سورية

الجيش يتقدم في الحيدرية والحلوانية والشيخ لطفي في حلب ويسيطر على 8 أحياء جديدة وربع مساحة الأحياء الشرقية

| حلب – الوطن

يوم استثنائي عاشته حلب أمس على وقع انتصارات الجيش العربي السوري شرقي المدينة والذي رفع الهمم وشحذ معنويات السكان على امتداد رقعة الجغرافية السورية باقتراب موعد إعادة توحيد الشهباء وإنهاء ملف الوجود المسلح الذي دمرها وأنهك وشرد أهلها.
واستطاع الجيش تحقيق إنجازات متتالية فرضت على مسلحي الأحياء الشرقية الانهيار والانسحاب بشكل دراماتيكي من ثمانية أحياء دفعة واحدة أمس شكلت مع الأحياء والمناطق السابقة التي هيمن عليها الجيش منذ بدء عمليته العسكرية أكثر من ربع مساحة الأحياء الشرقية من المدينة والتي يسيطر عليها المسلحون منذ آب 2012.
ومع تقدم الجيش المطرد والمستمر لم يتبق أمامه سوى أقل من 900 متر حتى مساء أمس فقط لوصل قواته المتقدمة من الشمال الشرقي إلى مناطق سيطرته داخل المدينة سابقاً في ظل تبدل خريطة السيطرة لمصلحته بشكل آني مع انهيار صفوف المسلحين وتشكيلاتهم المتداعية ومعنوياتهم المنهارة.
وقت قصير وربما ساعات قصيرة لينجح الجيش في تقطيع أوصال الأحياء الشرقية من حلب إلى شطرين أحدهما على وشك الانهيار والثاني جاري العمل على تقسيمه إلى قطاعات أمنية يسهل السيطرة عليها تباعاً وتقريب أجل مسلحيها ودفعهم إلى تسليم أنفسهم في زمن بدا أنه أقصر مما كان متوقعاً أو القبول بالمصالحات الوطنية وفق شروط الدولة السورية.
وعلى الرغم من ارتفاع أعداد المدنيين الذين أمنهم الجيش من شرق المدينة إلى غربها حيث مناطق سيطرته إلى رقم قياسي أمس إلا أن اللافت خلو بعض الأحياء التي استردها الجيش بشكل تقريبي من السكان، وهي التي كانت مأهولة بكثافة قبل احتلالها من المسلحين، ما يدل على أن عدد الأهالي الذين ما زالوا مقيمين في مناطق سيطرة المسلحين أقل بكثير مما أشاعوه عبر أبواقهم الإعلامية للعزف على الوتر الإنساني عالمياً لدى الدول الداعمة لهم لكسب تأييد الرأي العام العالمي لوجودهم المسلح الذي استمر أكثر من 4 سنوات.
فبعد السيطرة على مساكن هنانو السبت وكسر شوكة المسلحين في معقلهم الأهم والأبرز، تقدمت منها وحدات الجيش في الاتجاهات كافة واستكملت السيطرة على مساحة حيي الأرض الحمرا وجبل بدرو المجاورين بشكل كامل، ولتتقدم من الأخير باتجاه حي «الحلوانية» الذي اقتحمته وسيطرت على أجزاء منه مثل منطقة فروج الشرق وعلى نقاط في طريق الباب وأوتستراد مطار حلب الدولي ولتغدو المنطقة التي تفصل جبل بدرو جنوب شرق مساكن هنانو وصولاُ إلى مطاري النيرب العسكري وحلب الدولي تحت سيطرة الجيش.
وتقدمت وحدات الجيش من مساكن هنانو إلى مشتل حي الصاخور فمستديرته وجسره ذي الموقع الإستراتيجي ولتنهار صفوف دفاع المسلحين داخل حي الصاخور المعقل الأهم مع حي الشعار المجاور لـ«جبهة النصرة» (جبهة فتح الشام حالياً) المدرجة على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية، ما شكل ضربة قاصمة لها ستمتد مفاعيلها إلى عمق الأحياء الشرقية مثل كرم القاطرجي وكرم ميسر لجهة الجنوب.
وتوغلت وحدات الجيش بالتزامن أيضاً نحو حي الحيدرية المتاخم لمساكن هنانو وسيطرت على أجزاء منه وكبدت المسلحين فيه خسائر بشرية وعسكرية كبيرة اضطرتهم للتمركز في خطوط دفاعه الخلفية وهرب بعضهم إلى أحياء أخرى بعيداً من ضربات الجيش التي لم تقتصر على أحياء خطوط التماس والاشتباك.
من جهة جنوب المدينة، شن الجيش العربي السوري والقوات الرديفة له هجوماً من قرية عزيزة نحو بساتين حي الشيخ لطفي وسيطرت على نقاط متقدمة بعد تلة الشرطة الذي استولت عليه الأربعاء الماضي ولا تزال الاشتباكات مستمرة في المحور الحيوي حتى تحرير الخبر مساء أمس.
وبالانتقال إلى المحور الشمالي الشرقي للمدينة، تابع الجيش هجومه وضغطه العسكري باتجاه مستديرة بعيدين الإستراتيجية وبسط سيطرته عليها ثم تقدم بمؤازرة لواء القدس الفلسطيني في حيي بعيدين والإنذارات ومد نفوذه إليهما في زمن قياسي بعد قتل أعداد كبيرة من المسلحين بينهم قيادات ميدانية لم تعد تصدر عن قبضاتها اللاسلكية صرخات النجدة. كما سيطر الجيش على حي عين التل المتاخم لحي بعيدين.
ولم يتوقف الجيش عند حدود الإنذارات وبعيدين فتابع مع انهيار معنويات وصفوف المسلحين اقتحامه لحي الهلك الذي سيطر عليه. ومع حلول المساء تقدم الجيش من المناطق التي تقع تحت هيمنته في حي بستان الباشا، والذي يشكل مصدر التهديد الأول للأحياء الآمنة المجاورة بالقذائف المتفجرة التي يطلقها مسلحوه باتجاهها، ومد نفوذه بمشاركة «وحدات حماية الشعب»، ذات الأغلبية الكردية، على ما تبقى من الحي الذي تهيمن عليه ميليشيا «فرقة السلطان مراد» التي تتلقى أوامرها مباشرة من أنقرة. بالتوازي تابع الجيش العربي السوري عمليات تأمين المدنيين الفارين من الأحياء التي استردها ومن خطوط التماس والاشتباك ونقلهم إلى مناطق سيطرته في الأحياء الغربية من المدينة حيث تتولى محافظة حلب تأمين احتياجاتهم وإسكانهم في مراكز الإيواء المخصصة لهم.
وعلمت «الوطن» أن يوم أمس شهد تأمين أكثر من 1500 مدني تم نقلهم من شرق المدينة إلى غربها وجرى توفير مستلزمات عيشهم وسكنهم انضموا إلى عدد مماثل تقريباً باتوا في عهدة الحكومة السورية التي وفرت لهم الأمن والاستقرار بعدما اتخذهم المسلحون دروعاً بشرية لمنع تقدم الجيش وسيطرته على أحياء شرقي المدينة.
من جانبه، تحدث مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض لوكالة «فرانس برس»: أن «عدد الفارين من الأحياء الشرقية منذ ليل السبت الأحد تجاوز الأربعة آلاف مدني، توجه أكثر من 2500 منهم إلى حي الشيخ مقصود، ذي الأغلبية الكردية على حين وصل نحو 1700 مدني إلى مناطق سيطرة قوات النظام».
الجيش الخدمي متمثلاً في مجلس المدينة ومديرياته الخدمية وباقي دوائر ومؤسسات الدولة لعبوا الدور المتمم للجيش السوري، فسارعوا إلى تهيئة الأرضية والبنية التحتية لعودة حي مساكن هنانو للحياة ودخلت الآليات وعمال الصيانة وتأهيل الشوارع وإزالة الأتربة والقمامة تمهيداً لعودة أبنائه إليه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن