من دفتر الوطن

فقر دم سياسي؟

| عبد الفتاح العوض 

نحن شعب يتحدث كثيراً في السياسة.. تكاد تشعر أن كل واحد منا يفهم بالسياسة أو أنه ولد سياسياً… أي مواطن يستطيع أن يحلل بالسياسة كما لو أنه كسينجر.. كيف يكون الشعب سياسياً.. ولا يكون لدينا موقع في مصاف السياسة… ثم كيف يكون الشعب سياسياً ولا يكون له الحق في ممارسة العمل السياسي؟
ربما يبدو سلوك الناس في بلادنا بكل مناحي الحياة يشبه تعاطيهم بالسياسة… إذا كنت مريضاً وعرف محدثك نوع مرضك فلا تستغرب أنه يتحول فوراً إلى خبير في مرضك ويعطيك نصائح طبية.
وهذا ما يحدث في كثير من القضايا فكأننا شعب «أبو عريف» يعرف كل شيء عن أي شيء.
لكن هل الواقع هو هكذا فعلاً؟؟
وجهة نظر أخرى مناقضة وفي قراءة في العقل العربي تحدث مفكرون عرب عن أن العرب ليسوا أهل سياسة.. الشهادة الأكثر حضوراً هي من ابن خلدون ما قاله «من عوائد العرب» الخروج عن ربقة الحكم وعدم الانقياد للسياسة… فهم منافسون في الرئاسة وقل أن يسلم أحد منهم الأمر لغيره ولو كان أباه أو أخاه أو كبير عشيرته، إلا في الأقل وعلى كره من أجل الحياء، فيتعدد الحكام منهم والأمراء، وتختلف الأيدي على الرعية في الجباية والأحكام فيفسد العمران وينتقص… فتبقى الرعايا في مملكتهم كأنها فوضى من دون حكم».
هذه الشهادة واضحة الدلالة لكنها ليست الوحيدة فما عرف عن العرب أنهم أهل بلاغة وليس أهل سياسة ثم إننا ونحن نتابع تتابع الحضارات وتداول الأمم وخاصة على مدى القرون الأخيرة نجد أن العرب لم يكونوا في مصاف القادة في السياسة… ما نراه في الوقت الحاضر ومنذ فترات طويلة ما يسوس العرب هم دول عظمى أخرى… ربما تكون الحقيقة هي تلك منطقة الوسط.. بين الرأيين… لسنا عباقرة السياسة لكننا لسنا أغبياءها.
مشكلة الشعوب العربية أنها لم تمارس السياسة وبقيت بعيدة عنها منذ قرون طويلة والذين يعملون في السياسة إما يعيشون في الكرسي وإما يعيشون في السجن.
والمعضلة الرئيسة أن السياسة هي التي تقود كل القطاعات الأخرى.. فعربة القيادة لكامل المجتمع هي عربة سياسية.. فإذا كانت طاقات الشعوب معطلة في الممارسة السياسية فلا بد أن ينعكس ذلك على ممارستهم للشؤون الأخرى. محمد جابر الأنصاري يقول:
ولكي يستعيد العرب «قدرهم السياسي» بيدهم لا بد من «اختراق معرفي» لهذا الحاجز السياسي، أحدهم قال: إن العرب بحاجة إلى «خضة» تاريخية دعونا نأمل أن يكون هذا الزلزال العربي هو المنبه لصحوة عربية قادمة في السياسة وغيرها.

أقوال:
السياسة هي أول الفنون وآخر الأعمال.
أفضل حكومة هي تلك التي فيها أقل عدد من الأشخاص عديمي الفائدة.
آلة السياسة سعة الصدر.
جمال السياسة العدل في الإمرة، والعفو من القدرة.
تقدمت لخصومي بصفقة: إذا توقفوا عن قول أكاذيب عني.. فسأتوقف عن قول الحقيقة عنهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن