سورية

أوروبا ترى نفسها «القادر الوحيد».. وتضع الملف «آخر ورقة ضغط» على موسكو … الغرب يتجاهل قدرة حلفاء سورية على إعادة إعمارها

| سامر ضاحي

تجاهلت الصحف الغربية في توقعاتها حول تكاليف إعادة الإعمار في سورية قدرة حلفاء دمشق على الإيفاء بتكاليف هذا الأمر وقدراتهم الاقتصادية اللازمة له، معتبرة أن الاتحاد الأوروبي وحده يمتلك قدرات تمكنه من إعادة الإعمار في سورية، ومتناسية أن أوروبا لا زالت حتى اليوم «تابعة» لواشنطن. وقدمت صحيفة «نيويورك تايمز» صورة قاتمة لسورية ما بعد الحرب، معتبرة أنه إذا ما تحقق النصر للحكومة السورية، فإن القتال لن يتوقف في البلاد بمجرد استعادة حلب، ورأت أن إعادة الإعمار في سورية ستكون ذات كلفة باهظة لا يمكن لأحد تحملها سوى أوروبا!.
وفي تعليق على ما جاء في الصحيفة الأميركية، قالت مصادر مراقبة بدمشق في تصريح لـ«الوطن»، بأن ما ذكرته «نيويورك تايمز» يتناغم مع إعلان الاتحاد الأوروبي خطة مشروطة لإعادة إعمار سورية.
وكان الاتحاد الأوروبي أصدر مسودة أرسلتها مسؤولة السياسة الخارجية فيه فيدريكا موغيريني إلى «الائتلاف» المعارض منذ أيام تحت عنوان «مناقشة بشأن مستقبل سورية».
وتضمنت المسودة التي نقلتها وسائل إعلامية داعمة للمعارضة ما وصفته بالأهداف الرئيسية، وشملت الانتقال إلى مفاوضات تكون بقيادة سورية وتحت إطار قرار مجلس الأمن 2254 وفق مبادئ عدة هي أن تبقى سورية بلداً موحداً يقودها نظام سياسي تعددي بحكومة شرعية تخضع للمساءلة.
وجاء في المسودة أيضاً أن الوضع النهائي المرضي لجميع الأطراف يحتاج لأربعة عناصر، هي نظام مساءلة سياسية، ولا مركزية أو تفويض بالسلطات والمصالحة وإعادة الإعمار.
كما تضمنت المسودة أسئلة للائتلاف من بينها «كيف ستنسق جهود إعادة إعمار ناجحة في سورية يجري خلالها تقاسم الأعباء؟». وربطت المسودة مشاركة أوروبا بإعادة الإعمار بحصول انتقال سياسي في سورية.
وشددت المصادر على عدم استغرابها من أن تغيّب الصحيفة متعمدة إنشاء دول «البريكس» بنكاً لتمويل سورية مثلاً؛ وتساءلت: «وكيف لها أن تعلم علم اليقين أن دولاً مثل روسيا وإيران وحتى الصين لن تكون قادرة على المساهمة في إعادة إعمار سورية؟»، وتساءلت أيضاً: «إذا لم تكن الصين، بقدراتها الاقتصادية، قادرة على إعادة الإعمار فهل ستتمكن أوروبا التابعة لأميركا من ذلك؟»
ورأت المصادر، أنه بالتوازي مع الصور القاتمة للمستقبل السوري لم يفت الصحيفة أن تظهر الجانب الإنساني للمسلحين «الحريصين على حياة المدنيين» بحسب ما ذكرت الصحيفة، في حين تقوم الحكومة السورية «بقصفهم»، وأضافت المصادر ساخرة: «أما المسلحون رقيقو القلب فهم يعقدون الاجتماعات للتوصل إلى حلول لإنقاذ المدنيين من المجاعة. كيف لا، وهم لم يقوموا منذ البداية باحتجاز المدنيين ومنعهم من الخروج لاتخاذهم دروعاً بشرية!؟».
ويأتي حديث المصادر متوافقاً مع ما ذكرته صحيفة «الغارديان» البريطانية عن تهديدات أوروبية لروسيا بتحميلها كلفة إعادة الإعمار في سورية لكنها قرأت التهديدات على أنها «آخر الأوراق بيد المسؤولين الأوروبيين للضغط على موسكو».
وحسبما نقلت قناة «الميادين» عن صحيفة «الغارديان» فإن القادة الأوروبيين وتحديداً الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند «يحذرون في اجتماعات مغلقة بأنه سيكون على روسيا أن تدفع فاتورة إعادة إعمار سورية في حال سمح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرئيس بشار الأسد بتحويل السيطرة المتوقعة لحلب إلى انتصار عسكري في معظم أنحاء البلاد».
ونقلت «الغارديان» عن دبلوماسي غربي قوله: «إن ما تكسره روسيا سوف يكون على موسكو إصلاحه»، معتبراً «أن الاتحاد الأوروبي هو في الواقع اللاعب الوحيد الذي يملك الموارد اللازمة لإعادة إعمار البنية التحتية في بلد مزقته الحرب الأهلية لخمس سنوات»، وتناسى موارد الدول الداعمة لدمشق كروسيا والصين أو حتى جنوب إفريقية وإيران وغيرهما.
ولفتت الصحيفة إلى التقارير الروسية التي تحدثت عن رغبة بوتين بتدويل خطة في سورية على غرار مشروع مارشال عام 1947م، مع تشارك المسؤولية بين الاتحاد الأوروبي والسعودية وإيران والصين، لكن الدبلوماسيين الغربيين أوضحوا «أن الاتحاد الأوروبي لن يوقع أي شيكات لبلد يديره رجل متهم بجرائم حرب» على حد تعبير الصحيفة.
ومشروع مارشال هو المشروع الاقتصادي لإعادة إعمار أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية الذي وضعه وزير خارجية أميركا ورئيس هيئة أركان الجيش الأميركي الجنرال جورج مارشال أثناء الحرب العالمية الثانية منذ كانون الثاني 1947 والذي أعلنه في 5 حزيران من ذلك العام للإشراف على إنفاق 12.9925 مليار دولار أميركي قد سميت «منظمة التعاون والأمن الاقتصادي الأوروبي» وقد ساهمت هذه الأموال في إعادة إعمار وتشغيل الاقتصاد والمصانع الأوروبية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن