ثقافة وفن

ناقوس الخطر

| د. اسكندر لوقا 

لم يكن موقف روسيا الاتحادية اليوم غريباً قياساً على تبعات العلاقات القائمة بين روسيا وسورية منذ عدة عقود. جاء موقف روسيا اليوم متزامنا مع الواقع الذي داهم سورية منذ نحو ست سنوات وما زالت مخاطره واضحة في أرجائها وأرجاء المنطقة عموماً.
إن سياسة روسيا، منذ أن كانت تشكل مع شركائها، منظومة ما عرف بمنظمة الدول الاشتراكية، لم يطرأ عليها أدنى تعديل أو تبديل، فيما يتصل بعلاقتها مع سورية. وقد تبدى هذا الموقف، بثباته، تبدى في الخطوة التي أقدمت روسيا بوتين على اتخاذها منذ أن تبين لها خطر محدق لا محالة بسورية، نتيجة لصمودها الأسطوري في مواجهة الغرب المتآمر عليها، بأدواته وأزلامه الذين باتوا معروفين جيداً وفي علم أغلبية الدول في الوقت الراهن.
مثل هذا الموقف الذي عبرت عنه القيادة الجديدة في روسيا الاتحادية في عهد الرئيس بوتين، وخصوصاً حين نبه إلى خطورة تبعات إلحاق الأذى بالدولة السورية سواء بالسياسة أو العدوان المباشر، مثل هذا الموقف له أرضية ما زالت في الذاكرة الجمعية للشعب العربي السوري، وربما في ذاكرة البعض من دول الغرب التي تتعامى عن قراءة عواقبه اليوم.
هذه الأرضية، يعود تاريخها إلى اليوم الثاني عشر من شهر تشرين الثاني عام 1957 يوم اتهم رئيس وزراء الاتحاد السوفييتي نيكيتا خروشوف الدول الغربية بوقوفها إلى جانب الاستعمار ضد العرب، وخصوصاً ضد سورية. يومئذ قال خروشوف بصوت عالٍ: إن دول الغرب تعتبر وقوع سورية في قبضتها منطلقاً نحو تحقيق أهداف إستراتيجيتها، إلا أن سورية لم تعرف الركوع يوماً ولن تكون وحيدة أبداً حين يدق ناقوس الخطر في المنطقة ويهدد سورية.
وحين دق ناقوس الخطر في الحادي عشر من شهر آذار عام 2011، لم تتردد روسيا الاتحادية عن قول كلمتها. وها هي ذي تبرهن على مصداقية سياستها الثابتة تجاه سورية منذ أن كانت حليفة لها في مواقفها الوطنية الصامدة، حتى الساعة.
وروسيا تدرك أن ناقوس الخطر له أصداؤه، ولا يقتصر على إرهاب هذا البلد من دون ذاك بل هو يمتد إلى ما وراء حدوده، وهذا ما ثبت للغرب الاستعماري وخصوصاً عندما بدأ بعض دوله يحسب حساباً لعمليات الإرهاب التي حدثت في ربوعها وما سيحدث منها في وقت آت.
يقول الطبيب الإغريقي الشهير هييبوقريطس، أو أبقراط كما سماه العرب «460- 357 ق.م»: إن المرض المعدي لا بد أن يتعدى حدوده، وسيكون قاتلاً إذا لم يعالج بدواء ناجع.
وهذا ما نراه ونلمسه اليوم وهو يصل إلى فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وبلجيكا وألمانيا وحتى الولايات المتحدة الأميركية، ولكن يبقى السؤال: أين الدواء الناجع الذي يساهم باستئصاله من جذوره ومن أين سيأتيه؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن