ثقافة وفن

«حكايات للأطفال» ملاحم تاريخية لمحاكاة عالم الطفولة

| صبا العلي

شكلت تجربة الكاتبة ردينة حسان عاقل في مجموعتها القصصية «حكايات للأطفال» نقطة ارتكاز مهمة في مجال أدب الطفل لكونها اعتمدت نهجاً جديداً ومميزاً لإحياء الموروث الثقافي والتاريخي بقيمه النبيلة في ذاكرتهم الغضة ودعمها عبر المحكي والمسموع والمكتوب بالأخلاق المجتمعية التربوية الراقية ومحاكاة الطفل عبر مؤثرات تخص عالمه الداخلي الغني بالبراءة والحلم، وذلك لتعزيز ثقافة الطفل السوري الذي كان من أكثر الشرائح التي تعرضت خلال الأزمة السورية لمحاولات التشويه، ما أوجب تحصينهم وإعدادهم للمرحلة المقبلة حيث تقف مهمة الأدب والأدباء على عتبات الواجب الوطني لتتصدر عناوينه.

«حكايات للأطفال» مجموعة قصصية مؤلفة من عشر قصص اتخذت عناوينها أسماء تاريخية منذ عهد الفينيق مثل زينون وأليسار وماري وأوغاريت وآكاد وتموز ودلمون وغيرها.. وقد أكدت الكاتبة ردينة أن مهمة الأديب تتجلى في تصحيح مسار ما يواجه أطفالنا من عادات وأخلاق وثقافة غريبة عن مجتمعاتنا تم نقلها إليه عبر وسائل الإعلام المغرضة وهذا جزء من الحرب الفكرية التي تشن على سورية، ما أوجب البدء بمشروع كبير لإحياء الموروث التاريخي والاجتماعي بإطار يتقبله الطفل عبر الكلمة التي تحمل الصورة والموقف وإشعاع الحركة بشخصيات ملحمية تحمل قيم الحب والخير والجمال.
وأوضحت عاقل في كلمتها التي وجهتها خلال حفل توقيع كتابها في المركز الثقافي العربي باللاذقية: أن الطفل هو الشريحة الأولى في اهتمام الأدب لأن ما يتعلمه في الصغر يبقى الأرسخ والأبقى لبناء مجتمع مستقبلي أرقى وأكمل ينطلق من القديم حاملاً شعاع الأمل نحو الحداثة متوجاً بالأخلاق الإنسانية والترابط الأسري الذي يميز مجتمعاتنا.
وذكر الدكتور زهير سعود أن الكاتبة سعت بعمق ودراية وقصد لإبراز إشارات ودلالات في قصصها عميقة تناولت فيها الآثار المؤسفة التي تحالف لأجلها قوى الشر في العالم، وأوحت نصوص كتابها بأهمية القيم التلاحمية في قوى الشعب السوري الوطنية
وأهمية تمسكه بقيادتها السياسية ودولتها الوطنية المعبرة عن تطلعات شعبها السوري الأصيل، ووضعت الكاتبة في غاياتها التعريف بالشخصيات الإبداعية السورية القديمة مثل زينون الرواقي صاحب الرصيد المهم في الفلسفة الإغريقية، كما أنها قامت بالتعريف بالإنجازات الحضارية السورية وحكمتها واشتغال العقل بالمعرفة والكشف عن مكارم الأخلاق السورية المتأصلة مثل الكرم والإيثار ومحبة الناس والانفتاح والرؤية الجمالية للحياة بالتسامح، معتمدة في ذلك الأسلوب التحفيزي بالتشويق وجمال الخط واستحضار الخيال لسهولة تلقي الطفل واعتماد أسلوب الحوار وابتكار الحدث الدرامي وتفاعله عبر توظيف اللفظة لخدمة ألق الصورة، موضحاً أن ردينة اعتمدت الأسلوب السردي والحواري المتداخل واللفظة الساحرة العذبة من جهة أحياء الجمال، ولم تنس النصوص المرور على واقع الصراع الراهن وبطولات الشعب السوري في مواجهة الأزمة وتقديم العبر والدروس لأجل ذلك.
من جهته أكد حكمت صارم أن مهمة الثقافة اليوم ليست اكتساب المعرفة والمعلوماتية فقط فأولى مهامها زيادة الوعي بالأخطار المحدقة بهذه المرحلة ومواجهة ثقافة الاستسلام والاستهلاك وتجسيد ثقافة المقاومة، ومن أهم مرتكزاتها رسالة الأدب في تحسين ظروف حياة الإنسان لتتجسد سلوكاً عملياً يترجم عبر العلوم والتقانات إلى مصداقية في المواقف والقرارات لتحديد ملامح النهوض الحضاري كبداية لتحرر وطني مجتمعي من رواسب الماضي وأخذ العبر منه والتأسيس لانطلاقة جديدة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن