قضايا وآراء

هل تقوم إدارة «أوباما» بخلط الأوراق قبل رحيلها؟

| صياح عزام 

ما زالت تعقيدات الوضع في سورية، وخاصة في حلب في أوج تصاعدها، رغم كل الهدن التي أعلنت عنها معاً كل من روسيا وسورية؛ الأمر الذي اضطر روسيا إلى التحشيد العسكري لإحداث تغيير لوجستي جذري في الموقف على جبهة حلب وإنهاء الوضع بالقوة، بعد أن استمرت المجموعات الإرهابية بعدم الالتزام بأي شيء يساعد على تهدئة الوضع. بالطبع، هذا التحشيد لم يرق لإدارة الرئيس (أوباما) التي تستعد للرحيل حيث ينتهي عملها بهذا الشكل الذي بات عليه حصاد أدائها السياسي وذلك لعدة أسباب:
الأول: فشل كل الضغوط ومجموعة الأوراق السياسية والعسكرية التي استخدمتها هذه الإدارة لتعطيل الجهود الروسية المثمرة والمتواصلة في محاربة الإرهاب وفي دعم الجيش السوري، ما أدى إلى اختلال الميزان الدولي، حيث لم يعد فيه الثقل الأميركي هو الأكبر دولياً، إلى جانب أن ما يسمى بالتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب المنسوج أميركياً، لم يحقق المأمول في مهامه.
السبب الثاني: هو فوز «ترامب» بالرئاسة، الذي جاء مخالفاً لكل التوقعات واستطلاعات الرأي، وأحدث فيه الناخب الأميركي زلزالاً في العملية الانتخابية فضح صورة المؤسسة الأميركية في مجال فشلها في الانتصار لحقوقه، وتجاهل حاجته الضرورية في الداخل، نظراً للإيغال في السياسة الخارجية على حساب هذا الداخل، علاوة على التصريحات التي أدلى بها «ترامب» مُنتقداً فيها «التركة الثقيلة» التي ورثها عن الديمقراطيين، خاصة منها ما يتعلق بوحش الإرهاب الذي صنعته وأطلقته إدارتهم في الشرق الأوسط، وتأكيده أن سياسته لن تعتمد مطلقاً على تصدير الديمقراطية إلى الخارج، بل ستلتفت أكثر إلى الداخل الأميركي، وأن محاربة داعش ستكون هدفاً متقدماً على الأهداف الأخرى، وبالتنسيق مع روسيا، بدلاً من معارضتها واستمرار الصدام معها سياسياً كما فعل أوباما، إلى جانب الامتناع عن دعم المعارضة السورية التي كاد دعمها يؤدي في نهاية المطاف إلى مواجهة مع روسيا.
إن السؤال المهم الذي يطرح نفسه هنا، إلى أي شيء تسعى إدارة أوباما في هذه الفترة المتبقية لها (أي منذ انتهاء الانتخابات وحتى التنصيب الرسمي في كانون الثاني 2017)؟
في سياق الإجابة عن هذا السؤال، وحسب تقييم العديد من الخبراء والمراقبين السياسيين، فإن دعوة «أوباما» لـ«ترامب» لزيارة البيت الأبيض للاجتماع به والتداول في الأمور المتعلقة بالسياسة الخارجية، في ظل اتهام ترامب بأنه قليل الخبرة في العمل السياسي لأن جهوده ذات صبغة تجارية ليس إلا، لم تُفلح في جني المأمول، أي لم تغير من قناعات وآراء ترامب التي أفصح عنها في حملاته الانتخابية، وخاصة ما يتعلق بتصميمه على محاربة داعش بالتعاون مع موسكو.
ولهذا من المتوقع أن تسعى إدارة أوباما إلى إيجاد واقع جديد من بوابتي الموصل والرقة، عبر تدخل عسكري أميركي مباشر، أو عبر الورقة الكردية، أو الجيش التركي، لإحداث تغيير نوعي على الأرض يوازي المساعي الروسية لحسم الوضع في حلب وطرد الإرهابيين من شرقها وتخومها الأخرى، بمعنى أوضح، تسعى واشنطن إلى خلط الأوراق وإيجاد مشهد ميداني وسياسي جديد، يضطر الرئيس «ترامب» إلى التعامل معه على قاعدة «عدم صلاحية طروحاته» لمعالجة هذا الواقع الجديد.
على هامش هذه الفترة المتبقية لإدارة الرئيس «أوباما»، كتب «تسفي بارئيل» مقالاً في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قال فيه: «بقي أقل من شهرين لتسلم ترامب مهامه رسمياً، وهي مرحلة حساسة جداً، لن يتم فيها القضاء على داعش، ولا حل الأزمة في سورية بل ستشهد إقامة تحالفات جديدة تُمهّد الأرضية لمجيء ترامب»… بالطبع مثل هذا الكلام يحمل بين طياته مخاطر كبيرة.
باختصار، إن هذه الفترة المتبقية لإدارة أوباما يمكن أن تشهد تصعيداً لافتاً، وستكون ثقيلة في أحداثها وتطوراتها، إلا أن المعارضة السورية ورعاتها لن يحصدوا إلا المزيد من الخسائر والفشل والخيبات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن