سورية

جاموس يرى أن من أولويات الأمن الوطني التركيز على العمل التشاركي الديمقراطي … «مداد».. لضبـط أو احتــواء ظاهــرة «أمـراء الحــرب» وسورية الراهنة تمثل مابقي من «سورية التاريخية»

| مازن جبور

دعا مركز دمشق للأبحاث والدراسات «مداد» إلى التدقيق والمراجعة في محددات مواقف فواعل الأزمة السورية، بما فيها الحكومة والمعارضة، وضبط أو احتواء ظاهرة «أمراء الحرب»، وانتشار السلاح وشبكات التهريب. كما دعا إلى العمل على عقد اجتماعي جديد أو مراجعة الراهن، ومراجعة قوانين الإدارة المحلية، والانتخابات، والأحزاب السياسية، ومراجعة نظام التجنيد وسياساته.
جاء ذلك في الجلسة الأولى من نشاط «رواق دمشق» الدوري الذي أطلقه المركز أمس حيث قدم خلالها الباحث في الشؤون السياسية عقيل سعيد محفوض، عرضا لدراسته الصادرة عن المركز بعنوان: «دروس الحرب، أولويات الأمن الوطني في سورية»، بحضور نخبة من الأكاديميين والمثقفين وشخصيات معارضة، وبرزت خلال المداخلات تأكيدات على «إعادة فرض سلطة القانون على الجميع وعدم السماح بحدوث تلاعبات»، وأن ذلك «يعتبر من أولويات الأمن الوطني لما له من علاقة لصيقة بهيبة الدولة ومؤسساتها».
واعتبرت الدراسة أن مهمة تحديد أولويات الأمن الوطني في سورية محفوفة بالمخاطر، في بلد لا يزال ضباب الحرب يحجب أي إمكانية للرؤية أو الاستشراف، وتساءل كيف يمكن تحديد أولويات الأمن الوطني في حالة الأزمة أو الصراع على معنى الوطن نفسه، وحيث يكون التوافق على معاني الوطن والمجتمع والدولة والسياسة إلخ.. أول تحديات الأمن.
ورأت الدراسة أن الحدث السوري كشف أنه من الأولويات على صعيد السياسات الخارجية والتفاعلات الدولية، فيما يخص الأمن الوطني السوري، احتواء مصادر سلوك الخصوم والتدقيق في سياسات الردع المختلفة، حيث كشف الحدث السوري عن أن السعودية وتركيا تمثلان مصدر تهديد كبير.
وحسب الدراسة، كان من الممكن لمقولة أو إستراتيجية «البحار الخمسة» أن تمثل إطاراً وعمقاً جيواستراتيجياً لسورية، ويبدو أن الفكرة أثارت مخاوف خصوم دمشق، في الوقت الذي لم توضع فيه الفكرة موضعاً مقبولاً، في أولويات الحكومة السورية نفسها.
كما دعت إلى «تقييم الأثمان المديدة والتأثيرات العميقة للتحالفات في فواعل الأزمة السورية، بما فيها الحكومة والمعارضة».
ووفقاً للدراسة فإنه يقتضي راهناً وفي المرحلة المقبلة أن تتركز الجهود على مراجعة مدارك وسياسات الأمن الوطني في ضوء خبرات وتجارب الحرب، وأن سورية الراهنة تمثل ما بقي من سورية التاريخية، ولا يمكن أن تكون آمنة من دون إطارها التاريخي، وأي إستراتيجية أمن تغفل ذلك مصيرها الفشل.
وأشارت إلى أنه يقتضي أن يعمل فيما يخص الأمن الوطني على احتواء قوامة الخارج على الداخل في فواعل الحرب، وتعزيز أولوية الداخل على الخارج في فواعل التسوية.
ورأت أن من الأولويات على صعيد السياسات العامة: «ضرورة تمركز السياسات العامة حول الجهد العسكري، وصياغة أطر مرجعية لسياسات أمن وطني، تكون محل توافق واسع ما أمكن، ومراجعة الدستور وقوانين الإدارة المحلية، والانتخابات، والأحزاب السياسية».
ودعت إلى أن «الإمساك بواجهة أو صدارة الفعل العسكري والميداني، والاهتمام بالتجنيد المناطقي والجبهوي، وإقامة نظم الدفاع الذاتي والمحلي، مع التأكد من تأمين عوامل ضبط وتحكم عالية، ومراجعة نظام إدارة العمليات العسكرية والإمداد العسكري والدعم والإسناد والحماية، ومراجعة نظام التجنيد وسياساته.. وضبط أو احتواء ظاهرة أمراء الحرب، وانتشار السلاح وشبكات التهريب.. إلخ، من ضرورات الأمن الوطني في سورية، بالإضافة إلى مجموعة من الأولويات في مجال الاقتصاد والبناء الاجتماعي.
واعتبر أن من الأولويات على الصعيد الاجتماعي بسبب أزمات اللاجئين، وما حدث من هندسة للهويات والجماعات، واختلال ديمغرافي أو سكاني، العمل على عقد اجتماعي جديد أو مراجعة وتوسيع أسس ونطاق العقد الاجتماعي الراهن، ووضع خطة وطنية لملف اللاجئين، ووضع سياسات تشجع على العودة وتأمين متطلباتها في البنى الأساسية والاحتياجات والإدماج الاجتماعي.
وفي تصريح لـ«الوطن»، اعتبر المدير العام لمركز دمشق للأبحاث والدراسات «مداد» هامس زريق أن نشاط «رواق دمشق» هو فرصة جدية وواسعة لإثارة الحوار بين كل مكونات المجتمع السوري حول قضايا ذات أهمية قصوى للمواطن السوري أولاً وللدولة السورية ثانياً بما يشكل حالة من التوافق بين مجموعة من المختصين والمثقفين السوريين أولويات تلك القضايا ويركز اهتماماتها على استخلاص النتائج والعبر المستفادة من الأزمة السورية.
وبيّن أن هذا المركز سيسعى إلى تقديم نتاج أبحاثه التي تقدم في هذه النشاطات التي يقيمها لصانع القرار السوري علها تقدم له إحاطة ودعماً في صنع القرار.
وأوضح أن الدراسة التي قدمت للنقاش وكل المداخلات التي جرت حولها سيقوم المركز بنشرها على موقعه الإلكتروني لمن يود الاطلاع عليها.
من جانبه، قال القيادي في «جبهة التغيير والتحرير» المعارضة فاتح جاموس الذي حضر الجلسة النقاشية لـ«الوطن»: إن من أولويات الأمن الوطني السوري التركيز على «أهمية العمل التشاركي الديمقراطي وما يفترضه من ضرورة إجراء تغيير تدريجي في نهج النظام باحتكار القرار بإدارة الأزمة، وما يرتبط بضرورة التغيير الديمقراطي العميق والفعلي، وعلى أهمية وجود مؤسسات تشاركية من مجلس وطني استشاري ودور في القرار يتعاون مع رئيس الجمهورية، وأهمية الحوار الوطني الداخلي فوراً، وفتح مسار وطني داخلي بين أطراف الخلاف القابلة بالعملية السياسية».
ودعا جاموس إلى «إطلاق مشروع سياسي جديد وطاقة جديدة قادرة على التجاوب مع الأزمة وتداعياتها وتعزيز فعلي لدور الجيش»، معتبرا أن تحديات الأزمة المختلفة (المهمات الوطنية المطروحة) تستحيل عملية التصدي لها من قبل النظام وخاصة السلطة السياسية فيه بنفس منهجه وبنيته وحلفائه».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن