قضايا وآراء

بنو معروف تاريخ من البطولة والعزة الوطنية

إياد موصللي : 

 

أدهم خنجر مواطن من جنوب لبنان دفعته وطنيته وحبه لبلده أن يحاول قتل القائد الفرنسي الجنرال «غورو» وهو رجل مستبد متغطرس حاقد سبق له عندما دخل دمشق أول مرة أن توجه إلى قبر القائد صلاح الدين الأيوبي قاهر جيوش الاحتلال الصليبي، وخبط بقدميه وقال: «صلاح الدين نحن هنا».
هذا الجنرال الفرنسي الطاغي أثار حفيظة أدهم خنجر الذي تربص به، وعند زيارته للمنطقة الجنوبية في لبنان وفي قضاء مرجعيون تصدى أدهم خنجر له وأطلق عليه عدة عيارات نارية ولكنه نجا من الموت وفر أدهم خنجر ولجأ إلى سورية، إلى جبل العرب قاصداً منزل سلطان باشا الأطرش وطلب الحماية، فاستضافه سلطان باشا وأعطاه الأمان.
وعندما علمت السلطات الفرنسية بالأمر بعد التقصي والتحري عنه قامت بحملة عسكرية لمداهمة مكان إقامة أدهم خنجر حيث اعتقلته ونقلته إلى لبنان وتم إعدامه بعد محاكمته شكلياً.
وبعد أن وصل خبر إعدامه ما كان من رجال سلطان باشا الأطرش إلا أن هبوا مع ما تتطلبه نخوتهم العربية لتبدأ معركة الفروسية والبطولة ثأراً لضيف سلطان باشا الأطرش حيث قاموا باقتحام منطقة المسيفرة والمزرعة ضد الفرنسيين ليلطخوا هؤلاء الطغاة بدمائهم ألحقوه من أذى بعد اختطاف أدهم خنجر.
اليوم وبعد تزايد التحليلات عما يتعرض له جبل العرب من تهديد وعدوان من التكفيريين وبعد مذبحة جبل السماق بريف إدلب لم يكن من أبطال جبل العرب إلا الدفاع عن جبلهم الأشم لأن تاريخ النخوة العربية والعنفوان التي اندثرت من بعض النفوس واحتفظ بها بنو معروف وأصبحت سمة من سماتهم مثل بقية أهل الكرامات من السوريين على اختلاف مشاربهم.
ولو عدنا بالزمن برهة لنذكر أنه عندما احتل إبراهيم باشا المصري بلاد الشام وأقام سلطته في لبنان وضمها إلى سلطة والده محمد علي باشا حاكم مصر أصدر عدداً من التشريعات ومنها منع حمل السلاح في لبنان وخاصة منطقة الشوف معقل إقامة بني معروف الذين هبوا لرفضها ونشبت ثورة ضد إبراهيم باشا وجيشه أدت إلى خروجهم من لبنان صاغرين.
هؤلاء هم بنو معروف في الشام ولبنان ومن هم اليوم هنا هم أحفاد هؤلاء ليس في النسب التاريخي فقط بل في النسب الأخلاقي أيضاً ولم ننس ثورة جبل العرب ضد أديب الشيشكلي منتصف الخمسينيات وما نتج عنها وكانت بداية انهيار سلطته.
فهل تغير التاريخ وتبدل القوم حتى يأتي رعاع قتلة مجرمون يهددون عرين البطولة في سورية؟ تلك هي بعض المواقف التاريخية والبطولية لبني معروف وليس آخرها ما سجله المناضل شكيب وهاب في شفا عمرو من وقفات عز وبطولة في مواجهة الصهاينة على أرض فلسطين المحتلة.
لا شك أن تاريخ البطولة في المناطق التي تحوي هذا النسيج الاجتماعي السوري هو ليس تاريخاً طائفياً ولا مذهبياً كما يحاول المتآمرون العزف على أوتاره وإنما تاريخ يحظى بالنخوة والبطولة والعزة القومية والوطنية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن