من دفتر الوطن

الموت.. زميل لا نحبه!!

| عبد الفتاح العوض 

كيف أصبحت علاقة السوريين مع الموت بعد اقترابنا من ست سنوات من الموت؟ هل تعايشنا معه.. هل خبر موت قريب أو صديق ما زال يحرك بحار أحزاننا أم هو مجرد خبر آخر كنا سنكون أفضل لو لم نسمعه؟.
أسئلة كثيرة يمكن أن تتتالى متداعية أمام حقيقة أن الموت زميل يرافقنا لكننا لا نحبه.. أو عدو ما من صداقته بد.
لا أدري كيف خطر على ذهني سؤال… لماذا تم اختيار اللون الأبيض للكفن وهو لباس الميت وتم اختيار اللون الأسود لأهل الميت وهم «الأحياء».
من هنا بدأت فكرة الحديث عن علاقة السوريين مع الموت وهل اختيار اللون الأبيض للميت هو موقف من الموت؟…
هل يمكن أن يكون الموت راحة من حياة؟ هذا حال أبي محمد المهلبي -صار فيما بعد وزيرا – قال في حالة ضعف:
ألا موتٌ يُباعُ فأشتريه
فهذا العيشُ ما لا خَيرَ فيهِ
ألا موتٌ لذيذُ الطعمِ يأتي
يُخَلِّصَنِي من العيشِ الكَريه!
لا أدري إن كانت نظرته للأمور قد تغيرت بعد أن أصبح وزيراً..
لكن العقل العربي يبقي الموت حدثاً مأسوياً ومصيبة تستدعي النواح والأحزان..
وفي الموروث الشعبي يقال: سقطت ورقته إذا انتهت حياته وهو ما له علاقة بما جاء بالتراث الإسلامي من أن هناك شجرة عليها أسماء الأحياء عندما تسقط الورقة تكون إيذاناً بنهاية حياته وهناك أيضاً تعبير أفل نجمه… وأيضاً لها علاقة بالموروث البابلي حيث اعتبر أن لكل انسان نجماً في السماء عندما يموت ينطفئ نجمه.
الفلاسفة كانت لهم آراء متباينة من الموت.. بعضها مأساوي والبعض الآخر يراه تخلصاً من عبء الحياة بينما البعض الآخر وجده استكمالاً طبيعياً لدورة الحياة.
في مجتمعنا السوري بقي التعامل مع الموت على أنه مأساة لا مهرب منها وفي طقوس وتقاليد الموت العزاء جزء من الواجب… لكن بعد هذه الحرب المجنونة بدأت تتغير علاقة السوريين مع الموت… بقي حزيناً بل زادت دوافع حزنه فهو موت يتم بأيدي سوريين.. لكنهم اعتادوا عليه وأصبح حدثاً يمر عليهم كل يوم ربما أكثر من مرة وتحولت صفحات الفيس البوك كما لو كانت «نعيات» تعلق مباشرة.. كما أصبحت التعازي تعليقات وإعجابات.
السوريون منذ القدم لديهم احتفاء خاص بالحياة.. لهذا فإن الموت سيظل بالنسبة لهم حدثاً مأساوياً مهما تكرر ولا يمكن اعتياد فكرة الموت … ولا التعايش معه.. لكن الشيء المؤكد أن شعباً يستطيع أن يتعامل مع الموت كل هذه السنوات الطويلة لا بد أنه يؤمن بأن ثمة حياة بعد كل هذا الموت.

أقوال حيّة:
يجب ألا نبكي على أصدقائنا، إنها رحمة أن نفقدهم بالموت، ولا نفقدهم وهم أحياء.
لا يوجد وهم يبدو كأنه حقيقة مثل الحب، ولا حقيقة نتعامل معها وكأنها الوهم مثل الموت.
استهينوا بالموت فإن مرارته من خوفه.
لنبدأ الحياة كل يوم من جديد كما لو أنها بدأت الآن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن