سورية

«مضاد الدروع» يدخل حرب الوكالة بين تركيا والولايات المتحدة شمالي حلب

| أنس وهيب الكردي

في مؤشر على تصعيد حرب الوكالة الدائرة بين تركيا والولايات المتحدة شمالي حلب، دمرت الميليشيات المدعومة أميركياً 3 دبابات لقوات «درع الفرات» خلال اليومين الماضيين. ولم يمنع غياب الطائرات الأميركية عن أجواء ريف حلب الشمالي، واشنطن من دعم وكيلها «مجلس منبج العسكري» التابع لـ«قوات سورية الديمقراطية»، بشحنة أسلحة (شملت مضادات دروع) ومدرعات، ستوفر لعناصر المجلس القدرة المناسبة لتعزيز مواقعه حول مدينة الباب من أجل تحديد مناطق النفوذ التركي.
شحنة الأسلحة الجديدة التي وصلت إلى منطقة منبج مؤخراً ضمن صفقة بين واشنطن و«وحدات حماية الشعب» الكردية، مكنت، قوات «مجلس منبج العسكري» من اقتحام بلدة العريمة الواقعة في الوسط بين الباب ومنبج، والسيطرة على أجزاء منها. وبهذا الدعم لـ«منبج العسكري» في غربي سورية، تريد واشنطن تسريع عملية الرقة في الشرق منها، عبر طمأنة «وحدات حماية الشعب» الكردية إلى نفوذها غربي نهر الفرات.
وفي التفاصيل، أعلنت غرفة عمليات «حوار كلس» أن الفصائل المدعومة تركياً طردت داعش من عدة قرى في محيط مدينة الباب. وبحسب بيان أصدرته على حسابها في موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي، ذكرت غرفة «حوار كلس» أن الميليشيات سيطرت على قرى جب البرازي، دويرة، وبرات الواقعة شمال شرق وشمال غرب الباب. وأشارت الغرفة، التي شكلتها تركيا من الميليشيات المنضوية تحت لواء عملية «درع الفرات»، إلى تصدي الميليشيات لمحاولة عناصر داعش اقتحام قرية كفيرا، شمال مدينة الباب، استهلها التنظيم بإرسال عربة مفخخة إلى القرية. وأوضحت أن الميليشيات تمكنت من تفجير العربة في أطراف كفيرا.
وبدا أن تركيا بصدد الانتقال إلى مرحلة جديدة في حملة الباب بعد محدودية الإنجازات التي حققتها الحملة منذ إطلاقها قبل أكثر من عشرة أيام. وفي هذا الصدد وصل رئيس هيئة الأركان التركية الجنرال خلوصي آكار إلى ولاية كلّس الحدودية المقابلة لمحافظة حلب، حيث التقى محافظها قبل أن يغادر إلى الشريط الحدودي بغرض الاستطلاع وتفقّد القوات المسلحة التركية.
من جهة أخرى، أشارت «حوار كلس» إلى أن الميليشيات المدعومة تركياً، طردت عناصر «حماية الشعب» من قريتي برشايا وجب الدم. وقبل يومين سيطرت ميليشيات «درع الفرات» على قريتي عرب ويران والشيخ ناصر غرب مدينة منبج بريف حلب الشرقي، بعد اشتباكات مع «الوحدات».
ومنذ أيام، وطائرات «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن لضرب داعش، غائبة عن أجواء ريف حلب الشمالي، على الرغم من استمرار المواجهات بين قوات «منبج العسكري» وقوات «درع الفرات» حول مدينة الباب. وعلى الأرجح أن هذا الغياب مرتبط برفض واشنطن تغطية حملة الباب التي أطلقتها أنقرة مؤخراً، ما دفع الأخيرة إلى منع الطائرات الأميركية من تنفيذ عمليات في شمال حلب انطلاقاً من قواعدها. على الرغم من ذلك، يبدو أن واشنطن عززت وضعية وكلائها في منبج. وفي هذا السياق، كشف «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض عن استخدام عناصر «مجلس منبج العسكري»، صواريخ مضادة للدروع في معاركها كع قوات «درع الفرات».
وبيّن المرصد، أن عناصر «المجلس» تمكنوا خلال اليومين الفائتين، من تدمير (3) دبابات لمسلحي عملية «درع الفرات». ولم يستطع المرصد تحديد إذا ما كانت تلك الدبابات تابعة للجيش التركي أم للميليشيات المتحالفة معه. ونقل المرصد عن مصادر موثوقة: إن أسلحة وعربات مدرعة ودبابات وصلت إلى منطقة منبج وللمجلس العسكري فيها. وأكدت المصادر، بحسب المرصد، أن المساعدات العسكرية شملت صواريخ مضادة للدروع. وخلال هذا الشهر وصلت شحنتي أسلحة مقدمة من التحالف إلى «قوات سورية الديمقراطية»، من العراق إلى الرقة والحسكة. وربما وجد قسم من هذه الأسلحة طريقه إلى منبج.
وفي هذا الصدد، ذكرت مصادر خاصة لـ«الوطن» أن وراء انسحاب عناصر «حماية الشعب» من منبج صفقة بين «الوحدات» وواشنطن. وبموجب الصفقة تنسحب «الوحدات» من منبج وتلقي كامل ثقلها في عملية الرقة، مقابل موافقة الولايات المتحدة على قيام ضباط أميركيين بتدريب عناصر «منبج العسكري»، وتزويدهم بالسلاح الثقيل اللازم للدفاع عن مدينة منبج من «درع الفرات» وتعزيز وجودهم غرب منبج عبر السيطرة على بلدة العريمة الخاضعة لسيطرة داعش. وبالفعل، اقتحم عناصر «مجلس مبنج العسكري» أمس أطراف بلدة العريمة وسيطروا على أجزاء من البلدة. ويسعى «منبج العسكري» للسيطرة على البلدة الإستراتيجية التي توسع نطاق سيطرتهم في ريف منبج، ومنها قد يسعون للانتقال إلى قباسين.
ويعكس إصرار واشنطن في دعم وجود «الديمقراطية» غربي نهر الفرات، عدم رضاها عن تسليم منبج للميليشيات المتحالفة مع تركيا، نظراً لتأثير ذلك في عملية الرقة.
واللافت أن الجيش التركي لم يعلن أمس عن أي قصف لمواقع «حماية الشعب» أو تنفيذ طائرات التحالف الدولي عمليات في ريف حلب الشمالي. وبحسب بيان صادر عن هيئة أركان الجيش التركي، شنت الطائرات التركية يوم الثلاثاء، 9 غارات على مواقع داعش في مدينة الباب ومحيطها. وأقر البيان الصادر أمس، بحسب وكالة «الأناضول»، بمقتل 4 من أفراد ميليشيات «الحر» وجرح جنديين تركيين خلال الاشتباكات العنيفة مع داعش. لكن البيان لم يورد أي تفاصيل بخصوص تدمير الدبابات.
وبالترافق مع التصعيد التركي الأميركي عملت أنقرة على إرسال إشارة تهدئة عبر البدء في بناء جدار حدودي قبالة مدينة تل أبيض شمالي محافظة الرقة، التي تسيطر عليها «وحدات حماية الشعب». ومنذ إطلاق عمليتها «درع الفرات» في الشمال السوري، عملت أنقرة على زعزعة استقرار تل أبيض إلى أن نشرت الإدارة الأميركية قوة من الوحدات الأميركية الخاصة داخل المدينة وفي مركزها الحدودي.
وأفادت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء، بأن السلطات التركية بدأت ببناء الجدار الإسمنتي على طول الحدود الفاصلة بين الأراضي السورية ومنطقة أقجة قلعة التابعة لولاية شانلي أورفة، موضحةً أن آليات الحفر في حي حريت المتاخم لمدينة تل أبيض، بدأت حفر الخنادق تمهيداً لبناء الجدار.
ومنذ أكثر من عامين، والسلطات التركية تبني جداراً على طول حدودها الجنوبية مع سورية، وذلك استجابة للضغوط الدولية عليها، لمنع عبور المقاتلين الأجانب عبر الحدود، للالتحاق بتنظيم داعش.
ومع تأمين انسحاب «الوحدات» من منبج للمشاركة في عملية الرقة وتعزيز مجلس كبرى مدن الريف الحلبي العسكري بالسلاح، عملت واشنطن على تسريع عملية الرقة. وأكدت مصادر إعلامية معارضة أن تعزيزات عسكرية أميركية (دبابات إضافة إلى رتل من السيارات الرباعية الدفع) قادمة من قاعدة رميلان العسكرية وصلت صباح أمس إلى بلدة عين عيسى، بريف الرقة الشمالي.
وفي هذا السياق، سيطرت «قوات سورية الديمقراطية»، مدعومة بقصف طائرات التحالف الدولي، على مضخة مياه قرية الكالطة عقب اشتباكات مع تنظيم داعش على حين تراجعت عن التلة الشمالية للقرية عقب استهداف التنظيم لها بسيارتين مفخختين. وأسفر انفجار لغم زرعه مسلحو داعش في محيط قرية تل السمن قبل انسحابهم، عن مقتل ثلاثة عناصر من «الديمقراطية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن