ثقافة وفن

رسالة من الإله بعل

| د. اسكندر لوقا

حطم سيفك.. احمل معولك واتبعني لنزرع السلام والمحبة في كبد الأرض..
ما أكثر الوثائق التي تعيدنا إلى الوراء بمئات وآلاف السنين. ما أكثرها وهي تحكي عن بلادنا، بلاد الشام، الأساطير المشوقة رغم ابتعادها عن الواقع، وربما عند البعض من القراء، بعدها عن الحقيقة.
في كل الأحوال، هذه الوثائق، أحياناً، تثير لدى الكاتب الرغبة في الكتابة عنها على خلفية ما توحي به إليه في يومه، وذلك على غرار هذه الرسالة التي وجهها قبل خمسة آلاف عام قبل الميلاد الإله السوري بعل، للسوريين داعياً إياهم من أجل البناء لا من أجل الهدم، من أجل المحبة لا من أجل الكراهية، من أجل زرع السلام في ربوع الأرض لا من أجل الحرب.
تلك هي سورية الحضارة التي يشهد لها التاريخ، على غرار شهادة الإله بعل أو غير ذلك. ولأن سورية كانت مهد الحضارات التي ساهمت في إشاعة المحبة بين البشرية، مسندها في ذلك إيمانها بأنها أرض الخير والمحبة والسلام، فضلاً عن موقعها الجغرافي المطل على البحر الأبيض المتوسط، غالباً ما تعرضت للعدوان عليها، بدافع الطمع لاستغلال ثرواتها والإفادة من موقعها في سياق الغزوات التي كانت تعد لاحتلال ما وراءها وصولاً إلى أقصى بلدان آسيا.
إن رسالة الإله بعل، السوري، السرياني، الآرامي، من أوضح الأدلة على أن سورية لم تكن يوماً داعية هدم أو كراهية أو حرب، لإيمانها بأن الأرض خلقت للإنسان الجدير بالعيش فوقها بسلام ورفاهية، وهي لا تزال إلى اليوم، تؤمن بأن الإنسان مستحق لها بحكم حقه في حياة كريمة، ويجب ألا يساوم عليها، لقاء أي ثمن كان. الحياة هبة من الله، كما هي من حق البشرية التي وجدت على الأرض.
وبغض النظر عن حقيقة الرسالة، عن كونها كذلك أو مجرد أسطورة، فمن الأهمية بمكان أن معناها جدير أخذه بالاعتبار، ومن قبلنا نحن أبناء سورية، على وجه التحديد، وهي، كما نلاحظ، تشير إلى عمق انتماء الإنسان إلى أرضه، التي يسعى لأن تكون أرض إعمار وساحة إنبات ودنيا محبة.
في هذا السياق نرى تطابقاً بين معنى رسالة الإله بعل، وقول الفيلسوف اليوناني بارمينيس (502 ق.م- ؟): بلد بلا رسالة لا يستطيع الدفاع عن حضارته.
أضيف وحتى عن نفسه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن