون له تأثير سلبي في أداء الفنان أم العكس؟
بما أنني مازلت ضمن المجال الفني الذي هو مجالي، فأعتقد في كل مرحلة أضافت لي ما دامت لم أخفق، في كل تنوع كانت هناك بصمة تركت أثراً جميلاً فهذا يعني أنه لا يوجد أبدا آثار سلبية في هذا التنوع، فمثلا ما بين المسرح، وهو الهاجس، وما بين العمل مع الأطفال في اﻹخراج، هذا يساعد في أزمتنا الحالية على تفريغ طاقات الأطفال ووضعهم ضمن صورة جميلة متحركة تعبّر عن سوريتنا العظيمة، ولأنني ممثل دوبلاج فهذا مكان مختلف للمتعة ومصدر رزقي وإضافة ﻷدواتي التي أمتلكها، وفي النهاية أتمنى أن أحقق النجاح وما أطمح إليه في تنوعي الفني في مجال السينما والمسرح والدراما وأن يكون صوتي فناً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن