ثقافة وفن

خريجو كلية الفنون الجميلة في معرضهم الجماعي الأول .. لا شيء بعد سورية وبعد الشام  والفن التشكيلي يعود لينبض بحب الوطن

| سوسن صيداوي

الاهتمام بالشباب الغضّ العود أمر جميل، والأجمل أن يكون هذا الاهتمام حاضراً في ظل ظروف كهذه تعيشها سورية، وخاصة في مثل هذا الوقت الحسّاس، الذي يتسارع فيه معظم الشبان لمغادرة البلاد من أجل ضمان المستقبل، ولكن الأجمل من كلّ ما سبق هو بقاء الشبان متمسكين بالمكان باعتبار أنه على لسان أحد الشباب المفعم بالحب والضاج بازدحام الحياة: «لا شيء بعد سورية ولا بعد الشام»، ولأنهم معنيون بالشام وبسورية قرروا البقاء والتحدي وتكرار المحاولات مهما بلغت سبيلا.
بالتعاون مع وزارة الثقافة تمّ افتتاح معرض جماعي للرسم في صالة آرت هاوس بالمزة، بمشاركة عشرة فنانين شبان من خريجي كلية الفنون الجميلة في دمشق.
جمع المعرض 20 لوحة متنوعة الموضوعات والأساليب التي قُدمت بتقنيات فنية مختلفة، وكان أغلب ما اتفقت عليه اللوحات هو أن معظمها جاء بطابع تعبيري، والجدير بالذكر أن اللوحات المعروضة كانت بتوقيع أسماء الفنانين: حسن الماغوط وشاهر الملقي وسليمان أبو سعدة ووفاء أوطه باشي ورنيم اللحام ومايا درويش وليا صنيج ولينا الكاتب ومنار الشوحة ونورتا برشين، كما يستمر المعرض حتى الثاني عشر من كانون الأول المقبل.

محمد شاهين ملقي
المعرض فرصة

تمّ افتتاح المعرض الذي اعتبره المشاركون من الفنانين الخريجين بأنه فرصة لهم للإضاءة على باكورة أعمالهم، هذا ما أكده الفنان محمد شاهين ملقي مضيفاً: «أنا خرّيج كلية الفنون الجميلة، وأحببت أنا وزملائي الخريجون من الدفعة نفسها أن نقيم هذا المعرض، وأنا مشارك بلوحتين وأتكلم عن الموديل فيها والتي تعكس شيئاً من معاناتي الشخصية والأحاسيس والمشاعر والأفكار التي شعرت بها خلال الفترة الماضية التي كان فيها الكثير من الترقب والانتظار، وكنت استخدم ألواناً دافئة فيها الأمل والحياة على الرغم من أن هذه الألوان هي بطبيعة الحال معاكسة للواقع، وبالنسبة إلى المستقبل فبعد هذا المعرض سأسعى كي أقيم معرضاً فردياً، وأنا في الوقت الحالي في صدد دراسة نحو عشرين أو خمسة وعشرين لوحة قيد التحضير، ومن هنا أقول لكل الشبان ألا يستسلموا لظروف الأزمة التي نعيشها وألا يسافروا ويتركوا سورية لأنه لا يوجد شيء بعد سورية وبعد الشام».

منار الشوحة
الانطلاقة من نفسي
التكوينات الإنسانية كانت مواضيع انطلقت منها في بداية مشوارها التشكيلي الخرّيجة منار الشوحة والتي اعتمدتها في رسمها جامعة فيها الأسلوب الواقعي مع الأسلوب التجريدي قائلة: «أنا من خريجي كلية الفنون الجميلة قسم التصوير، شاركت بلوحتين اعتمدت فيهما على التكوينات الإنسانية، وانطلقت من نفسي ومن أهلي وأصدقائي، واستخدمت ألواناً رمادية واعتمدت الشفافية والضبابية مع الفحم لأنني أريد أن أنقل تأثري بالواقع المحيط وبما نعيشه».

مايا درويش
أنا موديل لوحاتي
هناك تميّز حاضر في المعرض سواء من حيث المواضيع أم حتى الأساليب كما كان هناك إقبال على الشراء وهذا أمر محفّز لطلبة حديثي التخرّج، مايا درويش من هؤلاء الطلبة، وقد عبّرت عن سعادتها متحدثة عن لوحتيها: «في اللوحات أنا الموديل، وأعبر عن ذاتي من خلال رسوماتي سواء في الغضب الداخلي الذي نُضطر إلى كبحه ولا نستطيع التنفيس عنه، أو من حيث الانطواء والذي صورته في اللوحة الأخرى، ففي اللوحتين أنا أعبر عن مجتمعنا والمعاناة اليومية المفروضة علينا من حيث الكبت والغضب والعنف، أما بالنسبة للألوان فلقد استخدمت الألوان الأرضية الترابية كي تكون ثابتة وتعبر عن ثبوت الواقع والأرض، فهي ليست خيالية، وأشعر بفرح عظيم لأنه تمّ بيع واحدة، وأنا مستغربة من الأمر ولكن هذا أعطاني دافعاً كي أخطط لإقامة معرضي الفردي»

رنيم اللحام
مبالغة المنحى التعبيري
لكل فنان رؤيته الخاصة في تجسيد شخوصه حتى في أسلوبه، الخريجة رنيم اللحام تتبع المنحى التعبيري الذي يتطلب منها دراسة نفسية لروح الشخص ومشاعره: «كان اختصاصي في قسم الرسم والتصوير، ومشاركتي في المعرض بلوحتين من مجموعتي الخاصة بتخرجي والتي تتألف من عشرين لوحة، وأتكلم فيها عن رؤيتي للشخوص والتكوينات الإنسانية، والمنحى التعبيري الذي أعمل به يتطلب المبالغة بالتعبير، أما بالنسبة للألوان ففيها الأخضر والأحمر كي أعكس من خلالها الحياة رغم الحزن الكبير والقلق الكثير إضافة إلى العنفوان، وهذا أمر طبيعي لأنه أمر نعيشه، وأن تباع اللوحة وخصوصاً أن هذا أول معرض جماعي لي وأنا من خريجي الكلية، هو أمر جميل ومخيف بآن، فالسعادة التي أشعر بها لأن شراء اللوحة يضمن لي إمكانية الاستمرار من خلال تأمين التكاليف، أما الجانب المُحزن هنا لأنني أفكر بأن لوحتي هي جزء مني، وعندما تمّ شراؤها أصبحت لغيري، ولكن هذه هي الحياة وطبيعة عملي».

وفاء أوطه باشي
من الدهشة «خلوة»
التكوين الإنساني والتعبير في أسلوب الخريجين هو أمر اجتمعوا عليه في معرضهم الجماعي الأول، الخريجة وفاء أوطه باشي: أنا مثل الكل من زملائي في هذا المعرض الذي هو مشروع تخرجنا في الكلية، وجاءت لوحاتي بعنوان «خلوة»، والتي فيها أجسد الأشخاص الذين يختلون مع أنفسهم في الحمام، وحاولت أن أعبر عن الحالات الإنسانية من الزعل والخوف والرعب والكثير من الدهشة، لأن المرء مهما عرف نفسه فستبقى في داخله دهشة من ذاته وخاصة عندما يقف أمام المرآة، وذهبت في الألوان إلى الرماديات كي أجسّد حالات الشحوب والبرود، في حين ركزت على الألوان في الفم والعيون كي أظهر ردّات الفعل وحدة الحالات.

حسن الماغوط
لوحة مشاعر بلا عنوان
اجتمع الخريجين من كلية الفنون الجميلة في الدفعة والتي تألفت من عشرين طالباً وأقاموا هذا المعرض ليساهموا في إقامة حركة فنية تشكيلية، هذا ما أشار إليه الخرّيج حسن الماغوط: أنا خرّيج كلية الفنون الجميلة قسم الرسم والتصوير، وهذه مشاركتي الأولى في هذا المعرض الجماعي، وهو البداية بالنسبة لنا أنا وزملائي، فنحن مختلفون ولكن لكل منا أسلوبه الخاص كي نساهم في عمل حركة فنية في البلد، وفي لوحاتي التي شاركت فيها في المعرض اعتمدت على التعبير التجريدي وفيها حالات تعبيرية، مستخدماً ألواناً حارة وباردة وفي الوقت نفسه حاولت أن يتم ضبطها بعضها مع بعضٍ وباستخدام خلفية هادئة تعطي القوة للألوان وتوضح تكوين اللوحة، إضافة إلى التوشيحات اللّونية، وهذه العناصر كلّها في اللوحتين تعبر عن الأحاسيس والمشاعر التي أشعر بها وخاصة أن لوحاتي حالة من المشاعر ولكنها بلا عنوان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن