قضايا وآراء

كيف تنظر إسرائيل إلى حرب تحرير الموصل؟

| صياح عزام 

تؤكد تطورات الأحداث أن إسرائيل مستاءة من الحرب الدائرة لتحرير الموصل من عصابات «داعش».. والسؤال لماذا؟
أولاً- لأن هذه الحرب تدور في غياب أي مشاركة أو دور مباشر لها فيها، وهذا ما تُعده أمراً ذا مردودٍ سلبي مزدوج، لأنها تخشى أن يتم تجاهلها في أي ترتيبات لخرائط النفوذ الدولي والإقليمي في المنطقة ولاسيما في العراق، وأن تكون تلك الخرائط على حساب ما تُسميه «الأمن الإسرائيلي»، وبالتحديد ما يتعلق بالجبهة الشرقية، حيث تعتقد أن رياح الخطر يمكن أن تهب عليها منها مستقبلاً، وكذلك الخشية من التقليل من الدور الإقليمي لإسرائيل في الشرق الأوسط ضمن الشراكة الأميركية الإسرائيلية، أو أن تتحول هذه الشراكة الأميركية مع إسرائيل إلى شراكة مع تركيا أو إيران.
ثانياً- الأمر الثاني المزعج لإسرائيل بسبب تجاهلها هو مستقبل الموصل بعد تحريرها من «داعش» وعلى سبيل المثال، يتساءل «آلون بن ديفيد» في صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، هل ستعود الموصل إلى السلطة المركزية في العراق المدعومة من إيران؟ أم سيملأ الفراغ فيها بعد طرد «داعش» منها تنظيم «سني» آخر؟ ويشير إلى أن إسرائيل قلقة جداً مما أسماه غموض مستقبل العراق كله، والموصل بشكل خاص، ولاسيما من إمكانية اكتمال ما أسماه «الهلال الشيعي» من إيران إلى العراق وسورية ولبنان.
لا شك بأن إسرائيل سعيدة لعودة الاهتمام الأميركي بالعراق، لأن هذا الاهتمام يُطمئنها إزاء أي مخاطر قد تأتيها من العراق مستقبلاً، إلا أن التنافس التركي- الإيراني على العراق هو الهاجس المقلق للإسرائيليين في هذه الأيام، إذ يعتقدون أن المصالح الإيرانية تتحقق وتتوسع في العراق من خلال دور الحكومة العراقية المدعومة من إيران، ومن خلال الدور المتنامي للحشد الشعبي العراقي، على حين أن تركيا ترفض أي تقدم للحشد الشعبي باتجاه «تلعفر» حيث ترى فيه خطاً أحمر كما أنها تعمل باتجاه إيجاد «منطقة آمنة» برعايتها لحماية «الأقلية التركمانية» عبر تدخل عسكري مشابه لعملية «درع الفرات» في سورية، الأمر الذي جعل إيران تهدد بإقامة قاعدة عسكرية لها في «القيارة» جنوب الموصل، إذا أصرّت تركيا على إقامة قاعدة عسكرية في «بعشيقة».
ولكن، بالتوازي مع مثل هذه المخاوف الإسرائيلية الممزوجة بالحسرة تجاه الموصل، يعمل قادة الكيان الصهيوني على الحصول على مكاسب على المستوى السياسي والأمني على هامش حرب تحرير الموصل وعلى سبيل المثال، يرى المعلق الأمني في صحيفة «معاريف» الإسرائيلية المدعو «يوسي فيلمان» أن حرب الموصل وفّرت الفرصة لإسرائيل لتعمل «كما يحلو لها» في الضفة الغربية وفي قطاع غزة في ظل الانشغال الإقليمي والدولي بحرب تحرير الموصل مثل «توسيع الاستيطان، إصدار قوانين تضيّق على الفلسطينيين، الاستفراد في قتل واعتقال وقمع كل من يتحرك منهم بمواجهة إسرائيل».
وأضاف قائلاَ: يطمح الإسرائيليون إلى أكثر من ذلك، كأن يُصار إلى شنّ حرب واسعة النطاق من الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، وهكذا نخلص إلى القول إن قلق إسرائيل من عدم المشاركة في حرب تحرير الموصل، يشير إلى أطماعها التوسعية في الأراضي العراقية، وإلى حرصها على أن يكون لها دور قيادي على مستوى المنطقة العربية والشرق الأوسط بأسره.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن