قضايا وآراء

بعد فوز ترامب.. هل هولاند حجر الدومينو التالي؟

| د. قحطان السيوفي 

المفاجأة الكبرى المدوية التي أحدثها نجاح ترامب في السباق الرئاسي الأميركي إلى البيت الأبيض جاءت بمثابة صفعة من المواطنين الأميركيين للإعلام الأميركي الذي انتج استطلاعات رأي مُضللة على مدار عدة أشهر؛ رجحت جميعها كفة المرشحة هيلاري كلينتون بخلاف ما أظهرته صناديق الاقتراع… لاشك أن فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأميركية، بغض النظر عن توجهاته…، يؤكد أن الشعب الأميركي غير راض عن سياسات الطبقة السياسية الحاكمة… بما في ذلك الكف عن التدخل في شؤون الشعوب والدول الأخرى، ومطالبة الطامحين في الحكم مستقبلاً بالالتفات إلى القضايا الداخلية، والاهتمام بالأمن ومكافحة الإرهاب… ثمة تساؤل مهم هل انتخاب ترامب ثورة ضد النظام الاقتصادي الذي شكّل العالم الغربي على مدى عقود؟
علماً أن ترامب استهدف مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الأميركيون صوّتوا للتغيير… وهذا قد يتناغم إلى حد ما مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وبعض الحركات الشعبوية الغربية الأخرى.
أميركا بلد منقسم من الوسط، حيث كلا الجانبين يُكافحان لفهم ما دفع الجانب الآخر للتصويت بالطريقة التي صوّت بها. معارضة ترامب للنخبة الحاكمة في أميركا وحتى للمؤسسة الجمهورية… أصبحت أكبر نقاط تسويقه لشريحة من المجتمع العازم على التغيير. في كل أنحاء الولايات، لمس ترامب الوتر الحساس لدى الطبقة العاملة الغاضبة التي رأت حقائق عالمها تتلاشى مع العولمة، ومع التجارة الحرة، ومع التكنولوجيا، ومع الشعور بأن أميركا لم تعّد ذات أهمية كبيرة في العالم… المحللون يرون أن ائتلاف ترامب كان مدفوعاً من شعور بلد قد ضلّ طريقه، وفقد هيبته وفُقدت وظائفه. القادة الذين يقومون بإبرام الصفقات التجارية الدولية وفتح الحدود كانوا بمنزلة نخبة حاكمة بعيدة كل البُعد عن حياة الناس العاديين… مرة كل بضعة عقود، كانت أميركا تستطيع العثور على الرجل المناسب للتعامل مع أزمة الرأسمالية والثقة، رجال مثل تيدي روزفيلت خارق الثقة كما أشارت الفاينانشال تايمز. ترمب انتزع السلطة من خلال إدراك التوق لمثل هذا الرجل. لا مجال أمام الأميركيين والعالم سوى أن يأملوا أنه سيتمكن ربما بطريقة ما أن يُثبت أنه قادر- بعكس المؤشرات المباشرة- على الارتقاء إلى تلك المرتفعات والتحكّم في المفارقات التي أطلقها من عقالها والتساؤل الثاني: أين سيسقط حجر الدومينو التالي. ربما فرنسا؟
هل يتخلى اليسار الفرنسي عن هولاند لتفادي الإبادة سياسيا؟ (كما ذكرت صحيفة الفاينانشال تايمز) مجلدان سياسيان عن قادة اشتراكيين في قائمة الكتب الأفضل مبيعاً في فرنسا اليوم يتحدثان عن عقلية اليسار، (في الوقت الذي يأمل فيه ما قد يحدث له من الإبادة في الانتخابات الرئاسية العام المُقبل).
من ناحية أخرى، تم نشر مجموعة من الاعترافات من الرئيس الفرنسي هولاند، أثارت الازدراء وأكدت حتى لبعض أقرب حلفائه أنه لم يعُد الرجل المناسب لقيادة البلاد ما دفع شعبية الرئيس الفرنسي إلى مستوى قياسي منخفض يبلغ 4 في المئة، وذلك وفقاً لدراسة معهد العلوم السياسية الفرنسي مؤخراً. دراسة أخرى أجرتها شركة كانتار سوفريس، أظهرت أن هولاند سيفوز بأقل من 10 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في نيسان (أبريل) 2017، من الناحية الإحصائية، يُشير برونو كوتريه، واحد من أساتذة العلوم السياسية الذين يقومون بالدراسة، إلى أن هولاند يقترب من الموت السياسي…. اثنان من صحفيي جريدة «لوموند» التقيا الرئيس هولاند كثيراً… الفا كتاباً من 600 صفحة توصلا لنتيجة أن الهزيمة ليست حتمية فحسب، بل يُمكن أن تكون مدمّرة للحزب الاشتراكي في الانتخابات البرلمانية المقبلة… كلود بارتولون، الرئيس الاشتراكي للجمعية الوطنية الفرنسية، أخبر أعضاء البرلمان مؤخراً أن هناك الآن «مسافة بين الرئيس والفرنسيين».
الواقع أن فرنسا في عهد هولاند تراجعت سياسياً واقتصادياً… ودفعت ثمناً غالياً على الصعيد الأمني نتيجة تحالف هولاند مع دول تدعم الإرهاب وتموله… ويقول دومينيك مويسي، المحلل السياسي في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية «لقد بدأت مرحلة ما بعد هولاند منذ الآن منذ عدة أيام قال رئيس وزراء فرنسا للإذاعة الفرنسية إن الحزب الاشتراكي المتفكك «يمكن (أن يتعرض للسحق، ومن الممكن أن يخرج من التاريخ…) أخيراً فإن وصول ترامب إلى البيت الأبيض يُبشر بزلزال أوروبي قد يودي بالعديد من الحكام الأوروبيين ذوي الرؤوس الحامية… التي تحالفت وأيدت ودعمت الحكومات الشرق أوسطية التي مولت التنظيمات الإرهابية في سورية… ويقيناً فإن من أوائل هذه الرؤوس المرشحة للهزيمة الرئيس الفرنسي هولاند الذي طالما تسكع على أبواب أمراء النفط الداعمين للإرهاب… وسيكون حجر الدومينو التالي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن