قضايا وآراء

أردوغان… أنا أو الطوفان

| ميسون يوسف 

منذ اليوم الأول لاندلاع العدوان على سورية منذ ست سنوات تقريباً برز الدور التركي عامة ودور أردوغان شخصيا واضحاً في طبيعته الإجرامية المتعددة العناوين.. الدور المركب من سياسة الابتزاز والنفاق والمتاجرة بالإنسان بصرف النظر عن أي قاعدة من قواعد الدين والأخلاق والقانون… والذي عادته الابتزاز والمتاجرة بالإنسان ويمتهن ذلك بصرف النظر عمن يكون الطرف الذي يتعامل معه، يستمر في سلوكه اللاأخلاقي من دون وازع وهذا ما تجلى اليوم في المواجهة القائمة بين أردوغان والاتحاد الأوروبي على خلفية سعي تركيا للدخول في الاتحاد الأوروبي الذي يمتنع حتى الآن عن منحها جواز المرور لأكثر من سبب واعتبار… وتطور الرفض هذا مؤخراً إلى الحد الذي دعا فيه البرلمان الأوروبي إلى تجميد المحادثات مع تركيا أو تعليقها مؤقتا في موقف اعتراضي على سياسة أردوغان بصدد حقوق الإنسان واحتضان الإرهاب… ولكن تركيا التي عادتها الابتزاز لم تعالج أسباب التعليق في ردها بل اتجهت إلى الابتزاز مجدداً إذ بعد ساعات على تبني البرلمان الأوروبي قراره هدد رئيس النظام التركي رجب أردوغان بفتح الحدود أمام المهجرين من أرضهم بفضل سياسة أردوغان الداعمة للإرهاب للتوجه نحو أوروبا وانبرى رئيس وزرائه بن علي يلدريم للتحذير من أن أوروبا قد تغمرها موجات من المهاجرين في موقف يهدف منه الضغط على الأوروبيين لحملهم على السكوت عن سياسة أردوغان الإجرامية. فهل تخضع أو تنصاع أوروبا للتهديد؟
يبدو أن الرد الأوروبي الأولي الذي جاء على خلفية التهديد يبدو أنه لن يكون كما يشتهي أردوغان. حيث إن المتحدثة باسم الخارجية الألمانية أكدت ضرورة التزام تركيا والاتحاد الأوروبي باتفاق المهاجرين مع فصل ملف المفاوضات المجمدة عن قضية المهجرين لأن للجانبين مصلحة بذلك. أي كان هناك رفض ضمني لتهديد أردوغان والبقية تأتي. لقد امتهن أردوغان استخدام ملف المهجرين واللاجئين بطريقة مشينة لأكثر من مرة ولوح مرارا بورقتهم في وجه أوروبا مهددا بفتح حدوده لإغراق أوروبا بموجات منهم لدى كل موقف كانت تتخذه أوروبا ضده بسبب انتهاكاته لحقوق الإنسان وكانت النتيجة ابتزازا ينجح أردوغان بفرضه حينا وتراجعا منه حينا آخر فكيف ستنتهي مواجهة اليوم؟.. لقد سارع أردوغان في بدء العدوان على سورية إلى بناء مخيمات لإيواء من افترض أنهم سيكونون مهجرين من سورية حتى قبل أن يكون شخص سوري واحد قد فكر بالخروج من منزله. ولكن تبين أن أردوغان كان يخطط لتأسيس هذا الملف واستثماره في أكثر من اتجاه بدءا بدعم الإرهاب بعد أن حول المخيمات إلى معتقلات ومعسكرات ما زالت صورتها ماثلة في الأذهان وتفضح دوره في انتشار الإرهاب والحرب على سورية وكذلك استخدامه المعاناة الإنسانية للمهجرين كورقة لسياساته الإجرامية ولأحلامه الاستعمارية… ومنها ضد أوروبا كورقة ضغط وابتزاز.. ورفضا للتهديد التركي تتمسك أوروبا بالاتفاق الذي اضطر الاتحاد الأوروبي لتوقيعه مع أنقرة في 29 تشرين الثاني العام الماضي بعد موجة الهجرة التي أغرقتها عبر الحدود التركية وهو الاتفاق الذي حصلت تركيا بموجبه على تعهد بإعادة إحياء محادثات انضمامها للاتحاد ومبلغ 3 مليارات يورو لتحسين أوضاع السوريين على أراضيها. ولكن كما يبدو أن الطرفين يخلان ببنود الاتفاق ويتبادلان التهديد لانعدام الثقة بينهما والنتيجة تكون زيادة في معاناة الناس الذين كانوا ضحايا السياسة العدوانية والاستعمارية لكل من تركيا وأوروبا.
الحل الحقيقي لهواجس أوروبا من المهجرين لا يكون بإرضاء تركيا والاستجابة لابتزازها بل بالعمل على إطفاء النار على الأرض السورية ووقف دعم الإرهاب ومحاربته بما يمنع التهجير ويعيد الناس إلى ديارهم فهل تسلك أوروبا الطريق الصحيح وتتفلت من ابتزاز أردوغان؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن